“البقيتة المدردمة” اخترعه عامل في أحد مصانع تعبئة أكياس الشاي في أمريكا ليصير بعدها مالكاً لأكبر شركات تعبئة السكر في العالم خواطر حول “الوقة و”التمن”!
(الدبس) هو عبارة عن سائل حلو الطعم لونه بنّي غامق يستخرج من الرطب أو العجوة ومن العنب وقصب السكّر والبنجر السكّري ودبس الرطب مشهور في السعودية. أذكر أن الروس كانوا يسمونه (بيكميز) وأحيانا (دوشاب). الإنجليز يسمونه (مولاص) Molasses وزمان كان يصنع منه الشري في السودان. سكر البقيتة جاية من لفظ الإنجليزية (Sugar Packet) بمعنى مغلّف أو علبة سكر، وهو عبارة عن حبيبات لونها بنّي، وهو نفس لون الدبس الذي يصنع منه هذا النوع من السكر، وقد يكون بنّياً فاتحاً أو غامقاً حسب نسبة كمية الدبس المخلوطة معه.. اخترعه عامل في أحد مصانع تعبئة أكياس الشاي في أمريكا بعد الحرب العالمية الثانية وبعدين عمل مصنع وشركة براهو، وهي من أكبر شركات تعبئة السكر في العالم في الوقت الحاضر. زمان عندنا في أم درمان ظهرت أغنية حلمنتيش اذكر مطلعا “يا بنات بلا قرضمة.. دي البقيتة المدردمة”، وواحد من الشعراء زمان قال : –
من يوم ما جاتنا بابور النصاري
ما سعيت لا تور لابقرة لا حمارة
ومالي راح كلو في المكتّم بالدبارة
والمكتّم بالدبارة هو رأس السكر.. شكله مخروطي ومغلّف بورق لونه بنفسجي فاتح وملفوف بخيط دبارة ومعه سيخة حديد لها رأس مستدير اسمها (بلنجة) Plunger الغرض منها تكسير رأس السكّر أو (المكتّم بالدبارة):
جيب لي راس سكّر وتمنة شاي
نصو للبنوت المعاي
ونصو لأمي حبيبة قساي
يا يمة بلالي متين جايي
لا أعرف تمنة الشاي كم تساوي ولا حتى تمنة اللبن، ولكني أعتقد أن لها علاقة بالرقم 8 ثمانية أو تمن 8/1 لكنني أعرف تمنة البوليس التي اشتهرت سابقا في موقعها شمال المحطة الوسطى بأم درمان ودي جاتنا عن طريق الأتراك لأن محمد علي باشا كان قديما قد قسم القاهرة إلى ثماني مناطق وفي كل منطقة يوجد مركز شرطة أطلق عليه اسم (التمن) ثم تحرف النطق إلى تمنة. لاحقا أخبرني واحد من الأصدقاء (المعتّقين) بأن تمنة الشاي تساوي 1.5 وقية يعني تمن رطل وطبعا الرطل بساوي 12 وقية وتمنة اللبن تساوي 8 أرطال. زمان اللحم كان يوزن بالوقّة وهي تساوي 2.75 رطل وتساوي 1.25 كيلو. أصلها (أقة) جمعها أقاق أو أقق بضم الألف، وأعتقد أنها عربية دارجة من أصل تركي OKKA، وتنطق كذلك في الشام والعراق وحرّف النطق عندنا إلى وقّة والأقّة الإسلامبولية مشهورة في تلك المناطق. زمان واحد جزار من أم درمان كان معجب جدا بالرئيس إسماعيل الأزهري قال: “علي الطلاق مخ أزهري ده وزنو وقّة”، إشارة منه إلى ذكاء ورجاحة عقل الزعيم الراحل!!
الخرطوم – زين العابدين الحجاز
صحيفة اليوم التالي