استشارات و فتاوي

عندما أغض بصري عن النساء يصفني زملائي بالمتخلف! فماذا أفعل؟

السؤال
أنا طالب جامعي، وأتعامل يوميًا مع طلبة وطالبات، وأنا دائمًا أغض بصري، فلا أنظر لزميلاتي في وجوههن عندما أحدثهن، ولذلك: أجد زملائي ينتقدونني بشدة، ويتهمونني بالتخلف والرجعية، وأشعر بالإحراج لذلك، فماذا أفعل؟

الجواب

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. شكراً على تكرّمكم بطلب الاستشارة من موقعكم وثقتكم بنا، آملين في تواصلكم الدائم مع الموقع، وبعد:

فإن التخلف والشر والهلاك في مخالفة الشرع، فلا تجامل أحدًا في أمر دينك، واعلم بأن السلامة لا يعدلها شيء، والشريعة دعت إلى المباعدة بين النساء والرجال حتى في ساحات العبادة، فخير صفوف الرجال أولها لبعدها عن النساء، كما أن خير صفوف النساء آخرها لبعدها عن الرجال، ومن غض بصره وجد حلاوة في قلبه، وجمع الله له شمله، وأعانه على طلب العلم والخشوع والراحة والخير، ولله در القائل:

وأنت متى ما أرسلت طرفك رائدًا ** لقلبك يومًا أتعبتك المناظر

رأيت الذي لا كله أنت قادر ** عليه ولا عن بعضه أنت صابر

ولا يخفى على أمثالك من الفضلاء ما جاء في كتاب رب الأرض والسماء: {قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم إن الله خبير بما يصنعون، وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن ولا يبدين زينتهن …}.

وهذا أمر من الله، وطاعة الله أغلى وأعلى، ولا طاعة لمخلوق في معصية الخالق سبحانه، وفي غض البصر خير واستقرار وأمن وطهر وعافية للرجل وللمرأة، ومن يخالف، ويدمن النظر، يحرم نفسه من الراحة، ومن السعادة الأسرية في مستقبل حياته.

والعاصي لا يستمتع بمعصيته إلا كما يستمتع الجرب بحك الجرب! فمتعتهم ناقصة وكاذبة ومؤلمة، وتعقبها الهموم والغموم وتأنيب الضمير، وقد قال ابن الجوزي في الذي يطلق بصره: لن تكفه جميع نساء بغداد وإن تزوجهن. والشيطان يستشرف المرأة ليفتنها ويفتن بها، وقد حذرنا رسولنا بقوله: [ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء].

فاستمر على ما أنت عليه من غض البصر، بل إننا نوصيك بالبعد عن أماكن تجمعات النساء ومظان وجودهن، ونسأل الله أن يهيء لأمتنا من يخرجها من ظلمات المعاصي إلى أنوار الهداية، ولست أدري متى سندرك خطورة وجود الرجال مع النساء؟! والعجيب أن بلاد الفسق والفجور بدأت تدرك خطورة الاختلاط، بل بدأت في إنشاء جامعات للفتيات وحدهن، ليس انطلاقًا من دين، ولكن لإدراكهم أن ذلك الوضع يضر دنياهم، وتعليمهم ونهضتهم واستقرارهم.

أرجو أن يعلم الجميع أن التخلف والبهيمية تكمن في العري والعصيان والخروج عن الفطرة والبعد عن الدين الحق، فسر على طريق الخير ولا تحزن من قلة السالكين، ولا تجامل أو تتنازل اغترارًا بكثرة الهالكين.

وهذه وصيتنا لك بتقوى الله، ثم بكثرة اللجوء إليه، واعلم أنك غير محاسب على نظر الفجأة، ولكنك تساءل عن الثانية، وعلى تعمد النظر، وتذكر أن الشيطان يستدرج ضحاياه، وانصح لإخوانك، واطلب منهم أن يتجنبوا القرب من النساء والخلوة بهن ومحادثتهن، وذكرهم بأن أعراض الناس أمانة، وأن صيانتنا لأعراضنا تبدأ من صيانتنا لأعراض الآخرين.

كل الحوادث مبداها من النظر … ومعظم النار من مستصغر الشرر

كم نظرة فعلت في نفس صاحبها … فعل السهام بلا قوس ولا وتر

يسر ناظره ما ضر خاطره … لا مرحبًا بسرور عاد بالضرر

نسأل الله أن يثبتك ويسدد خطاك، وأن يحفظك ويتولاك، واعلم بأن الخوف على الضاحكين اليوم من بكاء الغد، وثق بأن الفلاح في مخالفة النفس والهوى والشيطان، ومرحبًا بك في موقعك.

د. أحمد الفرجابي
شبكة المشكاة