تحقيقات وتقارير

السودان ما بعد سد النهضة.. مخاوف وآمال.. تحذيرات من جفاف نهر النيل بسبب العوامل المناخية

يبدو أن خبراء المياه والري والزراعة في السودان فضلوا التعامل مع الأمر الواقع بشأن سد النهضة الإثيوبي بعد أن أصبح حقيقة ماثلة وشارفت أعمال تشييده على الانتهاء، واتجهت رؤى أولئك الخبراء إلى ما بعد قيام السد، وتأثيراته على حياة السودانيين، وتلافي سلبيات تشغيله، ورغم حالة التفاؤل التي تعتري البعض منهم إلا أن الهواجس تظل حاضرة والأضرار المتوقعة من قيام السد لا يمكن تجاهلها لا سيما سلامته وتوقعات انهياره، بل إن بعضهم حذر من جفاف النهر بفعل السدود والخزانات التي تفقد مياهه طاقة اندفاعها نحو البحر الأبيض المتوسط، ولكن الجهات الحكومية الفنية المختصة ظلت تبث تطميناتها بأنها وضعت كل الاحتمالات تفادياً لأي ضرر محتمل جراء السد العملاق الذي يبعد عن الحدود السودانية حوالي 40 كيلومتراً فقط.

انخفاض سعة التخزين

ويشير كبير مستشاري وزارة الموارد المائية والري والكهرباء المهندس تاج السر أحمد محمد إلى الأضرار التي تقع على السودان جراء قيام سد النهضة والتي تتمثل في اضمحلال قمم الفيضانات وتأثير ذلك على مساحات الجروف على طول مجرى النيل بجانب انخفاض تغذية أحواض المياه الجوفية المجاورة على طول مجرى النيل الأزرق والنيل الرئيسي فضلاً عن انخفاض أو انعدام تركيز الطمي في المياه المنسابة خلف سد النهضة مما يؤثر في المدى الطويل على خصوبة الأرض ويؤثر مباشرة على صناعة الطوب ورغم الفائدة الواضحة فيما يخص الإطماء من شبكات الري ومحطات التوليد المائي ومداخل محطات الطلمبات، بالإضافة إلى انخفاض مناسيب الفيضانات المرتفعة التي تمكن من ري الحياض في ولايتي نهر النيل والشمالية، ولتفادي ذلك يقول إن الحكومة السودانية كونت لجنة وطنية متخصصة لدراسة التأثيرات في تلك المحاور دون انتظار نتائج دراسة الشركات العالمية المكلفة بالدراسات.

هدفان

ويضيف تاج السر أن قيام سد النهضة الإثيوبي يحقق هدفين أساسيين للسودان يتمثلان في أن السد سيوفر الأمن المائي للسودان ويمكن من تجاوز السنوات شحيحة الإيراد كما مكن السد العالي مصر من سحب نصيبها كاملاً منذ العام 1959 وتجاوزت مصر السنوات شحيحة الإيراد وفوائد أخرى (الحد من زحف الملوحة من الدلتا)، بجانب أن السد سيمكن السودان من استغلال نصيبه من مياه النيل في اتفاقية 1959 والتوسع في الزراعة بفضل تصريفات تقارب متوسط إيراد النيل الأزرق طويل المدى طوال العام وعدم الاعتماد الكامل على التخزين السنوي في سدوده.

خطر الجفاف

فيما يثير الخبير في مجال الطاقة وزير الصناعة السوداني الأسبق البروفيسور أحمد عبد الرحمن العاقب مخاوف جديدة إذ يحذر من جفاف نهر النيل بسبب العوامل المناخية التي طرأت وقيام السدود والخزانات على مجراه، وأضاف «أن توسع المدارات يعني توسع المناطق التي يغلب عليها التصحر وترتفع فيها الحرارة لمواجهتها المباشرة للشمس فيزداد الجفاف وينضب الغطاء النباتي على قلته وتضعف النظم البيئية التي تساعد على جذب التيارات المطرية واستدرار السحب».

دراسة مطمئنة

غير أن خبير المياه ورئيس اللجنة الثلاثية لسد النهضة من جانب السودان د. سيف الدين حمد قلل من مخاوف جفاف نهر النيل بسبب فقدان طاقته بسبب التخزين والسدود، وقال إنهم قاموا بإجراء دراسة شاملة على طول النهر لقياس انحدار الأرض وتبين من خلال الدراسة عدم وجود أي مشكلات في ذلك، وفيما يتعلق بتأثيرات قيام السد على الري الفيضي في السودان، قال حمد «كانت مساحة الري الفيضي في السودان 200 ألف فدان تناقصت بسبب تعلية سد الروصيرص وخزان خشم القربة إلى 100 ألف فدان وستتناقص بعد سد النهضة إلى 50 ألف فدان.

واقع

أكد وزير الزراعة السوداني الأسبق بروفيسور أحمد علي قنيف أن سد النهضة بات واقعاً، ويجب على السودانيين أن يتساءلوا عن واقع السودان بعده، ويشير إلى أن سد النهضة يمثل نهضة لإثيوبيا مما يتطلب مقابلة ذلك بنهضة أخرى في السودان من خلال الاستفادة من موارد السودان الزراعية، ويضيف إن قيام سد النهضة رغم سلبياته إلا أن إيجابياته تطغى إذا ما تم استغلالها بمنظور علمي باعتبار أن السد سيوفر تخزين المياه طول العام.

المصدر: الخرطوم – طارق عثمان
البيان

‫2 تعليقات

  1. لو كاتب الموضوع سوداني نقول ليهو الاسباب الذكرتها غير مقنعة من اضرار السد اما بالنسبة
    لكلام البروفسور قنيف فنقول ان شاء الله الخير جاي .

  2. كل الدراسات بالنسبة للسودان نظريات ، ستكون تلك الدراسات موضع تقدير ومؤشرات حقيقية لآثار السد إذا كان السودان يستهلك كامل حصته من المياه وفق الاتفاقية ولكن حتى الآن السودان لا يستهلك حصته بالكامل كما لايستفيد من الروافد الأخرى للنيل والتي لاتدخل في الاتفاقية ولاتتأثر بقيام بسد النهضة ، مع هذه المعطيات يبدو للبعض أن السودان لن يتأثر كثيراً بقيام السد ويستمر التراخي لمصلحة جهات أخرى . مع أن كل القرى في الشمال واقعة على ضفتي النيل فإن معظمها تعتمد في مياه الشرب على الآبار نظراً لعدم توفر إمكانيات بسيطة لرفع مياه النيل لبضع أمتار وسحبها لبضع كيلومترات . تراجع الإنتاج الزراعي في الثلاثين سنة الأخيرة تراجعاً مريعاً أثرت على الوضع الإقتصادي والإجتماعي بشكل كبير ولعوامل ليس لها دخل بسد النهضة فالسد حتى الآن لم يدخل مرحلة التشغيل . منذ إنشاء السد العالي تكونت بحيرة طولها 500 كيلومتر منها 350 كيلومتر في مصر و150كيلومتر داخل السودان لم يتم إنشاء أي مشروع زراعي أو أي نوع من الإستغلال لتلك البحيرة حتى في مجال صيد الأسماك ، فكان بالإمكان مد أنابيب لسحب المياه وإقامة مشاريع لتعويض السكان عن الأراضي التي تناقصت بسبب الهدام والزحف الصحراوي وشح المياه بسبب نقص وقود الديزل ، فالأحواض الزراعية في ولايتي نهر النيل والشمالية هي من تأسيس الإنجليز ولم يتم تطويرها أو التوسع فيها ، فحوض السليم مثلاً تراجع في كثير من أجزائها ، كما إندثرت المشاريع الزراعية التعاونية التي كانت مزدهرة على ضفتي النيل مع أن نظام الري والإطماء لم يتغير وغلب على تلك المناطق التصحر وإختفاء الغطاء النباتي من أي نوع سواءً زراعة أو غابات . تراجع الزراعة أدى إلى هجرة كثيفة من الولاية الشمالية ولاحقاً من الولايات الأخرى وبالأخص الجزيرة والتي كانت منطقة جذب بالنسبة لأبناء المناطق الأخرى . بعد قيام سد مروي كان من المؤمل قيام المشاريع المصاحبة ومنها ترعتي السد واحدة بالضفة الغربية والأخرى بالضفة الشرقية للنيل والتي تم ربطهما مؤخراً بهوس الإستثمار الأجنبي والذي حتى الآن يتجنب الدخول في الإنتاج الحقيقي للمحاصيل الاقتصادية وينصرف إلى سلع جانبية ، وبما أن السودان يمتلك أراضي زراعية خصبة واسعة بعيداً عن النيل فيجب توجيه الإستثمار لتلك المناطق وتمليك الأراضي القريبة من النيل لسكان القرى المجاورة له .