قتل السودان .. الحل النهائي !!

* بعد اغتيال مشروع الجزيرة، ومشاريع النيل الأبيض والأزرق الزراعية، وإغراق الأراضي الزراعية في الشمالية بمياه سد مروي (ومعها الكنوز الأثرية المدفونة الضخمة تحت الأرض)، وحرق مساحات ضخمة من نخيل الشمالية، يبدو أن الوقت قد حان لتدمير (النخيل) بشكل نهائي، وتسريع الخطى لتحويل السودان الى صحراء قاحلة، قبل الموعد الذي حددته الدراسات العالمية خلال فترة تتراوح بين (خمسين الى مائة عام)، وهو ما أشارت إليه محطة الـ(سي ان أن ــ CNN) الأميريكية في خبر طارئ (Breaking News ) قبل حوالي شهر، لم يلتفت إليه أي مسؤول سوداني ولم توله الحكومة السودانية أي اهتمام، أو تبدِ أي نوع من القلق تجاهه، وهو ان السودان في طريقه الى التحول الى صحراء قاحلة تحت تأثير ارتفاع درجة الحرارة، وقلة الأمطار والتصحر وتدمير الغطاء النباتي، إذا لم تعط الحكومة السودانية والمجتمع الدولي هذه الكارثة الأولوية القصوى، ويضعا كل ثقلهما لمكافحتها .. !!

* تحت يدي مستند رسمي، وهو عبارة عن خطاب حكومي بتوقيع المدير العام للادارة العامة لوقاية النباتات بوزارة الزراعة الاتحادية (كمال الدين عبدالمحمود) بتاريخ 17 \ 1 \ 2017 ، معنون الى المدير التنفيذي لشركة أمطار (وهي شركة سودانية أماراتية) يأمره فيه بإبادة فسائل النخيل التي استوردتها الشركة من الامارات وأخرجت من مواعينها، واعدام المواعين التي أخرجت منها الفسائل، وتعقيم التربة والمساحة التي تم تفريغ الشتول فيها استعدادا لزراعتها، بالاضافة الى عدم التصرف في الفسائل والشتول التي لم تفرغ من مواعينها، ووضعها تحت عهدة الحجر الزراعي فوراً، واعادتها خلال 12 يوماً الى الدولة التي استوردت منها !!
* السبب، أيها السادة، هو إصابة هذه الفسائل التي يقدر عددها بحوالي عشرين ألف (وصلت السودان على دفعتين)، بنوع من الفطر القاتل شديد الخطورة والذي يمكنه التغلغل في التربة، وإصابة كل أشجار النخيل في الإقليم، والقضاء عليها تماماً وبشكل نهائي، وصعوبة مكافحته وتطهير المنطقة منه، حسبما هو معروف عنه، ولقد أدى الى قتل 12 مليون شجرة نخيل في دولة (المغرب) ونزوح السكان الذين يعتمدون عليه من مناطقهم، ولقد أثبت الفحص المعملي في معامل وقاية النباتات، ثم في معامل كلية العلوم بجامعة الخرطوم باستخدام تقنية الحامض النووى، إصابة كل الفسائل والشتول بالفطر القاتل (ويوجد تحت يدي التقرير الرسمي الذي يحمل نتائج الفحص بكلية العلوم بجامعة الخرطوم بتاريخ 30 \ 1 \ 2017 )!!

* الشركة التي يرأس مجلس إدارتها وزير الزراعة السوداني (بروفيسور الدخيري) تماطل في تنفيذ القرارات الصادرة من ادارة وقاية النباتات، وتشكك في نتائج الفحص المعملي رغم مشاركة خبير تابع للشركة في اجراء عمليات الفحص، حسب الخبر الكارثة الذي فجرته الزميلة القديرة (عازة أبوعوف) ونشرته صحيفتنا في عدد الأمس، ويوجد تحقيق صحفي متكامل عنه في عدد اليوم، ولقد أصرت الشركة على إرسال عينات الى هولندا للتأكد، وتم إرسال العينات ويتوقع وصول النتيجة في الأيام القادمة!!

* تخيلوا .. بدلاً عن إتخاذ وزير الزراعة السوداني قراراً فورياً بالإلتزام بما أمرت به إدارة وقاية النباتات التابعة له، باعتباره الوزير الأول المسؤول عن حماية الزراعة في البلاد، فإنه يتساهل مع الشركة باعتباره رئيس مجلس إدارتها ومجاملة لشركائه الأمارتيين، وتجنب الخسائر التي تبلغ حفنة دولارات (حوالي مليون ونصف مليون دولار)، في مقابل أن تضيع كل ثروة النخيل في السودان ويتشرد الملايين الذين يعتمدون عليه، وتسرع البلاد الخطى في الطريق الى التصحر !!

* ولدينا سؤال .. كيف دخلت الفسائل القاتلة الى السودان، قبل أن تثبت سلامتها وصحتها، وما فائدة الحجر الزراعي مع الأموال الضخمة التي تنفق عليه، إذا كانت الإجراءات المتبعة بمثل هذه السهولة التي تسمح بدخول (مرض) يمكن ان يقضي على كل ثروة البلاد الزراعية من النخيل في غمضة عين، بينما الكل يتفرج وربما يصفق منتشياً، وعلى رأسهم وزير الزراعة نفسه؟!

مناظير – زهير السراج
صحيفة الجريدة

Exit mobile version