التُمباك والنفاق !!

* أستغرب أن تقر (هيئة علماء السودان) بأن التمباك من الخبائث، وبأضراره ومخاطره الصحية الوخيمة على متعاطيه، ومنها مرض سرطان الفم والحلق والعنق الذى ينتشر فى السودان بشكل كبير، وتؤكد ذلك تقارير وزارة الصحة ومستشفى الذرة الذى يستقبل كل يوم مئات المصابين بالمرض نتيجة تعاطيهم للتمباك، ورغم ذلك تستنكر الحملة الصحفية على حزب ( المؤتمر الوطنى) لقبوله تبرعا من تجار التمباك قدره (10 طن)، بدلا عن الإشادة بها ومساندتها ودعمها، وتقديم السند الشرعى لها باعتبار أنها تهدف الى نفس (المقاصد) التى تهدف إليها الهيئة فى حماية الناس والمجتمع من أضرار التمباك!!

* وجاء فى الخبر الذى نشرته صحيفتنا أمس (7 يناير، 2017 )، ان هيئة علماء السودان طالبت الأجهزة الأمنية والدوائر ذات الصلة بمحاربة زراعة التبغ فى كافة أنحاء البلاد، وقالت ان استخدام التبغ فى المجالات كافة سواء كان دخانا أو صعوطا (تمباك)، أو تجارة أو غيرها حرام شرعا ولا يقل خطرا عن استخدام المخدرات باعتبار أنه من الخبائث، ولكنها إستنكرت تركيز الصحف على التمباك المتبرع به لنفرة حزب (المؤتمر الوطنى) بشمال دارفور، وقالت ان النفرة احتوت على مواد عينية أخرى غير التمباك، ولكن وسائل الاعلام اختارت التمباك “إمعانا فى الاثارة، واحداث البلبلبة والضجيج الذى لا يسمن ولا يغنى من جوع” !!

* وأوضح رئيس الهيئة بروفيسور (محمد عثمان صالح) لوكالة السودان للأنباء، ان كافة الدراسات الطبية أثبتت ضرر التبغ على صحة الانسان لأنه يتسبب فى الاصابة بالأمراض الخبيثة ومن بينها السرطان، مستشهدا بقول الله تعالى (ويحل لهم الطيبات، ويُحرِّم عليهم الخبائث” صدق الله العظيم.

* وفى رده على ما نقلته الصحف حول (نفرة التمباك)، طالب (صالح) وسائل الاعلام عامة، خاصة الصحف بالتثبت والتدقيق واستقاء الأخبار من مصادرها قبل النشر، تفاديا للوقوع فى مصيدة الفتنة والإثارة وإحداث البلبلة فى المجتمع السودانى، موضحا أن هذه النفرة تهدف لجمع التبرعات لدعم المؤتمرات القاعدية للحزب، واحتوت على مواد عينية عديدة غير التمباك، لكن وسائل الاعلام إختارت هذه العينة “إمعانا فى الإثارة” ـ حسب قوله ــ “واحداث البلبلة والضجيج الذى لا يسمن ولا يغنى من جوع !!

* تخيلوا هذه اللولوة من رجل دين محترم واستاذ جامعى بدرجة بروفيسور ورئيس هيئة علماء السودان .. فبدلا من الاشادة بالصحف ودعمها وحثها على مواصلة حملتها ضد التمباك وانواع التبغ الأخرى، بسبب الاضرار الصحية التى يعترف بها رئيس الهيئة إعترافا صريحا، ويؤكد حرمتها الشرعية ( ويحل لهم الطيبات، ويحرم عليهم الخبائث)، فإنه ينتقدها ويستنكر عليها ذلك ويقول إنها اختارت التمباك دون المواد العينية الأخرى “إمعانا فى الإثارة، وإثارة البلبلة، والضجيج الذى لا يسمن ولا يغنى من جوع” ــ وما بال المواد العينية الأخرى مثل الشاى والدقيق والتمر السكر حتى تنتقدها الصحف أم أن الهيئة حرمتها ونحن لا نعرف!!

* بل يحاول مولانا أن يثير الشكوك حول صحة الخبر الذى نشرته الصحف عن تبرع تجار التمباك بـ (10 طن) من التمباك للمؤتمر الوطنى، ناصحا لها بالتثبت والتدقيق واستقاء الاخبار من مصادرها قبل النشر تفاديا للوقوع فى مصيدة الفتنة والإثارة، وذلك فى محاولة مكشوفة ومفضوحة وغريبة للإيحاء بأن الخبر غير صحيح، رغم نشره فى أكثر من صحيفة، وعدم نفى الحزب له، أو امتناعه عن قبول التبرع!!

* لا ندرى متى تفوق الهيئة الدينية المحترمة من غيبوبة الوقوع تحت سيطرة السلطة، ومحاولة إستجداء دعمها وتعاطفها بهذا النفاق الغريب الذى لا يجب ان يصدر من جهة تدعى الإنتماء للدين والعلم، وتسمى نفسها (هيئة علماء السودان)، بل يجب أن تكون أول من ينصح وينتقد السلطة وأجهزتها وحزبها كلما وقع منهم خطأ، والاقتداء بمنهج القرآن الكريم الذى يضع العلماء على رأس قائمة الخاشعين (إنما يخشى اللهَ من عباده العلماء) .. ومن يخشى الله، لا يجب أن يخشى أحدا غيره، وعليه أن يلتزم جانب الحق، بدلا عن هذا النفاق الغريب !!

مناظير – زهير السراج
صحيفة الجريدة

Exit mobile version