منوعات

قصة الخليقة بين الحقيقة والأسطورة: هل يوجد خلق قبل سيدنا آدم؟

هل كان هناك خلق قبل سيدنا آدم عليه السلام؟ وما طبيعة هؤلاء الخلق؟ وهل البشر غير الإنسان؟ أسئلة كثيرة حول هذا الأمر؛ فالدكتور عبدالصبور شاهين ذهب إلى أن هناك خلقًا قبل سيدنا آدم، عليه السلام، وأخرج كتابًا تحدث فيه عن هذا الأمر وهو كتاب «أبي آدم»، الذي أثار ضجة كبيرة حين صدوره، لدرجة أنه تم رفع أربع قضايا على المؤلف بعد صدوره، إلا أنه نجح في طبع الكتاب ونشره، وعارضه في ذلك علماء، مثل الدكتور زغلول النجار.

«المصري لايت» يستعرض فيما يلي نظرية الدكتور عبدالصبور شاهين والرأي المعارض الدكتور زغلول النجار:

يرى الدكتور عبدالصبور شاهين، رحمه الله، وهو مفكر إسلامي وخطيب مسجد عمرو بن العاص، أن آدم هو أبو الإنسان وليس أبا البشر الذين هم خلق حيواني كانوا قبل الإنسان، فاصطفى الله منهم آدم ليكون أبا الإنسان، وهو ما أشار إليه الله في القرآن بـ(النفخ في الروح)، وأباد الله الجنس البشري فلم يبق منهم إلا آدم، فعدّله الله وسواه كما ينص القرآن «الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ».

ويستدل الشيخ عبدالصبور بآيات كثيرة على وجود البشر قبل الإنسان، لكنهم كانوا خلقًا غير معدلين بروح الله، وهو ما دعى الملائكة عندما أخبرهم الله أنه سيخلق آدم لأن يقولوا: «قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ»؛ يرى «شاهين» أن هذا كان قبل أن يصطفي الله آدم ويعدله ويسويه بأن ينفخ فيه من روحه فيصبح عاقلًا ومتحضرًا، قال الله تعالى: «فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ».

وخلاصة الأمر، من وجهة نظر الدكتور عبدالصبور شاهين، أن آدم وُلد من أب وأم بشريين، تطور هو مِن بعدهما ليصبح أبا الإنسان المميز بالعقل المقيّد بالشرائع.

ويقول الدكتور عبدالصبور شاهين في كتابه «أبي آدم»: «قبل مليون سنة تقريبًا وُجدت بقايا لكائنات شبيهة بالإنسان، مثل جنس (أوسترالويشكس) والذي وجدت بقاياه بأفريقيا وانتشر في عصر البلايستوسين المتوسط عبر معظم قارات العالم القديم.. وبعد ذلك وُجدت بقايا ما يعرف بإنسان بكين وإنسان جاوه وإنسان هيدلبرج وإنسان روديسيا وإنسان سوانكومب، ويختار بعض العلماء إنسان هيدلبرج من هؤلاء باعتباره الحلقة الوسطى بين الإنسان الذي يتكلم والحيوانات التي تصيح».

وتابع «شاهين» في كتابه: «وكل هؤلاء الأناسي وجوه مختلفة لمخلوق واحد، كان يتنقل من مرحلة إلى مرحلة في تسوية الخالق له، فكلما مضت مرحلة من التسوية تغيّرت بعض أوصافه».

وأكمل: «هذه النماذج التي عثر عليها من بقايا الإنسان على الأرض، تمتد منذ ما قبل مليون سنة، وهي تؤرخ لمسيرة هذا المخلوق حتى عهد قدّره العلماء بخمسة وثلاثين ألف سنة».

في مناظرة تليفزيونية، أدارها الإعلامي محمود سعد على قناة «mbc»، واجه الأستاذ الدكتور زغلول النجار، الدكتور عبدالصبور شاهين وجهًا لوجه، ووصف «النجار» نظرية «شاهين» بأنها ترسبات للفكر، وأنه خاض في كتابه «أبي آدم» أرضًا ليست بأرضه ودخل في تخصص ليس من تخصصاته، فأخطأ أخطاء كثيرة ما كنت أتمنى أن يقع فيها أبدًا، حسب كلام «النجار»، والادعاء بأن الإسلام تشكّل على أساس الإسرائيليات كلام غير صحيح.

أما الأزهر الشريف فلم يجد في نظرية الدكتور عبدالصبور شاهين ما يؤدي إلى الإلحاد، غير أنه نفى أن تكون نظريته صحيحة، وأن سيدنا آدم، عليه السلام، في الواقع هو أبوالإنسان وأبوالبشر على السواء.

المصري اليوم