نظام العقوبات الأمريكية على السودان
يقوم نظام العقوبات الأمريكية على نوعين من العقوبات الأولى منها يتم فرضها بحسب قوانين سارية في الولايات المتحدة تفرض عقوبات محددة على دول أخلت بالتزاماتها تجاه الولايات المتحدة أو مثلت تهديدا للأمن القومي الأمريكي. ومثال لذلك العقوبات التي تفرض على الدول الداعمة للارهاب بحسب المنظور الأمريكي أو تلك الدول التي تتخلف عن سداد التزاماتها المالية وديونها للولايات المتحدة. ومنها أيضا العقوبات التي تفرض آليا على الدول التي التي يتم ﻓﻴﻬﺎ اﻻستيلاء ﻋﻠﻰ السلطﺔ ﻋﺒر إنقلاب ﻋﺴﻜري، ويستمر ﻫذا الحرمان إلى أن يعلن الرئيس ويعلن الكونغرس أن الديمقراطﻴﺔ ﻋﺎدت للبلاد. أما النوع الثاني من العقوبات فهو نظام مباشر ضد الدولة يصدر بأوامر تنفيذية خاصة من الرئيس الأمريكي أو بتشريعات جديدة من الكونغرس. وتهدف هذه العقوبات إلى إجبار الدولة المحددة على إحداث تحول في سياساتها الداخلية أو الخارجية بحسب المصالح والرؤى الأمريكية. وقد تعرض السودان لكلا النوعين من العقوبات التي تم تفصيلها.
ففي المستوى الأول تعرض السودان لعقوبات امريكية في العام 1988م إثر تخلفه عن سداد الديون، كما تعرض لعقوبات تلقائية في العام 1990م نتيجة الانقلاب العسكري. لكن الاجراء الأشد جاء نتيجة وضع السودان على قائمة الدول الراعية للارهاب في العام 1993م. ومن المعروف أن تصنيف الدول التي توفر بصورة متكررة دعما لأعمال إرهابية دولية على أنها دول راعية للإرهاب يفرض أربع مجموعات رئيسية من عقوبات الحكومة الأميركية:
• حظر على صادرات ومبيعات متصلة بالأسلحة.
• مراقبة صادرات ذات استعمال مزدوج، تتطلب تبليغا للكونغرس مدته 30 يوما بالنسبة إلى سلع أو خدمات يمكنها أن تعزز بصورة مهمة القدرة العسكرية للدولة المدرجة في قائمة الدول الإرهابية أو قدرتها على دعم الإرهاب.
• حظر على المساعدة الاقتصادية.
• فرض مجموعة متنوعة من القيود المالية وسواها، من ضمنها:
1. معارضة الولايات المتحدة منح قروض (للدول الراعية للإرهاب) من قبل البنك الدولي ومؤسسات مالية أخرى؛
2. رفع الحصانة الدبلوماسية (عن دبلوماسي الدول الراعية للإرهاب) لتمكين عائلات ضحايا الإرهاب من أن ترفع قضايا مدنية ضدهم في محاكم الولايات المتحدة؛
3. حرمان الشركات والأفراد من اعتمادات ضرائبية عن مداخيل حققوها في دول مدرجة في القائمة الإرهابية.
4. عدم إعفاء السلع المصدرة (من هذه الدول) إلى الولايات المتحدة من الرسوم الجمركية؛
5. منح سلطة لمنع أي مواطن أميركي من القيام بمعاملة مالية مع حكومة مدرجة في القائمة الإرهابية بدون ترخيص مسبق من وزارة المالية؛ و
6. منع عقود تعقدها وزارة الدفاع بقيمة تتجاوز 100,000 دولار مع شركات تسيطر عليها دول مدرجة في القائمة الإرهابية.
الحظر الاقتصادي الشامل
تم صدور قرار العقوبات الأمريكية على السودان في اليوم الثالث من نوفمبر في العام 1997م، بقرار تنفيذي رقم 13067 من الرئيس الأمريكي بيل كلنتون، بموجب القانون الأمريكي للطوارئ الاقتصادية تم بموجبه تجميد الأصول المالية السودانية، ومنع تصدير التكنلوجيا الامريكيه للسودان ومن ثم حصاراً اقتصاديا يلزم الشركات الأمريكية وأي مواطن امريكى بعدم الإستثمار والتعاون الاقتصادي مع السودان.
جاء في الحجز على الأصول والممتلكات السودانية في أمريكيا، وإيقاف التداول والتبادل التجاري مع السودان الأتي :
عدم استيراد أي سلع أو خدمة منشؤها سوداني.
1. عدم تصدير أي سلع أو خدمات أمريكية المنشأ للسودان؛ بما في ذلك التكنولوجيا الأمريكية.
2. منع التسهيلات عبر أشخاص أمريكان؛ بما في ذلك منع التسهيلات والوساطة المالية لأي سوداني.
3. عدم عمل أي عقود أو مشروعات بواسطة مواطن أمريكي للسودان.
4. عدم منح قروض أو تسهيلات مالية بواسطة مواطن أمريكي لصالح حكومة السودان.
5. عدم القيام بأي نشاطات أو إجراءات تتعلق بنقل البضائع من السودان أو إلى السودان، وبالمثل عدم التعامل مع أي وسيلة نقل مسجلة في السودان.
أما الأمر التنفيذي التالي بالرقم 13400 بتاريخ 26/4/2006 والذي أصدره الرئيس الأمريكي بوش، فكان يتعلق بحظر ممتلكات عدد من الشركات والأفراد السودانيين، وعدم تحريك ممتلكاتهم أو تصديرها أو صرف عائدها أو التعامل بها، حيث شملت 133 شركة و3 أفراد. والأمر التنفيذي الثالث رقم 13412 صدر بتاريخ 13/10/2006م ووقعه أيضاً الرئيس بوش مدعيا أن سياسات حكومة السودان تهدد أمن وسلام وسياسة أمريكا، خاصة سياسة السودان في مجال النفط. وهو يعني تعاون السودان مع الصين وماليزيا والهند، وبالتالي فإن البترول السوداني المستخرج بواسطة شركات هذه البلدان سوف يصدر لها، ولن يكون متاحاً للسوق الأمريكي، وذلك يشكل تهديداً للأمن القومي الأمريكي. بيد أن التطور كان في صدور تشريعات من الكونغرس تجاه السودان منها قانون سلام السودان (2002) والذي ربط العقوبات الامريكية بتقدم المفاوضات مع الحركة الشعبية لتحرير السودان بينما قانون سلام السودان (2004) كان قاسيًا لجهة أنه ضمن أوامر العقوبات التي أصدرها الرئيس ضمن القوانين التي أقرها الكونغرس. وجاء في القانون أن الرئيس الأمريكي سيقوم بالتالي:
أ/ سيقوم عبر وزير الخزانة بتوجيه المديرين التنفيذيين الأميركيين في أي مؤسسة دولية مالية بالاستمرار في التصويت ضد، وممارسة المعارضة النشطة لقيام تلك المؤسسات بمنح أي قروض او ائتمان او ضمان لصالح حكومة السودان.
ب/ سينظر في خفض او تعليق العلاقات الدبلوماسية بين الولايات المتحدة وحكومة السودان.
ج/ سيقوم باتخاذ كل الخطوات المناسبة لمنع حصول حكومة السودان علي عائدات البترول وذلك للتأكد من ان حكومة السودان لن تستخدم بطريق مباشر او غير مباشر أي من عائدات البترول لشراء او امتلاك معدات عسكرية لتمويل أي نشاطات عسكرية.
د/ سيسعي لاستصدار قرار من مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة بفرض حظر السلاح.
ج/ التقرير حول حالة المفاوضات.
اذا قامت حكومة السودان في أي وقت بعد ان يكون الرئيس قد قدم شهادات مكتوبة بموجب ا لفقرات (ب ا أ) بقطع التفاوض مع الحركة الشعبية لتحرير السودان لفترة 14 يوما، فعلى الرئيس ان يقدم تقريرا ربع سنوي للجان الكونغرس المختصة حول حالة عملية السلام الي حين استئناف المفاوضات.
د/ تقرير حول معارضة الولايات المتحدة للتمويل بواسطة المؤسسات المالية الدولية.
على وزير الخزانة ان يقدم تقريرا نصف سنوي للجان الكونغرس المختصة يصف فيه الخطوات المتخذة بواسطة الولايات المتحدة لحجب القروض والائتمان او الضمان وذلك في حالة ما اذا كان التمويل قد تم بعد صدور توجيهات وزير الخزانة المنصوص عليها في الفقرتين (ب) (أ).
هـ/ التقرير بشأن حجب عائدات البترول: على الرئيس ان يقدم للجان الكونغرس المختصة خطة شاملة لتطبيق الاجراءات الواردة في الفقرات (ب) (2) (ج) وذلك خلال 45 يوما قبل ان يتخذ الرئيس الاجراء (بجحب العائدات).
و/ تعريف: في هذا المادة فان تعبير المؤسسات المالية الدولية يعني البنك الدولي، بنك التنمية الأفريقي وصندوق التنمية الأفريقي.
واستمر الكونغرس في فرض مزيد من القوانين منها قانون سلام دارفور (2006) الذي يفرض عقوبات ضد “الأشخاص المسؤولين عن الإبادة الجماعية وجرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية”، ويؤيد تدابير حماية المدنيين والعمليات الإنسانية، كما يدعم جهود السلام في إقليم دارفور بالسودان. وينص الأمر التنفيذي الذي أصدره الرئيس بالتحديد على منع عقد أي صفقات لها علاقة بالصناعات السودانية النفطية والبتروكيميائية؛ بجانب قانون المحاسبة ونزع الاستثمار (2007) الذي يعمل على فرض العقوبات على الشركات غير الامريكية والتي تعمل بالسودان من خلال الضغط على الخمسين ولاية أمريكية لسحب أسهم صناديق معاشاتها ورعايتها الاجتماعية من تلك الشركات أو الشركات الأجنبية التي لديها عمل استثماري اقتصادي بالسودان. وقال الرئيس بوش إن هذه القوانين والأوامر التنفيذية تعمل على توسيع نطاق العقوبات القائمة حاليا ضد السودان ولكنها تستثني مناطق سودانية معينة بما فيها الجنوب السوداني ومنطقة كردفان وجبال النوبة والنيل الأزرق وأبيي ودارفور وبعض المناطق الهامشية في الخرطوم وحولها “شرط أن لا تشمل النشاطات أو الصفقات أي ممتلكات أو مصالح تمتلكها حكومة السودان.”
أما الرئيس أوباما فقد قام بتجديد هذه العقوبات بتاريخ 27/10/2009م وظل يجددها عاما بعد عام، حتى هذا العام 2016مرغم أن تقارير وزارة الخارجية الأمريكية نفسها تشير لعكس ذلك؛ مثلا في تقرير العام 2006م خلص إلى أن السودان كان متعاونا جداً في مكافحة الإرهاب، وأيضا تقارير الكونجرس في عام 2009م والتي أرسلت له بواسطة إدارة الأصول الخارجية التابع لوزارة الخزانة الأمريكية؛ المعروف بـ OFAC، أكدت تعاون السودان في مكافحة الإرهاب .
وألزمت الأوامر التنفيذية لوزارة الخزانة إدارة إجراءات المقاطعة ومنحتها السلطة لإنفاذ الأمر، وسلمت القوائم بأسماء الشركات والأفراد الممنوع تحريك أو تداول أموالهم وعددهم يبلغ 170 جهة، بعد إضافة بوش مرة أخرى عام 2007م أسماء 3 أفراد، وعدد 31 شركة بقائمة مفصلة . والأفراد المضافون رجال من عامة الناس وليسوا سياسيين، وإن الشركات من بينها شركة جياد، وسودانير، وعازة للنقل. ولقد أصدر مكتب مراقبة الأصول الخارجية بوزارة الخزانة الأمريكية OFAC إجراءات ولوائح وعقوبات لمن يخالف الحظر. ليس ذلك فقط ، بل إن الكونجرس عام 2007م أصدر تشريعات مغلظة وعقوبات إضافية للمخالفين لأمر الحظر.كما تمت زيادة الغرامة للمخالفين إلى 250,000 دولار أو ما يعادل ضعف المبلغ الذي حدث به تجاوز للحظر (لاسيما الحظر في قطاع البترول أو النقل).
بقلم
د. أسامة أحمد عيدروس
سبحان الله كان السودان دولة عظمى