الطيب مصطفى

بين السفير السعودي وهجوم وداعة!!


عجيبٌ أن يكون أكثر الناس صياحاً وزعيقاً ومطالبة بحرية التعبير أكثرهم ضيقاً بالحريات!

لكن لماذا نعجب من ضيق محمد وداعة بحرية الرأي وهو المنتمي لحزب البعث الذي لا تعني الحريات عنده وعند أولياء نعمته في سوريا والعراق غير السحل والقتل والترويع واستخدام الكيماوي وأبشع أسلحة الدمار الشامل؟!

أقول هذا بين يدي الهجوم العنيف الذي شنَّه عليَّ وداعة لأني عبّرت عن رأيي الرافض لتصريحات السفير السعودي لصحيفة (السوداني) والتي طالب فيها الحكومة السودانية بالانحياز لدول الحصار ضد دولة قطر !

تحامُل غريب أعلم من (حرش) وداعة عليه ولا أجد تفسيرًا له غير العداء والكيد السياسي الذي يُضمره الرجل لكل من لا يرون رأيه أو يصدرون عن رؤية سياسية مغايرة لهرطقاته التي لا يزال متشبثاً بها رغم كل ما أصابها من بوار وعوار !

يقول وداعة معلّقاً على انتقادي لموقف السفير السعودي إني استغللت موقعي كرئيس للجنة الإعلام بالبرلمان لتمرير أجندتي الخاصة واستنكر الرجل أن أُبدي رأيي المعارض بالرغم من أني أشغل منصب رئيس لجنة الإعلام بالبرلمان!

أرد على وداعة بإيراد المادة (8/ 1/28) من الفصل الخامس من أحكام العضوية بلائحة تنظيم أعمال المجلس الوطني والتي تنص على الآتي: ( يحق للعضو التصريح برأيه الشخصي لوسائل الإعلام ولا يجوز له الإدلاء بذلك الرأي باسم المجلس أو أي من لجانه ما لم يكُن مأذوناً له من الرئيس).

إذن فإن من حقي أن أكتب وأعبّر عن رأيي لوسائل الإعلام ولا حجر عليّ طالما أني أعبّر عن رأيي الشخصي ولم أقل البتة أني أتحدث باسم البرلمان أو باسم لجنة الإعلام والاتصالات وتقنية المعلومات التي أرأسها.

أود أن أذكّر بأن مهمة البرلمان تتلخص في القيام بدور تشريعي ورقابي على الجهاز التنفيذي، وبما أني أرأس لجنة الإعلام في المجلس الوطني فقد تنازلت، بُعيد تسلّمي المنصب الجديد، عن رئاسة مجلس إدارة صحيفة (الصيحة) تفادياً لأي حرج أو قدح بتضارب المصلحة Conflict of interest بالرغم من أن لائحة المجلس الوطني لم تمنع ذلك التضارب بدليل أن الوزير يجوز له أن يكون نائباً برلمانياً يخوّله موقعه البرلماني سلطة الرقابة على نفسه كوزير في خلط غريب وعجيب يذكّر بالجمع بين الأختين في الزواج!

أعود لأتساءل عن أي استغلال لموقعي كرئيس للجنة الإعلام يتحدث وداعة وأي أجندة تلك التي أُمرِّرها من خلال موقعي؟!

لقد ظللتُ أكتب وأنتقد ما أراه خطأ منذ إنشاء صحيفة “الانتباهة” ثم بعد انتقالي لصحيفة “الصيحة” ولا أعلم عن حدوث أي مستجدات تحدُّ من حقي في الصدع بآرائي كما كنتُ أفعل من قديم، ولعل لائحة المجلس الوطني، كما بيَّنت، قطعتْ قول كل خطيب.

ويتحدث وداعة عن أن أعضاء لجنة الإعلام يتجاوزون العشرين، وأعجب والله أن يهرف بعض (المناضلين) بما لا يعرفون، ناسين أن الأخلاق التي نصبوا أنفسهم حماة لها في آخر الزمان تُلزمهم بالتحقُّق من صحة ما يكتبون قبل الخوض في ما ليس لهم به علم.

ويستشهد وداعة بحديث مدير مكتب الرئيس السابق لصحيفة (اليوم التالي) حول دور السعودية في رفع العقوبات عن السودان، معتبراً قول الرجل حجة دامغة ومفحمة ولن أغمط وداعة حقه في تصديق الرجل، لكن عليه ألا يطلب مني أن أصدّق كل ما قاله المدير السابق لمكتب الرئيس خاصة بعد التطوّرات المثيرة التي أعقبت إقالته مما سأتناوله في مقال لاحق إن شاء الله.

لقد أعلنت رأيي حول الخلاف الخليجي من داخل البرلمان أمام وزير الخارجية كما أعلنت عن تفهمي للبواعث التي أملت على الحكومة اتخاذ موقف الحياد، لكن ذلك لا يعني البتة أن أسكت أو يسكت أعضاء البرلمان عن الجهر بآرائهم المخالفة لقرارات الجهاز التنفيذي، ذلك أن البرلمان في النظام الديمقراطي – وليس في برلمان البعث السوري والعراقي – يضم أحزاباً ونواباً معارضين يعبّرون عن آرائهم المخالفة بالرغم من وجود رأي غالب سيسود في نهاية الأمر .

ليعلم وداعة أن منبر السلام العادل الذي أتشرف برئاسته لا يشارك في الجهاز التنفيذي الذي يلزم أعضاءه (الوزراء) بالالتزام بالقرار وبالبرنامج الحكومي الذي هم جزء منه، لكن المنبر يشارك في البرلمان الذي يُعتبر سلطة رقابية تضم مختلف الأحزاب الحكومية والمعارضة وهو ساحة للرأي والرأي الآخر، ولذلك لم أستغرب أن يجهر أعضاء البرلمان المنتمون للمؤتمر الشعبي برأيهم الرافض للقرض الذي أجازه البرلمان مؤخرًا حتى بعد صدور القرار بالرغم من مشاركتهم في الجهاز التنفيذي!

أرجع لرأيي الذي أزعج وداعة حول أزمة الخليج الأخيرة لأقول مجدداً إن السفير السعودي، الذي يبدو أنه مستجد في العمل الدبلوماسي، قد تجاوز كل الأعراف الدبلوماسية حين أدلى بذلك التصريح الغريب الذي احتقر فيه شعب وحكومة السودان، حيث كان الأوْلى أن يعبّر عن رأيه داخل مكاتب وزارة الخارجية وليس في الهواء الطلق عبر صحيفة يقرأها الآلاف، وليت الرجل يكف عن عقد المؤتمرات الصحافية ودعوة الإعلاميين لحشدهم خلف موقف بلاده وليقتد بسفير دولة قطر الذي ظل يتحلّى باللباقة والكياسة الدبلوماسية رغم أنه الأحق بأن يطلب مؤازرة السودان.

أكثر ما أدهشني سؤال وداعة: لماذا تضع الأقدار الطيب مصطفى أو يضع نفسه (دائماً في مواقف ضد مصلحة البلاد العليا)!

إنها عين السخط ورب الكعبة، بل إنها عين الحقد التي أعرفها عنه، وأحمد الله أن هذا القول يأتي من وداعة ولو جاء من غيره ممن أعلم استقامتهم لاتّهمت نفسي وذُعرت فأمثاله ليسوا جديرين بالحديث عن مصلحة البلاد العليا لأنني لا أذكر أني رأيته في يوم من الأيام وقد قدّم شيئاً ذا بال لهذا الوطن المأزوم أو للأمة الإسلامية أو للبشرية جمعاء، وعندما قرأتُ هذه الفقرة المسيئة من مقاله الغريب تذكّرت بيت جرير الدامغ :

فغض الطرف إنك من نمير

فلا كعباً بلغت ولا كلابا!

الطيب مصطفى
صحيفة الصيحة


‫2 تعليقات

  1. كعهدك على الدوام ………..لا تعرف الموضوعية وتجنح الى السب والمهاترات والنيل بالحق وبالباطل ممن يخالفك الرأي ولا تحاول ولو لمرة واحدة ان تطرح رايك بوضوح في اى قضية…………..كأنك أصبحت وصيا على الناس تنهى وتزجر وتمدح وتحقر
    ياخى اتقى الله فينا والفينا مكفينا وزيادة