مسرحية (تعديلات قانون الأمن) !!
* أشك في أن المجلس الوطني سيجيز التعديلات الدستورية الخاصة بقانون جهاز الأمن، وذلك حتى يمنع تحول الجهاز الى جهاز لجمع المعلومات، ويبقى الوضع الراهن قائماً على ما هو عليه، مع كل السلطات الواسعة التي يتمتع بها الجهاز: استخباراتية وعسكرية وتنفيذية ..إلخ، وستكون هذه هي المرة الأولى منذ ظهور المجلس الى الوجود، التي يسقط فيها مشروعا للحكومة، ولكن طبعاً بالاتفاق معها، وليس ممارسةً لسلطاته، فهو أضعف من أن (يدوس لها على طرف)، دعك من أن يرفض أوامرها ويسقط مشروعاتها!!
* المسرحية مكشوفة، فالحكومة أودعت التعديلات تحت ضغط أحزاب الحوار الوطني، خاصة حزب المؤتمر الشعبي، الذي أصر على إيداع التعديلات في المجلس الوطني (ولا أقول البرلمان فلا يمكن وصف هذا الجسم التابع للحكومة بالبرلمان، بأي حال من الأحوال) .. وإلا انسحب من الحوار وامتنع عن المشاركة في الحكومة المرتقبة، فاضطرت الحكومة الى إيداع التعديلات مع مخطط باسقاطها أو تعديلها بواسطة البرلمان، فتكون بذلك قد ضربت أكثر من عصفور بحجر واحد ..
* العصفور الأول، هو الايفاء بالتزامها بالاتفاق مع أحزاب الحوار بايداع التعديلات، وتكون بهذا قد خرجت من اللوم، ونجحت في استدراج المؤتمر الشعبي للمشاركة في الحكومة!!
* العصفور الثانى، هو الإبقاء على وضع جهاز الأمن على ما هو عليه، قابضاً على كل السلطات بيده، وعلى رأسها سلطة الاعتقال، ومصادرة الصحف، وكبت الحريات ..إلخ!!
* العصفور الثالث، هو إعطاء مصداقية كاذبة لها ولبرلمانها الوهمى، عبر اسقاط البرلمان للتعديلات التي اودعتها، والترويج لذلك، من أجل ممارسة الخداع بوجود ديمقراطية في البلاد، وهي مسرحية يمكن أن (تخيل) على البلهاء والسذج فقط!!
* السيناريو المتوقع والذي بدأت ملامحه في الظهور، هو أن يطلق بعض أعضاء المجلس الوطني، خاصة رؤساء اللجان تصريحات إعلامية يعارضون فيها تحويل جهاز الأمن الى جهاز استخبارات، باعتبار أن الظروف التي تمر بها البلاد (من حروبات أهليه ..إلخ)، تحتم بقاء الوضع الحالي لجهاز الأمن على ما هو عليه حتى لا ينفرط الأمن، ولقد قرأنا وسمعنا تصريحات لـ(عبدالله مسار) رئيس لجنة الزراعة والثروة الحيوانية قال فيها هذا الكلام أكثر من مرة، وسمعنا العضو (محمد الحسن الأمين) نائب رئيس اللجنة القانونية، يقول إن جهاز الأمن سيحتفظ بسلطة الاعتقال بعد إجازة التعديلات الدستورية الجديدة، ثم بدأت الهمهمة من عدد مقدر من أعضاء المجلس، بينهم من لا ينتمي لحزب المؤتمر الوطني، بأن الأوضاع في البلاد تتطلب بقاء الوضع الحالي لجهاز الأمن، ويتوقع أن تعلو هذه الهمهمة شيئاً فشيئاً، حتى تتمخض عن مواقف واضحة خلال مناقشة التعديلات بالاعتراض عليها، ثم تتطاول المناقشات، حتى تنتهي أخيراً، إما بتأجيل إجازة التعديلات لمزيد من الدراسة والتنقيح والتعديل، أو إجراء تعديلات من داخل البرلمان عليها بحيث يبقى وضع الجهاز كما هو عليه، أو إسقاطها، وبالتالي يكون حزب المؤتمر الوطني وحكومته قد حققا رغبتهما في الإبقاء على سلطات جهاز الأمن، بالاضافة الى إصطياد العصافير التي ذكرناها سابقاً ..!!
* اللعبة مكشوفة، والمسرحية واضحة وضوح الشمس، والسيناريو المرسوم لإرجاء أو إسقاط التعديلات بدأ في الظهور، وإن غداً لناظره قريب!!
مناظير – زهير السراج
صحيفة الجريدة
تفائل خيرا او اصمت يا هذا