الحكومة الجديدة .. ملاحظات أولى
{بلغت نسبة التغيير في حكومة الوفاق الوطني التي أعلنها أمس رئيس الوزراء الفريق أول “بكري حسن صالح” (45%)، فقد شمل تعديل حزب المؤتمر الوطني لوزرائه مع تعديلات الأحزاب المشاركة عدد (14) وزيراً من مجموع (31) وزيراً اتحادياً، الوزراء الجدد هم وزراء: المالية، الداخلية، العدل، النفط، المعادن، الزراعة، الاستثمار، الصناعة، التعاون الدولي، التربية والتعليم، الشباب والرياضة، التجارة، الإرشاد، الثروة الحيوانية .
{وفي رأيي أنها نسبة مقدرة تتناسب وضرورات المرحلة، مع أهمية الاحتفاظ ببعض الوزراء الذين أثبتوا جدارة وبأيديهم ملفات ومهام لم تكتمل بعد مثل وزيري الخارجية والدفاع، وللأمانة والتأريخ فإن الوزيرين البروفيسور “إبراهيم غندور” والفريق أول ركن “عوض بن عوف” قدما أداءً رفيعاً خلال الحكومة المنصرفة، لهما التحية وفائق التقدير.
{أهم تعديلات المؤتمر الوطني كانت في وزارة المالية، وأعتقد أنه التعديل الأهم الذي يعني الشعب السوداني، وقد وفقت قيادة الدولة وقيادات الحزب الحاكم في اتخاذها قرار إعفاء السيد “بدر الدين محمود”، فحجم التدهور الاقتصادي الذي ضرب دولتنا خلال ولاية “بدر الدين” على المال العام كبير وآثاره الكارثية بائنة على كل مواطن سوداني .. لقد كان تدهوراً واضحاً وظاهراً لكل ذي بصر وبصيرة، ويكفي أن الجميع يعلم أن سعر صرف (الدولار) مقابل (الجنيه السوداني) زاد بنسبة تزيد عن (100%)، فيما تضاعفت أسعار المحروقات عدة مرات رغم انخفاض قيمتها في الأسواق العالمية إلى (النصف)، وبلغت أسعار جميع السلع الاستهلاكية بما فيها المنتجة في السودان مثل السكر، أرقاماً فلكية لا مثيل لها في جميع دول الجوار، باستثناء دولة الحرب المستعرة والمستمرة (ربعنا) المنزوع .. “جنوب السودان” !! مضحك ومؤسف في ذات الوقت أن تكون أسعار السكر في “إريتريا” الفقيرة أرخص من سودان مصانع “كنانة” ، “عسلاية”، “حلفا الجديدة”، “سنار” و”الجنيد” !!
وهذا يعكس المفارقات الاقتصادية ومقدار الخلل وكم الأخطاء التي وقعت وتقع فيها دوائر الاقتصاد الحاكمة في بلادنا .
{التعديل الثاني البارز كان في وزارة النفط، وقد شهدت فترة الوزير السابق “محمد زايد” الكثير من الأزمات في المحروقات واختناقات في سلعة الغاز وارتفاع متصاعد ومتوالي في سعره ما أضاف أعباء ثقيلة على عاتق المواطن. ولذا فإن التعديل في وزارة النفط كان ضرورياً، ونأمل أن يكون الوزير الجديد على قدر المسؤولية .
{التغيير السياسي الجدير بالملاحظة يتمثل في دخول الحكومة رجل بمقام ومقدار السيد “مبارك الفاضل المهدي” وزيراً للاستثمار، ولا شك أنه سيمثل دفعة سياسية ودبلوماسية واقتصادية هائلة للحكومة الجديدة من خلال علاقاته القديمة والواسعة مع دول الخليج العربي ومصر والولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوربي بالإضافة إلى يوغندا ودولة جنوب السودان .
{هناك تعديل نوعي مهم جرى في وزارة الداخلية، إذ لأول مرة في تاريخ (الإنقاذ) يشغل منصب وزير الداخلية أحد ضباط الشرطة، وقد كان الموقع متنازعاً بين المدنيين وضباط القوات المسلحة، وبتعيين الفريق دكتور “حامد منان” وهو من قيادات البوليس الأكاديمية، تكون الشرطة قد حققت مكسباً كبيراً يستحق الاحتفاء به والامتنان .
{السؤال المحير الذي لم يسأله أحد الزملاء من حضور المؤتمر الصحفي هو: لماذا غاب اسم الشيخ “إبراهيم السنوسي” من قائمة مساعدي رئيس الجمهورية، رغم الوعد المشهور بتعيين أمين المؤتمر الشعبي السابق مساعداً للرئيس، علما بأن عدد المساعدين تقلص إلى (4) بدلاً من (5)، بخروج الدكتور “جلال الدقير” وتعويض حزبه بصفة (نائب رئيس الوزراء) للدكتور “أحمد بلال” ومن المتوقع إعلان نواب رئيس الوزراء خلال الأيام القادمة كما ذكر السيد رئيس الوزراء ؟! لماذا غاب اسم “السنوسي” ؟!
{نسأل الله التوفيق والسداد للوزراء الجدد .. وحظاً سعيداً للمغادرين في سوح الحياة العامة والخاصة.
الهندي عزالدين – شهادتي لله
صحيفة المجهر السياسي