رفاهية .. شنو؟!!
* عنوان في الصحيفة.. أصابني بحالة هي (مزيج) من القلق.. والزهج.. والقرف.. يقول العنوان.. رفاهية المجتمع وراء انتشار (التعاطي) بالسودان.. والقائل.. إدارة مكافحة المخدرات.. (!!؟!!).. السيد مدير المكافحة.. يقول أيضاً إن المخدرات التي ضبطت في العام 2016م.. (59) طن بنقو.. (3) مليون حبة مخدرة.. وأكثر من (10) طن قات..؟!!.. (ونكتفي بهذا القدر.. ونقول)..!!
* بداية.. عن أي (رفاهية) تتحدث هذه الإدارة الموقرة.. والمنوط بها حماية المجتمع خاصة (الشباب).. والحالة الاقتصادية في البلاد.. لا تخفى على (العين) البصيرة.. والمفترض أن تكون (ساهرة).. والغلاء وتصاعد الأسعار في كل (شيء) يطحنان هذا المجتمع.. (وهو يعلم) الآثار الاقتصادية.. والاجتماعية.. وحتى التكافلية التي بعد الآباء.. دفنوا تحت التراب (غبناً).. وبعضهم (هاجر) بحثاً عن (كرامة) عله يجدها في أي بقعة من الأرض.. وترك فلذات كبده.. تحت إدارة نظام.. لا يعرفهم ولا يأبه بهم.. إلا من رحمه الله وأسبغ عليهم ستره.. وأم.. أو حتى فتيات (خرجن) بحثاً عن العيش الكريم.. في مجتمع صار أشبه بالغابة.. الغلبة فيه لمن يملك الثروة.. والقوة.. والنفوذ..!؟!.. وكل هذا (صراحة) جعل المجتمع الذي كان معافى.. (يعاف) ويخاف.. ويعرف الفرق بين تجارة البشر.. وتجارة الجسد.. (أخرجوا) من برودة المكاتب أيها السادة الى (حرارة) الواقع في طرقات كل البلاد.. وأكيد أنكم تعرفون الحقيقة التي (لن) يذوقها معسول الكلام.. حتى ولو كان فصيحاً.. ومن فم أكبر المسؤولين.. أياً كان وفي أي إدارة كانت.. خاصة الإدارة المنوط بها حماية المجتمع.. ورغم ذلك ما زال المجتمع يأمل في (كلٍ) خير..؟!!
* أغلب عناصر هذا المجتمع.. لا تعرف للرفاهية طعماً.. لأنها مشغولة.. بمصارعة الحياة.. من أجل العيش بكرامة كما أسلفنا.. منذ الصباح الباكر.. ما بين سعر رطل اللبن.. والشاي.. ورغيف الخبز.. وثمن المواصلات.. لمعظم أفراد الأسرة ذهاباً وعودة.. عملاً.. أو دراسة.. ومصاريف المدارس (الحكومية) والجامعات.. والعلاج في (مشفى) حكومي.. أنتم تعلمون الداخل اليه مفقود.. والخارج منه مولود.. والكهرباء (والسد الماسورة).. والمياه المرتبطة (به).. رغم تلوثها.. وزيادة سعرها.. حتى المناسبات الاجتماعية التي اشتهرنا بها.. تكافلياً.. أصبح (الزوغان) منها فرض عين.. أو فلنقل فرض (جيب).. وهكذا.. لا يوجد مجال لهذه الأجساد المنهكة طيلة اليوم.. سوى البحث عن (عنقريب) وسط الحوش.. أو أطرافه في طرف أي حارة.. وأي مدينة في طول البلاد وعرضها.. وحتى قراها النائية..!!
* أخرجوا الى (طرقات) هذه الخرطوم.. بمدنها الكبرى الثلاث.. وانظروا ماذا يعمل الشباب.. وماذا يحملون في كل تقاطع الإشارات.. هل عائد هذا العمل يكفي لمخدر (ما).. أياً كان سعره..؟!!.. وهذا لا يخفى أن الإحباط العام.. (والغبن).. والفاقد التربوي.. يولدان حالة من السخط قد يكون متنفسها في (المخدر).. ولانعدام العمل.. والمال.. تتولد جرائم أخرى مثل.. السرقة.. والاحتيال.. وهكذا..!؟!
* وتعالوا بهدوء.. وصراحة.. (نبحث) أين يوجد (المال) في هذه البلاد.. وأين توجد الرفاهية اللازمة التي (يستولدها) هذا المال.. فالطفرة المالية.. تجارة.. تصديراً واستيراداً.. (ومال عام).. ولوازم الرفاهية.. من سكن فاخر.. داخلياً وخارجياً.. ومزارع خاصة.. وتجارة مزدهرة.. ظانين أنها لن تبور.. لأنها محمية بالمال.. والنفوذ.. (والأتباع).. لفئات من المجتمع قبل أكثر من (ربع قرن) كانت لا تملك شيئاً.. وهي ما زالت تبحث عن (الثراء).. ولها زبائنها الذين (يمهدون ويساعدون).. وبعد ذلك نسأل بكل برودة أعصاب.. عن رفاهية كل المجتمع..؟!.. أبداً.. (محطات الخارج) التي تتجمع فيها هذه (البلاوي) معروفة.. ولا تخفى على من يريدهم.. وحتى طرق الوصول الى داخل البلاد أصبحت معروفة.. وإلا فكيف تصل المخدرات بالكونتينرات الى ميناء البلاد الرئيس.. والهيروين يتم ضبطه في مطارنا الدولي.. والخمور المستوردة تصل الى وسط العاصمة وفي أرقى الأحياء.. (34) ألف زجاجة من مختلف الأنواع.. و(32) ألف جهاز موبايل حديث تصل الى جنوب الخرطوم وعلى متن شاحنة.. و.. و.. والمساحة لا تسع وفي جعبتنا الكثير من الحقائق.. المجتمع الطيب البسيط (هنا) لا تهمه كل هذه البلاوي.. فقط تهمه لقمة العيش الشريفة..
* تجار هذه المخدرات.. يحمون تجارتهم بالسلاح.. ويمهدون لدخولها الى وسط كل البلاد (بالمال).. فقط ابحثوا عن مصادر التمويل.. (ومحطات الخارج).. أكرر محطات الخارج..!؟!
* وقبل ذلك.. نريد أن نرى.. أو حتى نشاهد احتفالاً شعبياً.. لإبادة كل هذه المضبوطات..!!
* وثقوا.. أن شبابنا ما يزال بخير..
* يا سادة.. لا تجعلوا الثعلب.. أو (الثعالب) تضحك عليهم.. أنتم أذكى من ذلك..؟!!
مفارقات – صلاح أحمد عبدالله
صحيفة الجريدة