علاج الكبار والدستوريين
ما أن صدعت إحدى البرلمانيات بطرح جديد لا سابق له في أمر علاج الدستوريين يجردهم من ميزة العلاج المجاني داخل السودان وخارجه حتى وجد ذلك الطرح هوى في نفوس بعض أعضاء البرلمان الذين تباروا في تأييد تلك الفكرة، فقد اتفقوا أن ذلك البند لا ضابط له ولا كابح فالدستوري وأفراد أسرته يحق لهم ان يستشفوا بالشهور في أغلى مستشفيات الخرطوم على نفقة الدولة وكذلك الحال بالنسبة للعلاج بالخارج الذي يشكل عبئاً اقتصادياً هائلاً بالعملة الحرة التي يعاني السودان من شحها.
حاولت أن أتداخل خلال جلسة البرلمان لكني لم أمكّن من ذلك بسبب قلة الفرص المتاحة.
لا أملك إحصائيات لكني على يقين أن بند علاج الدستوريين يشكل ضغطاً هائلاً على موازنة الدولة ويستطيع المرء أن يتخيل حجم الصرف على الكبار الذين يعج بهم نظامنا الفيدرالي المترهل (18 ولاية كل منها تمتلئ بالمحليات والمجالس التشريعية وغيرها) هذا بخلاف الصرف على حكومتنا المركزية التي يقرب عدد وزرائها من المائة.
تلك القضية نوقشت في المجلس الوطني في إطار مناقشة تشريع يتعلق بالمستشارين القانونيين بدرجاتهم المختلفة بوزارة العدل بالرغم من أن ذلك العبء الهائل لا يقتصر على المستشارين أو الدستوريين، فبربكم كم عدد موظفي الخدمة المدنية مثل المديرين الذين يستحقون العلاج المجاني في مستشفيات الخمس نجوم رغم أنهم ليسوا دستوريين؟.
قبل نحو 30 عاماً كنت أعمل في شركة اتصالات الأمارات في أبوظبي في وظيفة قيادية (senior staff) وبالرغم من أنها إحدى أكبر الشركات في العالم العربي وتتمدد اليوم في دول كثيرة مثل السعودية ومصر وغيرهما بل كانت تمتلك شركة (كنار) للاتصالات في السودان والتي بيعت قبل فترة لبنك الخرطوم ..تلك الشركة الكبرى رغم إمكاناتها الهائلة اتبعت نظاماً ادارياً صارماً لعلاج القياديين ورثته من شركة (كيبل آند ويرليس) البريطانية السابقة التي تم بيعها للأمارات وسميت بعد ذلك بشركة (اتصالات) فقد حدد مبلغ 2000 درهم في العام للعلاج لا يتجاوزه الموظف القيادي مهما علا شأنه.
لا شك أن دهاقنة الإدارة البريطانيين أرسوا قواعد ونظم إدارية محكمة عمل بها العالم أجمع ولكننا للأسف نهدر مواردنا الشحيحة ولا نفيد من تجارب الآخرين ونظمهم الإدارية رغم فقرنا وقلة إمكاناتنا.
أذكر أن ابنتي الصغيرة سقطت في أرضية المدرسة وكسرت أسنانها وكلفتني زراعة تلك الأسنان كل بند العلاج في ذلك العام ودفعت الكثير على نفقتي في ذلك العام بعد أن نفد البند المخصص للعلاج.
عدم تحديد ضوابط للعلاج يجعل أسرة الموظف المستحق للعلاج تأخذ أبناءها للمستشفى الفندقي حتى للصداع والرشح بينما تحديد مبلغ معين في العام يضطر الأسرة للحفاظ على بند العلاج ولا تفيد منه إلا في (الشديد القوي) حتى لا ينفد المبلغ قبل نهاية العام.
ما طالب به بعض البرلمانيين أن يُلغى بند العلاج تماما للدستوري ويعامل مثل عامة الشعب على الأقل في بند العلاج فإذا كان الدستوري يحصل على مخصصات لا تقارن بما يحصل عليه صغار الموظفين فما أقل من أن يعاني في بند واحد هو العلاج حتى يشعر بمعاناة المسحوقين من عامة الشعب.
لقد رأينا كيف يمكث الدستوري الشهر والشهران في المستشفى وكيف تجرى له العمليات الباهظة في أغلى المستشفيات بل كيف يسافر للعلاج في ألمانيا وبريطانيا على نفقة الدولة.
كذلك رأينا كثيراً من التجاوزات في شهادات الكفالة التي تصدر بدون أدنى تدقيق.
تخيلوا لو صدر قرار بوقف العلاج على نفقة الدولة لمدة ثلاثة أشهر فقط كم ستوفر الدولة بل كيف سيكون الحال لو صدر قرار يمنع سفر كبار الموظفين والدستوريين لمدة ثلاثة أشهر ؟.
ليت رئيس الوزراء بكري حسن صالح يقوم بتنظيم العلاج بالخارج والداخل بحيث يحدد مبلغاً معيناً في العام لكل دستوري لا يتجاوزه.
جامعة الخرطوم ترد
ننشر في الصفحة التاسعة من هذا العدد رداً وصلني من جامعة الخرطوم تعقيباً على مقال لي تحسرت فيه من خلو قائمة الألف جامعة الأولى من أي من جامعات السودان بالرغم من أن مصر دخل منها خمس جامعات، كما دخلت كل من يوغندا وكينيا في قائمة الشرف بينما حصدت جنوب أفريقيا عدداً من الفرص.
تحسرت وحزنت على ذلك التردي الذي أصاب جامعاتنا ولكن (الجميلة ومستحيلة) ساءها ذلك المقال، وأدعوكم لقراءة ردها، ولو كان مقالها قصيراً لنشرته في زاويتي هذه، ولكن طوله حال دون ذلك.
الطيب مصطفى
صحيفة الصيحة
كلامك سمح لكن بعد خراب مالطة اعرف دستوري قبض مبلغ كبيرلعلاجه بالخارج ولم يصرف منها شيئإ بل اشتري بيها عمارة ومات ولم يستمتع بها