الفاتح جبرا

عنبر سوق العدة


لو أن رائد المسرح العبثي الفرنسي الموطن والإيرلندي الأصل صمويل بيكيت (1906- 1989) يعيش بيننا الآن ويقطف من ثمرات المشروع الحضاري لعرف تماماً (العبث العلى أصولو) ولعرف أن مسرحيته العبثية المبهمة التي لا تخضع لأي تفسيرات (في انتظار غودو) هي مسرحية غاية في الوضوح إزاء ما يحدث في حياتنا هذه الأيام من أشياء تبعث على الاستغراش المفضي إلى الشلل التام …
على صفحات صحيفة التيار تقرير غريب يوضح تماماً ما وصل إليه سوء حالنا وضعف قوتنا وقلة حيلتنا وهواننا على ولاة أمرنا الذين تملكوا أمرنا وهم به لاعبون وفي غيهم سادرون دون أن يطرف لهم جفن أو يهتز لهم قلب …
التقرير الذي أوردته (الزميلة التيار) يا سادتي (كما تقول الصور) يفيد بأن أحد المتنفذين اتخذ من أسرة المرضى بمستشفى أم بدة الأنموذجي مكاناً لعرض السلع والأدوات المنزلية المستوردة من خلاطات بأنواعها وصواني (أستينليس) وأطقم قهوة وشاي وشربات وكل الأدوات المنزلية.. هكذا بكل بساطة.. هذا المعرض ليس على سور المستشفى يا عزيزي.. وليس على باحتها.. كما وليس في صالة الاستقبال.. إنه داخل العنبر (ذاااتو) ويتم عرض البضاعة على أسرة المرضى!!!
أي دولة محترمة تسمح بمثل هذا العبث؟ أين إدارة هذه المستشفى (وللا الربح بالنص)؟ بل أين وزارة الصحة ألا تقوم بأي زيارات تفقدية لهذه المستشفيات؟!! وهل يمكننا أن نرى مثل سوق العدة هذا في مستشفى (الزيتونة) مثلاً ؟ أم إن رقابة الوزير على مستشفياته (حاجة غير)!
بعد تحويل أحد العنابر بمستشفى أم بدة الأنموذجي إلى (سوق عدة) لن نندهش تحويل أحد العنابر بمستشفى العيون إلى سوق للنظارات الشمسية والطبية ونضارات (القراية)، أو تحويل عنبر (السكري والغدد الصماء) بمستشفى أم درمان التعليمي إلى عطارة لبيع (القرفة) والحرجل والحبة السوداء.
إلى من يتبع (عنبر العدة) هذا؟ من يمكنة اختراق خصوصية هذا المكان كمكان صحي علاجي وعرض (بضاعته) هكذا على أسرة المرضى دون خوف أو وجل من أي قوة في الأرض؟ هل بلغ بنا الهوان (كشعب) أن يفعل بنا أمثال هؤلاء (الرمم) مثل هذه التجاوزات ثم نسكت كقطيع من الخراف المسالمة؟ قولوا لي بربكم من له الجرأة أن يستخدم أسرة مرضى في عرض بضاعته هكذا على المفتشر دون خجل ولا خوف وهو يعلم أن البضاعة بالأسواق (محل البيع ذاااتو) تتم مصادرتها إن كانت مخالفة للعرض؟
على وزارة الصحة والجهات المعنية الأخرى أن توضح للرأي العام تفاصيل هذه الفضيحة الكبرى وأن تعلن لنا على الملأ من هو صاحب (سوق العدة) هذا وأن تبين لنا كافة الأطراف المشاركة له في هذا الأمر الخطير، أما السيد وزير الصحة فالعبدلله يعتقد بأنو ما فاضي (للحاجات) دي وليس من شأنها أن تحرك فيهو شعرة .. أيه يعني لمن (عنبر) مستشفى يتقلب (سوق عدة) والبياعين يهتفوا :
• جبناهو بالطيارة وبعناهو بالخسارة
كسرة:
العبدلله لن يندهش إذا وجد أن أحد العنابر بمستشفى التجاني الماحي قد آل (للفكي أبكر) ليعرض عليه (عرق المحبة) وبقية العروق وقام بتحويله إلى (سوق حجبات)!! ما أصلو دي بلد (ما عندها وجيع) !!
• كسرة ثابتة (قديمة): أخبار ملف خط هيثرو العند النائب العام شنو؟ 84 واو – (ليها سبع سنوات) ؟
• كسرة ثابتة (جديدة):أخبار تنفيذ توجيهات السيد الرئيس بخصوص ملف خط هيثرو شنو؟ 43 واو (ليها ثلاث سنوات وسبعة شهور)

ساخر سبيل – الفاتح جبرا
صحيفة الجريدة


تعليق واحد

  1. طيب يا استاذ جبره انا متبرع للمستشفى بى ديك عده عشان اكسر العده دى وبالتالى ممكن النافذ دا اشوف ليهو محل تانى وبعدين الشكر يكون لى ديك العده مش لى انا عشان ما ينطبق علينا المثل البقول الخيل تجقلب زى الشرا فى القندول عفوا والشكر لى حماد اقصد