زهير السراج

لماذا لا نقتلها ونرتاح منها؟!


* قطع رئيس هيئة علماء السودان بروفيسير (محمد عثمان صالح) بعدم التزام الهيئة بالمواثيق الدولية، وبرر فتوى (علماء السودان) بزواج الصغيرات، أنهم يعتبرون مقياس التكليف هو البلوغ، وليس سن (18) سنة، لذلك يعارضون الأمم المتحدة وقوانينها، ومن وافقها في هذه النقطة نرى أنه على خطأ، مضيفاً أنهم فرقوا بين البالغة والبالغة العاقلة الرشيدة، والأخيرة عليها أن تتزوج يوم أن ظهرت عليها علامات البلوغ لأن الله كلفها، وتَعِف نفسها حتى لا تقع في الخطيئة!!

* بالله عليكم تأملوا هذا الحديث الغريب ممن يدعى أو يطلق على نفسه رئيس هيئة (علماء السودان) ــ ولا أحد يدرى من الذى أعطاهم هذه الصفة، ومن قال أنهم علماء السودان، وفى أى نوع من العلوم يتفوقون على غيرهم، حتى يطلقوا على أنفسهم (هيئة علماء السودان) ــ ولكن ليس هذا مُهماً، فليصفوا أنفسهم بما يريدون، علماء أم عباقرة، أم فطاحلة، أم أفذاذ، أم أية صفة أخرى تتفق وعلمهم الواسعة وعبقريتهم الفذة .. المُهم ما يصدر منهم من فعل أو قول أو عمل ينفع المجتمع .. ودعونا نبدأ من النقطة الأخيرة لحضرة العالم الجليل رئيس هيئة علماء السودان بروفيسور (محمد عثمان صالح)، زادنا الله من علمه وبركاته، وجعل ذلك فى ميزان حسناته!!

* يحُض مولانا (من الحض وليس الحيض)، المرأة (البنت) أن تتزوج عندما تظهر عليها علامات البلوغ، حتى تعف نفسها ولا تقع فى الخطيئة، أى ان عليها أن تتزوج متى ما ظهرت عليها علامات البلوغ (الطمث، أو الدورة الشهرية)، ولا تنتظر أكثر من ذلك، فتقع فى الخطيئة .. بالله عليكم تأملوا فى هذا الفهم، وتدبروا كيف يفكر من يطلق على نفسه رئيس هيئة علماء السودان .. على البنت أن تتزوج متى ما (بلغت) إتقاءا للخطيئة، أى أن مقياس العالم الجليل للوقوع فى الخطيئة هو بلوغ البنت فقط، بدون وجود أى معايير أخرى، تربوية أو اجتماعية أو اقتصادية .. تخيلوا!!

* نتساءل .. هل يعرف مولانا العالم الجليل، أن سن البلوغ يختلف من شخص لآخر ومن إمرأة الى أخرى، ويعتمد هذا على عوامل كثيرة منها التركيب الجينى، والصحة العامة، والصحة النفسية الى آخره .. قد تبلغ إحداهن دون سن العاشرة، وقد يتأخر البلوغ عند أخرى الى ما بعد الخامسة عشرة أو اكثر، فهل يعقل تزويج طفلة عمرها تسعة أو عشرة أعوام لانها فقط بلغت، ويخشى عليها من الفتنة؟!

* ثم أين ذهبت طموحات واهداف هذه البنت فى الحياة، من تعليم الى عمل، الى مساعدة اسرتها (مثلا)، الى حرية اختيار شريك حياتها ..إلخ، كانسان من حقه ان يُعطَى الفرصة لتحقيق اهدافه واختيار طريقة حياته، أم أن مولانا لا يرى فى المرأة سوى شخص (او جسم) خُلق لاشباع رغبة زوج يستمتع بها ويحميها من الخطيئة، ومن قال لك يا مولانا أن الزواج يقى وحده من الخطيئة ؟!

* دعك من طموحات المرأة كانسان، ايها العالم الفذ، فكيف تنجب من هى طفلة (حتى لو كانت بالغة) وتربى، وتعلم وتعد ابناءها للمستقبل، أم أن (حيضها) فى رأيك كافٍ لتحقيق هذه الاهداف، أم أن الهدف الوحيد فى من زواجها، فى رأيك، هو ألا تقع فى الخطيئة، وليس مُهماً أن تنجب، ويكون لها أسرة صالحة!!

* لا أفترض، سيدى، أنك تعلم أن الحيض وحده لا يكفى للانجاب، وأن النضج الجسمانى خاصة فى منطقة الحوض، من الأشياء العضوية المهمة للحمل والانجاب الصحى، دعك من العوامل العقلية والنفسية، فالثابت علميا أن نمو جسم المرأة ــ وليس هذا مجال تخصصك، ولكن ألا تسأل وتستفسر ممن هو أفقه وأعلم حتى لا تتفوه بما لا تعلم ــ لا يكتمل وتصبح المرأة فى وضع مثالى للحمل والانجاب إلا بعد سنوات من البلوغ قد تزيد أو تنقص (ولكن المتوسط هو الثامنة عشرة تقريبا)، أم انك تعتقد أن مجرد نزول دم الطمث يعنى البلوغ، والاستعداد الفطرى لممارسة الرذيلة (كما قلت)، لذلك تنصحها بالزواج فور نزول دم الطمث حتى تحمى نفسها من الخطيئة ؟!

* دعك من هذه العلوم الدنيوية (علوم الكفر والضلال)، سيدى العالم الجليل، وليقتصر الحديث على علوم الدين فقط، أولم يأمر بالدين بعدم تزويج المرأة إلا برضائها، وإلا عُد زواجا فاسداً، فقل لى بالله عليك كيف تضمن أن تكون المرأة راضية عن زواجها حتى لو أعلنت صراحة عن رضائها، وهى لا تزال طفلة فى سن التاسعة لا تفقه شيئا فى الحياة، وهل ترضى أنت شخصيا أن تزوج ابنتك وهى فى التاسعة من عمرها لانها بلغت؟!

* معنى كلامك هذا سيدى أن تُسئل المرأة عن أفعالها وأقوالها متى ما بلغت سن البلوغ (الاستحلام)، حتى لو حدث فى عمر الطفولة، وعدم وضع أدنى اعتبار لسن الرشد والتكليف القانونى، وأن يُفرض عليها الزواج بمجرد بلوغها لنمنعها من ممارسة الرذيلة، ونحمى المجتمع من آثامها وشرورها .. لماذا إذن لا نقطع رأسها ونقتلها ونرتاح منها وهى فى المهد صبية، ولا نكبد انفسنا عناء الانتظار والقلق عندما تصل الى سن البلوغ .. أليس هذا هو نفس الفهم الذى وأد به الجاهليون المرأة، سيدى العالم الجليل؟!

مناظير – زهير السراج
الجريدة


تعليق واحد

  1. فضيلة شيخنا د.محمد كرم الله عضو مجمع الفقه الإسلامى السودانى –
    يرد على الصحفى الطاهر ساتى.

    بسم الله الرحمن الرحيم
    رسالتي إلى الطاهر ساتي:
    … لا تقذفوا آباءكم وأمهاتكم ،،،
    ،،، فإنَّ أمي ليست زانية ولا مغتصبة…
    اطلعت على مقال بعنوان ” هيئة هدم الوعي ” بصحيفة “الانتباهة” الأربعاء 5/4/2017 ، للكاتب الطاهر ساتي، وقد أسفت لأن الكاتب لم يكن طاهر اللسان من رذائل القذف والطعن والهمز واللمز لمجتمع ضم آباءه وأجداده الأطهار .
    موضوع المقال : لم يحمل شيئاً جديداً، فهو يدوك في قضية تزويج الأنثى دون سن الثامنة عشر التي وفدت ضمن منظومة اجتماعية تغريبية نشطت في المناداة بها ثلةٌ حالها “كراقص على صوت طبل لا يعي قول المغني”، والشَّيْنُ على سبيل المقابلة قد يُحمدُ .
    اجترأ الكاتب على قذف أمم من أهل هذا البلد “السودان” من الأحياء منهم والأموات الذين تزوجوا من نساء عفيفات دون سن الثامنة عشر، عشن في أسر كريمة مصونة، وذلك بقوله ” ودين الله الحنيف لا يبيح اغتصاب القاصرات ” إنكاراً على تزويج المرأة دون سن الثامنة عشر، وهو إنكارٌ يتجه إلى أكثر أهل هذا البلد، فقد كان الحال في زمانٍ ليس بالبعيد أكثر النساء في القرى والمدن تزوج في سن السابعة عشر أو السادسة عشر ونحوها، وهو الحال الموجود اليوم في أكثر الريف والقرى من السودان، فهؤلاء جميعاً ينالهم القذف الذي أطلقه الكتاب في حق من تزوج دون سن الثامنة عشر “الاغتصاب”.
    فلا أدري أين غاب عقل الكاتب وهو يصف زواجاً مشروعاً تعاقبت عليه أجيالٌ شريفة بجرمٍ أقبح من الزنا المجرّد ؛ “الاغتصاب” ؟ لقد كان من لزوم التعقل أن يبصر الكاتب السادة النجباء والقادة الشرفاء من أهل هذا البلد الذين سارت بأخبارهم ومواقفهم الركبان ممن حملت بهم أمهاتهم دون سن الثامنة عشر فكانت بطونهن لهم وعاء وثديِّهن لهم سقاء، فهل استحقوا يوماً من الدهر هذه السبَّة العظيمة؟ وهل اكتسبت أمهاتهم حريم “السترة” و”الحشمة” و”مصانع الأبطال”، “الما ناطحن الرجال” و”ما هملن العيال” ، هل اكتسبن ذنباً جرّ لهن هذا القذف المشين ؟ وهل سلمت أسرهم العريقة المتناصرة من هذا التجريح المؤذي ؟، بل إني لا أشك في كون الكاتب سليل أجيال تزوجوا دون سن الثامنة عشر، وأن من حوله ومن معه كذلك، فهذا أمر معلوم باستقراء عوائد مجتمعنا من قريب، فهل رضي لأصوله القذف بما هو أقبح من الزنا ؟، وهل يجمل بالمرء أن يسب أصله؟، وأي أذية حملتها كلماته لعدد لا يستهان به من أفراد هذا المجتمع الذين يعيشون بيننا، ولم يكتسبوا جرما حتى لحق بهم هذا القذف الذي يكفل لهم حق المقاضاة والمساءلة لمن اعتدى على عرضهم، فقد أصاب الكاتب منهم عرضاً عريضاً.
    أتبع الكاتب إنكاره الأول بالقول : ( فإن الصغيرات مكانهن قاعات التعليم وليس غرف النوم ) ، فأقول له: إنّ قاعات الدراسة اليوم صارت في مظاهرها غرفُ نومٍ لا تخفى على ناظر مطلع، فكثير من الطالبات تلبس من الملابس الضيقة التي تظهر مفاتنها وتتجمل بأنواع من المساحيق والعطور المثيرة للغرائز وتجلس بجوار شابٍ أجنبي لا يحل لها؛ حالاً تستمر عليه أربعاً أو خمساً من السنوات، قد لا تبذل مثله لزوجها بعد زواجها أربعة أو خمسة أشهر ! كنَّا نأمل منكم أن تسخِّروا أقلامكم لتوجيه هؤلاء إلى القيم العليَّة التي بشر بها دينهم الحنيف، وإلى الأهداف المنشود في مؤسسات التعليم العالي، تداركاً لهذا التدني المتسارع في مخرجاته، واشتغالاً بالجادة دون التعريج على بنيات الطريق . لكن آسفنا أن أقلامكم كانت حرباً على الفضيلة، سلماً مع الرذيلة، فماذا تبتغون ؟.
    لقد كان بإمكان الكاتب أن يطرح رأياً بدا له ليجد عنده رداً وافياً وجواباً شافياً، غير أنه جنح إلى الإساءة والتنكيل، وركب الشطط في القذف والتضليل بغير برهان ولا دليل، وعين السخط قد تبدي المساوىء، حتى تقدَّم في مقاله بمقترح حل هيئة علماء السودان، وتحجيم دور مجمع الفقه الإسلامي، ليفصح بالهدف من الردود المتتابعة وإظهار الشناعة لمسالك المرجعيات الفقهية والهيئات الشرعية وهو : الإسقاط أو “سحب الثقة”؛ ذات النهج الذي سارت عليه طوائف العلمانيين في دولٍ أخرى تجاه هيئات العلماء والحسبة ونحوها من الجهات التي تعمل على إظهار نظام الشريعة الإسلامية وتدعو إلى تطبيقه في الواقع بمختلف الوسائل والأساليب. فقد كنا ندرك هذا المقصد عبر كثير من الكتابات الممنهجة مستتراً في لحنها وطريقة عرضها، غير أن الكاتب في مقاله هذا قد ضاق ذرعاً بإخفاء ما أظهره بقوله : ( ويبدو أن المسماه هيئة علماء السودان من معاول هدم الوعي، ويجب حلها وتسريح شيوخها ليأكلوا من خشاش الأرض، ويكفي عند اللزوم مجمع الفقه الإسلامي)، في أسلوبٍ ينبيك عن أزمة أخلاقية وتساقط في قاع الإفلاس عن المنطق المصون والأدب المكنون، وكل إناء بالذي فيه ينضح .
    ثم إن الكاتب هرب من تبعة التطاول على رسول الله صلى الله عليه وسلم في زواجه من أم المؤمنين دون سن الثامنة عشر التي ينادي بالإلزام بها في التزويج، حين قال : ( ولا يزال البعض يردد كالببغاء بلا وعي مزاعم زواج رسول الله صلى الله عليه وسلم من أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها وهي بنت التاسعة رغم أنف الروايات التي نفت هذا العمر ) ، فقول الكاتب هذا ضربٌ من الإسفاف والإرهاب الفكري لا يستند إلى البراهين العلمية، ولا الحقائق الواقعية، إذ أم المؤمنين عائشة ماتت وعمرها 63 سنة وتوفيت سنة 57 من الهجرة، ومات رسول الله صلى الله عليه وسلم في السنة الحادية عشر من الهجرة، وهذا ما تثبته كتب التاريخ والتراجم والسير والسنن، فقل لي كم كان عمرها عند موته عليه الصلاة والسلام ؟ وكم سنة عاشت معه من الزمان؟ حتى تصف التزويج دون الثامنة عشر بالاغتصاب ! ناهيك عن أحاديث صريحة ثبتت في البخاري ومسلم تجاسرت عليها بالرد مسفهاً من أخذ بها من عامة المسلمين وخاصتهم، ولا غرابة في صنيعك لأن هذا منهلٌ لم تأخذ بدلوه، والله المستعان، وهو الهادي إلى سواء السبيل.
    كتبه: د. محمد كرم الله محمد