الزهور والورد .. شتلوها جوة قلبي
فقه تبادل الزهور دخل حديثا الى ثقافتنا ..فالمتتبع لحركة الشعر والغناء السوداني ..نجد ان الزهور والورود ياتي ذكرها في تشبيه المحبوبة (يا زهرة نادية )..او ذكر مداعبتها للاغصان حاملة الورود المتفتحة (في بنانك ازدهت الزهور ..زادت جمال ونضار وطيب ..يا مداعب الغصن الرطيب)..او التلميح الى الحبيبة نؤوم الضحى عندما يقول الشاعر (الزهور صاحية وانت نايم )..شكلها الزولة دي ما بجيها الترحيل بدري ..لو استطردنا في هذا الشأن لأمتلات كتب ومجلدات .
.المهم ان الشعب السوداني طوال تاريخه المضئ يحترم الزهور واستقلاليتها ويتغزل فيها وبها ..بس من بعيد لي بعيد ..اذن من أين اتت هذه الثقافة الدخيلة علينا ؟؟..وأصبح تمساح الدميرة الما بكتلوا سلاح يكتفي ب(بوكيه ورد بنفسجي) ؟ ..او يكتب بضع كلمات في كرت مزين بالكثير من القلوب الحمراء!! ..يقدمه كهدية في عيلاد الميلاد ..او عيد الزواج ؟ ما الذي حدث؟ ..اين اختفت الأساور والغوايش ؟؟..طيب خلاص وين (التوب السويسري) ؟…ماذا جرى في الدنيا يا جماعة ؟..
جارتي استيقظت من النوم لتجد (بوكيه ورد احمر ) بجانب السرير ..وكرت صغير مكتوب عليه تهنئة بعيد ميلادها ..فما كان منها بعد ان استفاقت من موجة الذهول التي تملكتها ..الا أن ارسلت رسالة نصية لزوجها قائلة فيها (الفيك اتعرفت ) .. …صديقتي الرومانسية ..صار زوجها يؤلف لها قصائدا جميلة ..تسعدها حقيقة …بل وتفتخر بها في كل المجالس ..واحيانا تقرأ لنا بعض الابيات التي تقطر حنانا و رقة ..ذات مرة ..وقد كنا في احدى التجمعات النسوية ..ذات الشأن الاستخباراتي العالي ..ارادت صديقتي التباهي بموهبة زوجها …فقرأت بعض الابيات الجميلة التي نظمها وهو يصف محبته لها ..بعد نهاية القراءة ..وفيما هي توزع الابتسامات يمنة ويسارا وتتلقى كلمات الاعجاب من الكثيرات ..فاجاتها احدى النسوة بقولها وهي تضرب على ساعدها الأيمن الملئ بغوايش الذهب الاصلي (ياها دي القصايد يا بتي ..العندك دا كلام …ساي بمشي في الهوا) ..ضحكنا جميعا وانتبهت المسكينة الى ذكاء زوجها الخطير ..كم كانت صادقة تلك المرأة …
لم نعتد نحن الشعب السوداني تبادل كلمات الحب والهيام ..فهي تعتبر (مياعة) من المرأة و(قلة شغلة ) من الرجل …فقط هناك اشارات متبادلة بين الزوجين تدل على استمرار الود ..يبقى ليست هناك حوجة للورد او الكلام …كأن تأتي بيتك عزيزي الرجل فتجد صينية الغداء (كاربة) ومجيهة ..كأن يعطيك (ابو الوليدات ) عزيزتي المرأة حق توب العيد بدون ان تطلبيه منه ..حاجات زي دي ..لكن القصة تبقى فيها ورود وزهور ..وكلام في الهوا ..لا والف لا ..لا للثقافات الدخيلة …دا كلو من نقة البنات .(.الرجل السوداني غير رومانسي ..ولا يعرف ثقافة الزهور ولا الكلام المنمق) ..اها خموا وصروا ..لحدي ما قام استبدل الدهب بالكلام ..والتياب بالورد .عاد دا كلام يا بنات امي ؟؟ .
يا رجال السودان ارجعوا الى قواعدكم سالمين (الزول ما يهزر معاكم) .؟؟؟.. يجب ان نحافظ على تراثنا وتقاليدنا ..لا تلقوا بالا الى ترهات بنات الزمن دا ..ورد.. شنو وقصايد شنو ..دعوا الزهور في اغصانها تفوح عبيرا للجميع ..واكتبوا القصائد ليغنيها الفنانون ويسمعها الداني والبعيد …لكن لا تفاوض لا تنازل ولا استسلام في موضوع التراث والتقاليد …قال ايه زهور وورود قال …دي نغني ليها مع راديو ادم بس (وسط الزهور متصور ..وجهه الصبوح ومنور).
د. ناهد قرناص