ما بوسع السيَّاف قطع لساني!!
* أربعة أشهر مرت على إيقافي والزميل العزيز (عثمان شبونة) عن الكتابة بصحيفة (الجريدة) بواسطة جهاز الأمن بدون أن ندري أو يدري أحد، وربما لا يدري جهاز الأمن نفسه، السبب. الله وحده الذي يدري، والشخص الذي أصدر الأمر بإيقافنا، ظنا منه أن ذلك سيلين مواقفنا أو يثنينا عن مصارعة الباطل، ولكنه واهم، فقد تكررت مرات إيقافنا، حتى تعدت الثمانية بالنسبة لي، وترواحت بين الأسبوع والعامين، فهل كان ذلك سببا في تراجعى أو تراجع الزميل (شبونة) عن مواقنا .. كلا، ومليون كلا، ولن يحدث باذن الله، وليبحث ذلك الشخص عن تحقيق رغبته وتنفيذ إرادته في الذين يخيفهم التهديد، أو يسيل لعابهم الإغراء !!
* وليعلم ذلك الشخص، إن لم يكن يعلم، أن الحرية هبة الله للخلق، وليست ملكاً لشخص، مهما بلغت قوته، كي يمنحها أو يمنعها !!
* ولم يستكثرها الله على خلقه رغم أنها هبته وهديته لهم، بل خيرهم بين الإيمان أو الكفر.. “وقل الحق من ربكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر” الكهف (29).
* فكيف لمخلوق لا يساوى شيئا في ملكوت الله أن يستعبد الناس، ويصادر حريتهم .. هل هنالك إفتئات على المولى أكثر من ذلك؟!
* في أيام الإسلام الخالص لوجه الله، عندما سأل “رستم” كبير الفرس “ربعي بن عامر” رئيس وفد المسلمين لماذا جاءوا اليه، أجاب: ” لقد ابتعثنا الله لنخرج الناس من عبادة العباد الى عبادة رب العباد “.
* أي أن الدين جاء لتحرير الناس، لا لاستعبادهم واسترقاقهم، وخداعهم وأكل أموالهم بالباطل، والصعود على جماجمهم!!
* وكان ذلك موقف عمر بن الخطاب قبل (1500 عام)، عندما زجر واليه على مصر عمرو بن العاص قائلا ً..”متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحراراً؟” .. هكذا يكون الفهم الصحيح للدين والعدالة والإمامة والحكم!!
* لا أن يتسلط من يتسلط، ويفسد من يفسد، ثم يمنع الناس عن قول الحق وكتمان الشهادة .. ” ومن يكتمها فانه آثم قلبه، والله بما تعملون عليم” البقرة، 283.
* وهكذا يكون احترام الرأي الآخر وإنصاف الآخرين، والاستماع اليهم مهما صغر شأنهم، والا لاستحقر سيدنا عمر المواطن البسيط أمام الوالي!!
* لا أن يرهب القوي الضعيف ليصبح “لسان سيده” .. “ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة ولا يزالون مختلفين” هود،18.
* وهكذا يكون احترام الأقليات والديانات الأخرى، وإلا لدافع ابن الخطاب عن الوالي المسلم في مواجهة المصري القبطي!!
* ولكن في زمن السحت، يريدوننا أن نتخلى عن هذا الإرث العظيم ونكون عبيدا لهم، إذا أحسنوا أحسنا وإذا أساءوا أسأنا، بينما يعلمنا الرسول الكريم :”لات كونوا إمعة تقولون إذا أحسن الناس أحسنا وإذا أساءوا أسأنا، ولكن وطنوا أنفسكم، إذا أحسن الناس أن تحسنوا وإذا أساءوا فلا تظلموا” رواه حذيفة.
* في زمن السحت، يريدون تجريدنا مما خصنا به المولى عز وجل من حرية التعبير .. “والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر” التوبة، 71 .
* ولكن هيهات، فالعبودية الى زوال: “ولا بد لليل أن ينجلي ولا بد للقيد أن ينكسر” .. كما ينشد الشابي!!
* ومن التاريخ يستلهم المفكر إسبينوزا مقولته الشهيرة .. “القوانين التي تلجم الأفواه وتكسر الأقلام تدمر نفسها بنفسها” .. ولكن من يفهم؟!
* ولمن لا يفهم، فـ “النفوس لا تُستعبد، والأرواح لا تُسجن”، أو كما يصدح الشاعر السوري المخضرم بدوي الجبل: وما ضرني أسرٌ ونفسي طليقة ** مجنحةٌ ما كف من شأوها أسرُ، ويصرخ أمير الشعراء شوقي بالصوت العالي: وللحرية الحمراء باب ** بكل يد مضرجة يدقٌ!!
* ويكتب نزار قصيدته الشهيرة “تزوجتُك ايتها الحرية”، ولقد تزوجتُ الحرية، فـ “ما بِوُسْع السيَّاف قَطْعُ لساني ** فالمَدَى أزْرَقٌ، وعندي أَظَافِرْ” !!
مناظير – زهير السراج
صحيفة الجريدة
انت و عثمان شبونة آخر جيل المقاتلين و المنافحين عن الحرية و حقوق الشعب السوداني فلك التحية و التجلة أستاذي الفاضل !.