الطيب مصطفى

بين الصوفية والسلفيين .. دعوة إلى نبذ التعصب


لفت انتباهي مانشيت كبير نشر بالأمس في صحيفة (آخر لحظة) بالخط الأحمر العريض يقول : (الصوفية تشرع في تكوين حزب سياسي) .. متن الخبر يقول ، نقلاً عن الشيخ محمد المنتصر الأزيرق الأمين العام لرابطة علماء التصوف بالسودان ، إنهم شرعوا في تكوين الحزب من خلال تكوين لجنة من (500) شخصية من مختلف التخصصات من أمريكا وأوروبا وأمريكا اللاتينية، وعزا الأزيرق اتجاههم لتكوين الحزب (لتجاوز الحوار الوطني للطرق الصوفية).

وفي خبر آخر في نفس اليوم عزا وزير الإرشاد السابق محمد مصطفى الياقوتي أسباب إبعاده عن موقعه الوزاري لخلافات بينه وبين د.عصام البشير رئيس مجمع الفقه الإسلامي بسبب مواقف د.عصام (ومساندته للمجموعات المناوئة للصوفية وإصدار مجمع الفقه الإسلامي فتاوى تحرم أنشطة الجماعات الصوفية) على حد قول الياقوتي الذي ذكر في حديثه للبرنامج الحواري الذي يديره الأستاذ الطاهر حسن التوم في قناة (S24) إن مجمع الفقه الإسلامي أصدر فتوى تمنع الذكر الجماعي الذي يصح عند الصوفية – حسب قوله.

أكثر ما أدهشني أن يشن الشيخ الياقوتي المعروف بعلمه الغزير وسعة صدره هجوماً على عصام البشير رائد مدرسة الوسطية في السودان والذي يعتبر من أكبر رموزها على مستوى العالم أجمع.

دُهشت أن يكون سبب غضبة الشيخ الياقوتي خروجه من الوزارة ودُهشت أكثر أن تنشأ فكرة (حزب الصوفية) غضباً من تجاوزهم في التشكيل الوزاري الأخير بالرغم من هناك عدداً من الوزراء والدستوريين ينتمون إلى طرق صوفية معتبرة.

سألت د.عصام حول فتوى الذكر الجماعي التي تحدث عنها الياقوتي فأوضح أنه يصلي الفجر في مسجد سيدة سنهوري ومتى ما قام أحد المصلين بالدعاء (أؤمن على دعائه ، رافعاً يدي) وقال إن فتوى الذكر الجماعي لا تعتبر أمراً ملزماً بالقانون فهي مجرد فتوى قدمت رأياً راجحاً ولا شيء يلزم من لم يقتنع بها بالأخذ بها ولا تستحق أن نثير حولها خلافاً كبيراً لأن مجمع الفقه يأخذ بالرأي الراجح ولا يُلزم من يتحفظ عليه أو لا يأخذ به ويضم المجمع عدداً كبيراً من العلماء من مختلف المذاهب والتيارات الفكرية وفيه عدد من أهل التصوف ذكرهم عصام بالاسم وفيهم الشيخ محمد مصطفى الياقوتي نفسه.

وأضاف أن الاتهام بأن السلفيين سيطروا على مؤسسات الدعوة يعوزه الدليل ذلك أن وزير الإرشاد الحالي ووزير الدولة ينتميان إلى جماعات صوفية.

أما رفض الياقوتي لقيام مجمع الفقه الإسلامي بمهمة الإفتاء بدلاً من وزارة الإرشاد فقد أوضح عصام أن ذلك معمول به في معظم الدول الإسلامية مثل مصر والمملكة العربية السعودية والأردن ودول الخليج، أما الوزارة فإن لها مهاماً أخرى مثل الإشراف على المساجد والأوقاف وتنظيم الحج والعمرة وغير ذلك.

عجبت والله لهذه الهجمة التي أخشى أن تؤدي إلى توتير الأجواء وخلق فتنة لا تُفيد الدعوة الإسلامية بقدرما تضرها وتُتيح المجال للمتربصين من الأعداء.

سبحان الله ، فعند زيارتي بالأمس لشيخنا العالم النحرير الخليفة الطيب الجد رئيس المجلس الأعلى للتصوف لمواساته في وفاة زوجه وجدت بالصدفة وفداً من أنصار السنة (المركز العام) بقيادة رئيس الجماعة د. إسماعيل عثمان.

إذن فإنه لا توجد مشكلة البتة بين الصوفية والسلفيين وكل يدعو إلى الإسلام بطريقته وفقهه مع احترام كل من الطرفين للآخر بعيداً عن التكفير والتعصب المفضي إلى الفتنة والتشاحن والتباغض والصراع سيما وقد كان أصحاب المذاهب الأربعة يدعون إلى فقههم دون تعصب وهم الذين تتلمذوا على بعضهم.

صحيح أن هناك متطرفين من الجانبين وقد هاجمت في مقالاتي (شيخ) الأمين وبعض الدجالين مثل المرتد محمود محمد طه كما هاجمت محمد المصطفى عبدالقادر وأشباهه من المعادين لكل فرق وجماعات التصوف.

ساءني أن يُكفّر الطرفان بعضهما بعضاً فقد قرأت في صحف الأمس قول الشيخ أبوالمعالي مستشهداً بما قيل أنه خرج من أضابير مؤتمر غروزني الذي أفتى حسب زعم أبي المعالي بأن (الفكر الوهابي خارج الملة والجماعة)، وأود أن أسال هذا الشيخ : خلف من تُصلي عندما تحج أو تعتمر وهل تُقيم صفاً غير الذي يؤمه إمام الحرم المكي (الوهابي) الشيخ السديس؟.

أرجو ألا يعمينا التعصب وعين السخط التي لا تبدي غير المساوئ عن حقيقة الدور الذي قام به محمد بن عبدالوهاب من إزالة لشركيات كثيرة كانت الجزيرة العربية تعج بها قبل دعوته المباركة ..أقول ذلك بالرغم من تحفظي على بعض الآراء الفقهية التي تبناها ابن عبدالوهاب ولكن أخطاءه تعتبر قطرة في بحر صوابه ودعوته.

إننا في حاجة إلى وسطية تبعدنا عن التعصب والتطرف تجنباً لفتنة نخشى ان تؤدي الى شر وبيل في بلادنا المازومة بالصراع السياسي والحروب التي لم ينطفئ اوارها.

أما حديث صلاح الخنجر حول (تنقية) المناهج مما سماه بمفاهيم التيار السلفي التي قال إنها (تكفر الصوفية) فهو في رأيي تعصب لا أساس له من الصحة وإذا أثبت الرجل ذلك فلا ضير من التعديل على ألا يكون ذلك دفاعاً عن الدجل والشركيات التي ما بعث محمد صلى الله عليه وسلم إلا للحرب عليها بالرغم من أن أباه يسمى (عبدالله).

أرجو من شيخنا الخليفة الطيب الجد أن ينهض بمهمة إزالة سوء التفاهم الذي أرى أنه تصاعد كثيراً خاصة بعد الندوة التي منعتها السلطات الأمنية في قاعة الصداقة ولا أزال أرى أن ذلك كان خطأ فادحاً لا مبرر له البتة.

الطيب مصطفى
صحيفة الصيحة


‫3 تعليقات

  1. يا باشمهندس الطيب مصطفى، نحن نعرف كل الملل والنحل ونعرف فكرها وتخطيطها، وبالذات ما يسمون أنفسهم بالإسلاميين والسلفيين وكثير من المسميات، هؤلاء هم من أدخل المشاحنات والخلافات والتكفير والتفجير في الدين. قبلهم الدين كان هو المذاهب الأربعة في الفقه، ورأي الأشاعرة في العقيدة، حتى ظهرت هذه الفرق فشقت الصف وأشعلت الفتن بين الناس، الصوفية ليس كيان ديني منفصل عن المذاهب الأربعة.
    دليلى على أن هذه الجماعات تعمل على إشعال الفتن هو تكفيرها للجميع سوى من إتبعها.
    الإنقاذ عندما أتت كان هناك معهد أمدرمان العلمي ويدرس مذهب المالكية، والعقيدة الأشعرية، وتم إلغاء منهجه بحجة ضمه لأمدرمان الإسلامية وترقيته لجامعة، لكن في المقابل ألغيت جميع مناهجه.
    الإنقاذ عندما جاءت كان يدرس الفقه في المدارس على مذهب المالكية، أما الآن فصار مسخاً من آراء الإسلاميين والسلفيين.
    العقيدة الأشعرية كانت تدرس من المرحلة الإبتدائية، وجاءت الإنقاذ فألغتها واستبدلتها بكلام شاذ متروك فيه تشويش على عقيدة الناس.
    يا باشمهندس الطيب إن وزر هذه الفتن يقع على عاتق حكومة الإنقاذ، والتي حاولت أن ترضي السلفيين على حساب الدين بإعطائهم وزارة التربية في مرحلة من المراحل، وهي الفترة التي تم فيها تغيير المناهج التي ذكرتها آنفاً.
    الآن القضية ليست قضية صوفية وسلفية وإسلاميين، القضية قضية الدين بأكمله، لماذا قامت دولتنا بالحرب عليه بأساليب خبيثة وخسيسة، وعملت على هدمه في نفوس الناس طيلة الفترة السابقة، رغم إدعائهم أنهم جاؤوا لإحياء الدين.
    الدين إذا خرج عن المذاهب الأربعة، والعقيدة الأشعرية فهو ليس بدين، وهذا هو الدين الذي وصلنا، ونعمل به ونعرفه ولا نعرف سواه، فالسلفيين والإسلاميين غير مقتنعين بالمذاهب الأربعة ويعملون على إزالتها من الوجود، والله متم نوره ولو كره الكافرون.
    نسأل الله أن يقيض للمسلمين أمر رشد يقام فيه الدين، ويعز فيه أهل الدين ويذل فيه أهل الكفر والشرك والإلحاد أجمعين.

  2. ياشملول من قال لك ان السلفيين غير مقتنعين بالمذاهب الاربعة؟ هل يبيح او يجوز اي مذهب من المذاهب الاربعة دعاء غير الله وهل يجوز مذهب النذر لغير الله اما يجوز مذهب الحلف بغير الله اما هنالك مذهب يعتقد ان غير الله يعلم الغيب ويتصرف في الكون وامر الاقطاب هل موجود في اي مذهب؟
    نسال الله العافية ان كنا في زمن يتحفظ فيه الطيب مصطفي علي اراء مجمد بن عبد الوهاب

    1. يا عبد الرحمن أنا قلت أنهم غير مقتنعين بأدلة لا حصر لها ومنها ما هو مذكور في كتبهم، وكذلك ما سمعته بأذني والله على ما أقول شهيد من أحد دعاتهم في إذاعة القرآن الكريم بقوله ما معناه “أنا لا أعرف المذاهب الأربعة، أنا أعرف فقط الكتاب والسنة، أي ما قال الله ورسوله صلى الله عليه وسلم” وكذلك تشجيع الناس على إتباع الكتاب والسنة فقط قاصدين عدم إتباع المذاهب الأربعة كأنما المذاهب الأربعة لا تتبع الكتاب والسنة، فإن أنت أنكرت هذا الكلام فإما أنك تتبعهم كيفما اتفق وإما أنك تتعامى عن الحق، وقولي هذا بعدم إقتناعهم بالمذاهب الأربعة يعرفه القاصي والداني والعالم والجاهل والكبير والصغير.