ترشيد الضوضاء.. يغرز الكثيرون السماعات في أذانهم غير آبهين بالمخاطر التي قد تفقدهم حاسة السمع
لكل منا ما يلهي به نفسه حين غضب يعتريه أو (دبرسة) تحيق به، كما له ما يسعفه على تمديد لحظات سعادته حين فرح، وفي هذه الحالة يلجأ الواحد منا إلى انتقاء الأغنيات التي تعبر عن حالته، بعضنا يصرخ بصوت عال مردداً مقاطع بعينها خلف الفنان وآخرون يهمسون بها همسا يكاد لا يسمعه حتى من يجلسون بجوارهم، بعضهم يدندن راجلاً يبدد رهق المشاوير الطويلة وقسوتها، وآخرون يغرزون السماعات في آذانهم حتى لا يسمعون ثرثرات الركاب، نداءات الباعة وهرج أبواق السيارات.
ولأن السمع من أكثر الحواس تبديدا لهدوء الإنسان وضغطا على أعصابه، باعتبارها تشكل مشاعره عبر حزم من الأصوات التي يتلقاها، فإذا كانت صاخبة وعالية فإنها تعكر صفوه وتحيق خرابا بمزاجه والعكس صحيح، فكلما كانت الأصوت هادئة ورقيقة فإن ذلك يجعله هادئ الأعصاب وبعيدا عن التوتر، ويبقى السؤال: ما الذي يحل بالذين يضعون السماعات في آذانهم طوال اليوم يصيخون لمحتويات ذاكرة الموبايل وتقنيات الصوت والتسجيل وللذين يتحدثون طوال اليوم عبر السماعات المختلفة (السماعة البلوتوث، الهيد فون)؟ فهل تتأثر حاسة السمع عندهم عبر الزمان؟ (اليوم التالي) أجرت بعض الاستطلاعات حول الظاهرة بين الفئات العمرية المختلفة، فإليه:
طرب متواصل
قال الزين خالد – مضيف بص – لـ (اليوم التالي): اشتريت سماعة ساوند للتمتع بسماع الأغاني طوال الرحلات إلى الولايات. وأضاف: لا أرى في ذلك ضرراً بحجم ما نسمع وما قد تسببه من تلف للأذن، وتأثير على الأعصاب بل اعتقد أن الموسيقى المنبعثة منها تبعث على الهدوء وتريح الأعصاب، لكن ربما تؤثر سماعة الرأس سلبا على الأذن إذا كانت غير جيدة الصنع. وأردف: لو كانت السماعات تؤثر بالشكل الذي يقال عنه فإن معظم الناس سيعانون من ضعف السمع، ولا يوجد أحد يسمع من أول مرة يتحدث معه إلا بعد التكرار كذا مرة. وتابع: شخصيا أستخدم السماعة في الحديث ليلا لكن أثناء النهار استمع عبرها إلى الأغاني، والحمد لله لا أعاني من أي مشكلة.
تأثير بالغ
من جهته، قال مجاهد عمر – موظف – لـ (اليوم التالي): أرفع صوت السماعة إلى أعلى درجة عندما أكون غاضبا أو متمشيا على الرصيف، أفعل ذلك كي أنسى غضبي وأهدئ من روعي وأعصابي. واستطرد: أنا مقتنع بأن السماعات تؤثر سلبا بالسمع وتتسبب في الصداع المزمن، وكشف أنه تعرض لأكثر من حادث بسبب الصوت العالي الذي يضج في أذنيه. وواصل: أعمل جاهدا للتخلي عن تلك العادة حفاظا على أذني وسلامتهما حتى إنني قابلت الطبيب أكثر من مرة بسبب الآم الآذن المتكررة، وفي كل مرة يحذرني من استخدام السماعة بصورة متواصلة، لكنني لا ألتزم بذلك ربما لأن الممنوع مرغوب.
ترشيد مهم
إلى ذلك قال الدكتور عمر التجاني اختصاصي الأنف والأذن والحجرة لـ (اليوم التالي) إن الأذن التي لا تتعرض لضوضاء هي التي تحافظ على قدرتها على السمع بشكل أفضل لأطول فترة ممكنة. وأضاف: سماعات الأذن والهواتف النقالة هي أكثر الأشياء التي تؤثر في السمع واستخدامهما طوال اليوم حتما يساعد على إضعاف حاسة السمع ما يؤدي إلى فقدانه لاحقا. واستطرد: ليس الخطأ في استخدام السماعة بل الخطأ في استخدامها بصوت عال هذا من ناحيه أخرى. وتابع: رغم ضرورة وأهمية الهاتف، لكن يجب على مستخدميه أن لا يسيئوا ذلك، وأن يرشدوا الأمر إلى حده الأدنى.
الخرطوم – مي عز الدين
صحيفة اليوم التالي