مهمة صحفية أم تجسسية ؟ (الحلقة الأولى)
منتصف الأسبوع الماضي، وتحديدا يوم الإثنين كانت درجة الحرارة في مدينة الخرطوم لا تطاق، السماء تنذر بصيف عنيف، كانت الساعة تقترب من الرابعة والنصف عصراً، تلمح في وجوه الناس ذلك الشعور الخانق من الضيق، كنت أقود السيارة بمحاذاة شارع الجزار، نغمات الرسائل البريدية على (الفيسبوك) نبهتني لطلب صداقة، يبدو أنه معلق منذ ليلة، لم أكترث له مع موسيقى الجاز الصاخبة والمنبعثة لشرحبيل، قرأت الرسالة وجنبت على الرصيف : ” تحياتي الغالية : أنا محمد من موقع الكتروني عربي ينطلق من تركيا، أمل أن تمدنا بتقارير صحفية من الخرطوم” .. أكملت قراءة الرسالة، ولم أشعر بأيما توجس، لأنني لأكثر من مرة راسلت مواقع عربية، واكتفيت بالرد ” شكرا للإختيار وأتمنى أن أوفق في ذلك” .. إلا أن شيء ما حدث بعد ذلك، استرعي فضولي، وجعلني أهرع نحو محرك البحث (قوقل) للتعرف على طبيعة الموقع، والسياسة التحريرية التي ينتهجها، وصفة (محمد) تحديداً في ديسك التحرير، الروابط تفتح على جدار هلامي ..لكن (قوقل) يعتذر بلطف ” عفواً لا توجد معلومات مطابقة للبحث .!!
رقم مريب
في ساعة متأخرة من الليل وصلتني رسالة أخرى من (محمد) يطلب مني أن أمده بعنوان البريد الإلكتروني ورقم الهاتف على سبيل الإحتياط، فعلت بلا تردد، وجاءتني رسالته الأولى ” عزمي بيك، ينفع نجرب قوتنا في تقرير اليوم عن زيارة وزير الخارجية المصري سامح شكري للخرطوم؟” .. قلت بالطبع لا يوجد ما يمنع، خصوصاً وأنها زيارة تأتي في ظروف بالغة التعقيد وتصعيد سياسي واعلامي، وبعدها ظهر على شاشة الهاتف رقم غريب، يبدأ بمفتاح تركيا، وسرعان ما يتبدل إلى أسطنبول، كان ذلك يحدث قبل أن أرد، حيث تضيء شاشة الهاتف بإسم تركيا ومن ثم أسطنبول، وأحياناً سوريا، وهى ليست عادة الهاتف في المكالمات الخارجية، حيث يظهر إسم دولة أو مدينة المتصل فقط في حالة تنشيط خدمة (تروكولر) .
الأن هنالك مهمة صحفية تقريباً، وعلى أن أحدد طريقة المعالجة والمصادر والمعلومات الكافية عن الزيارة والأجندة، بإختصار على أن أجهز خطة التقرير .. المثير للدهشة عندما أخطرت بها مراسلي رفضها، وقال بحسم أنه لا يوافق عليها، ويريدني أن أنطلق من نقطة وقف العدائيات بين البلدين، وتحديداً المعارضة المصرية المسلحة التي ترتكز في السودان وتهدد حكومة عبد الفتاح السيسي. قلت له، ليس لي علم بوجود معارضة سياسية نشطة (للأخوان المسلمين) دعك من أن تكون عسكرية، فجأة توقفت المحاثة على (الفيسبوك) وعاودنا الإتصال عبر الهاتف، هذه المرة كان يكلمني من رقم أخر معنون بـ”أنقرة” ما أثار دهشتي أكثر رغم أنها جميعها مدن تركية، ولكن كيف يتنقل فيها بهذه الخفة !؟
لماذا تغيرت لهجة المتصل ؟
قال لي (محمد) عبر الهاتف، نحن لدينا خطة جاهزة للتقرير، سوف أبعتها لك، وأتمنى أن تنفذها كما هى، وأردف قائلا ” نحن طبعاً بنتعامل بالقطعة، وحا نديك على التقرير ألف دولار ..” هنا بدأت أنفاسي تتصاعد، خصوصاً وأن المكالمة انقطعت، ولهجة المتصل كانت مصرية محضة وبدأت تتغير إلى لهجة شامية، كما أن المواقع العربية _أو معظمها على الأقل_ لا تمنح في كتابة التقرير الواحد أكثر من ثلاثمائة دولار، وخمسمائة في حد أعلى، بعد ذلك بنصف ساعة هبطت على بريدي الألكتروني رسالة جديدة، إنها البداية المروعة، أصعب مهمة عمل صحفي في حياتي، مهمة أشبه بالتجسسية، يا إلهى .
خطة التقرير
بعد أن طالعت الإيميل المرسل توقفت كثيراً، هذه مهمة جريئة إما أن أقبلها أو أرفضها بالكامل، لكنني أبداً لا يمكن أن أقبل بمهمة تضر الأمن القومي لبلدي مهما كان الثمن، شاورت أحد الأصدقاء فقال لي لا تنقطع في التواصل معهم، بدأت أراجع خطة التقرير المرسلة، وهى عبارة عن معلومات في شكل استفهامات تبدو كحقائق أكثر من كونها استفهامات! من محاور التقرير التي أرسلوها لي ” ما هي أنشطة المعارضة المصرية داخل السودان، وهل تضمنت صناعة متفجرات وتهريب أسلحة إلى داخل الأراضي المصرية،وما هى طبيعة علاقة معارضي الرئيس السيسي بالسلطات السودانية منذ توافدهم بعد 2013، وهل يخشون من تطبيق وقف العدائيات بين الخرطوم والقاهرة، أم يعتبرونه مزايدات كلامية ودبلوماسية. (مصادر من المعارضة المصرية الإخوانية) ,, بجانب سؤال عن امكانية أن تنفذ الحكومة السودانية هذه البنود، كذلك هل اتفاق الجانبين على “عدم إيواء أو دعم مجموعات معارضة” يعني ترحيل كل المعارضين، أم يقتصر على ترحيل “المعارضة النشطة”؟.
كان ردي على ذلك الإيميل أنه لا توجد معارضة نشطة في الخرطوم، معلنة أو حتى معلومة للمصادر الصحفية الخاصة، بجانب أن وزير الخارجية السوداني إبراهيم غندور لم يستخدم كلمة ترحيل المعارضة المصرية، ما يعني –وهذه إشارة مهمة- أن التقرير كله مبني على افتراضات، أو تخيلات، وختمت حديثي بالقول أنني لا يمكن أن أكتب مادة بهذا الشكل تفتقر للمعلومة الصحيحة في المقام الأول، وسوف تسبب لي مشكلة مع الجهات المختصة .
مجموعة مغلقة
بعيد ذلك تكثفت الإتصالات التلفونية ورسائل الفيسبوك “يا سيد عزمي.. نتحدث إليك في المحادثة الجماعية ولا ترد.. نريد التواصل معك بخصوص التقرير” .. لأفاجأ بمجموعة مغلقة على تراسل الفيسبوك تضم خمسة أشخاص، تحدث معي فيها فقط محمد وشخص أخرى يسمى (كريم) وهو الذي سوف يعاونني في كتابة المادة، كريم لا تظهر ملامح وجهه، بعيد ذلك علمت أنه صحفي يكتب من القاهرة، هذا ما قاله لي محمد، لكنني لم أعثر لكتابات منشورة له على الموقع المشار إليه، وحتى على المواقع الإلكترونية الأخرى، وصفحته على الفيسبوك تثير الشبهات، صفحة بلا منشورات تعبر عن صاحبها، وتفتقر بشدة للوجوه والتفاعل .
كريم قال لي أنه يريد تصريحات خاصة تخدم المادة، قلت هل تقصد من الحكومة والمحللين؟ قال بل الذهاب إلى أماكن تجمع الإخوان المسلمين في الخرطوم واستطلاعهم عن مصيرهم، وهل سيتوقفون عن تدريب الشباب وارسالهم إلى مصر عبر الحدود؟ قلت له لا علم لي بوجد إخوان في الخرطوم يقومون بأي نشاط سياسي، كما أن المحاور المرسلة يصعب بناء تقرير خبري عليها لأن زيارة سامح شكري معلنة وكل ما تباحثوا فيه تم نقله على المؤتمر الصحفي .. لكن كريم باغتني بالقول : يوجد! ونحن تواصلنا معهم وأضاف ” استاذ عزمي، هرسلك خلفية عن التواجد الاخواني في السودان كي تضمنها مع التقرير.. الخلفية جاهزة ولا تحتاج إلى تعديل، راجع إيميلك من فضلك” ومن ثم كرر ” الخلفية جاهزة ولا تحتاج إلى تعديل” .
مهمة بالغة الخطورة
الأن سوف تصبح المهمة بالغة الخطورة، وتنفتح طاقة أخرى من الجحيم على فحيح صيف الخرطوم، الأمور تتعقد أكثر، بدأت أشعر بالقلق، واتصلت ببعض الزملاء الصحفيين، أكثرهم طالبني بعدم الإستجابة، لأن كتابة من هذا النوع تصلح كوثيقة إدانة للخرطوم، وادانة لي أيضاً .. بجانب أن أحاديث إيواء السودان لخلايا ارهابية ظل يكررها الإعلام المصري ليلاً ونهاراً، ولكن عندما تنشر بإسم صحفي سوداني، ومن موقع الحدث ربما تأخذ درجة عالية من المصداقية، وتصبح كأنها عمل صحفي استقصائي يصعب تفنيده.
لعبة الأنترنت
هنا حسمت أمري، بأنني لن أفعل ذلك، ولو دفعوا لي مئات الملايين من الدولارات، تردد في الأنحاء صوت درويش (علقوني على جدائل نخلة، وأشنقوني فلن أخون النخلة، هذه الأرض لي) لكنني لم أفكر بعد من الذي يريد توريطي في هذا العمل التخابري، لا أجد له وصف غير أنه تخابري ولكن بصورة جديدة، وربما ليست جديدة، بلغ الخطر أشده في الإيميل الأخير، نبهني له كريم، وهو عبارة عن مقابلة مع قائد اخواني مزعوم يتواجد في الخرطوم، تحدث في المقابلة بصورة جريئة جداً تدينه هو في المقام الأول، وتحرج بشدة من تعاونوا معه إن صدق .. يا إلهى هذا أمر غير معقول ولا منطقي، ولا يمكن أن يتحدث رجل ينتمي لجماعة الإخوان المسلمين المعارضة للنظام المصري بهذه الصورة، ويدلي بمعلومات عن تنسيق مع التنظيم الدولي، ومدهم بالأسلحة، ولا يمكن لتركيا أيضاً أن تطارد الإخوان، إنها رواية فطيرة، وخطيرة أيضاً، والأخطر من ذلك أن الهاتف الذي تلقيت منه معظم الإتصالات لم يكن من تركيا، كانت تلك لعبة الأنترنت، وهذا ما سيتضح في الحلقة الثانية، بجانب تفاصيل مثيرة على نحو لا يصدق، وكان ثمة سؤال يرن أيضاً في الخاطر، لماذا أنا تحديداً ؟ وبأي شكل سينتهي هذا الكابوس.
نواصل.
بقلم
عزمي عبد الرازق
إِن تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِن تُصِبْكُمْ سَيِّئَةٌ يَفْرَحُوا بِهَا ۖ وَإِن تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لَا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا ۗ إِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ
تجينا استثمارات من الخليج يشتمونا
تجينا موزة يشتمونا
يرفعو عننا حصار هم سبب اساسى فى فرضة يتملكهم غيظ وحقد ويشتمونا
نرقض بضاعتهم المسرطنة مع كل الدول , يتركوا كل الدول ويشتمونا
مع كل ذلك نحن مطمئنين لان الحسود لا ينتصر ولا يسود
لله در الحسد ما اعدله بدأ بصاحبه فقتله
اخطر شي لعبة الانترنت انو بتظهر لك الارقام من مدن تركية عشان تتطمن انهم معارضين للسيسي
مخابراتهم قذرة فعلا
تسلم على موقفك الوطني شكراً لك
الان اتضحت لي الصورة. ربما لاحد مواضيعك التي كتبتها في الايام القليلة الماضية دور في هذا الاستهداف. لكن اخي الموضوع ما كان يحتاج الى انك تشاور فيه ولا كان لك ان تقول انه سوف يدخلك في مشاكل مع بعض الجهات، كان الاخرى بك رفضه من غير تردد والتفكير حتى وان ارتفعت قيمة الدلار، فهذا ابتلاء
لماذا أنت…أسأل عنه الهندي…
لماذا لم تأخذ رأي الأجهزة الأمنية كان ممكن استفيدو منك لكشف العملاء والخونة
ودي عايزة ليها استشارة زملاء بصراحة أنا شكيت فيك وربما محمد جاي ليك بتوصية من عضو مخابرات مصري سابق تعاونت معه أنت لم ترفض العرض من أجل وطنك بل كنت خوفا من قطع رقبتك من أجهزة أمن السودان بصراحة ردت فعلك لم تكن وطنية. ما عايزين نسمع باقي قصتك أحتفظ بيها عندك
من انت اصلا ولماذا أن كنت وطنيا حقا لم تبادر الي التبليغ فورا ل دي الأجهزة الأمنية وهم ادري بحبائل المخابرات وخبثها أم أنك تصطنع لنفسك بطولة من غير معترك وتبحث عن شهرة فارغة أن كنت صادقا حقا فيما تقول وفي وطنيتك ماكان لهذا المقال أن يكون هنا وماكان ليكتب اصلا كان الأولي به شباب العز الجالسين خلف حواسيبهم ينافحون عن هذا الوطن الشامخ ليلا ونهارا
كسرة
الظاهر الألف دولار خلعتك ولمن دخلت الغريق هرشت هههههههه
التحية لكاتب المقال وللصحفيين الأحرار من بلادي
غباء وجبن المخابرات المصرية دليل علي تدهور الأوضاع في مصرائيل
والكاتب وهو مصدق فيما كتب أن المخابرات تحاول بأي طريقة تثبت أن السودان يحتضن معارضة مسلحة
عالم جزمة فعلا كما قيل خير جراثيم الارض
الآن اتضحت الطريقة التي تمت بها تجنيد الهندي
يا خسارة يا الهندي 1000 دولار تبيع بيها وطنك
الف دولار شنو يا ودالنيل الهندى عند المصريين مفكر وخبير استراتيجى مره واحده وانته تقول لى الف دولار ؟
الهندى هو من رشحك لتلعب هذا الدور مع مخابرات مصر، اهو انت شايف الهندى آخر شقق بالقاهرة. وممكن يكون الأتصل عليك دا الهندى ذاتو فهو يجيد التحدث باللهجة المصرية ،بس انت كده ضيعت على الهندى فرصة شقة بالاسكندرية
من البداية كان تخت الأجهزة الأمنية في الصورة عشان يرشدوك كيف تتصرف … حتي هم يستفيدوا من هذه الخيوط … عموما شكرا للوطنية….