من أيام.. ملوك الطوائف.!؟!
* استلفت العربة (الأمجاد) الخاصة بصديقي عباس.. في مشوار خاص وإفطار عند صديق عزيز في شمال بحري.. لم يذهب معي.. أعطاني المفتاح وطلب (50) جنيه.. بكل قباحة لفظ قائلا.. انت صديقي.. لكن ما تاكل حقي..؟! ابتسمت وذهبت.. كانت جلسة هناك ممتعة ومترعة بالذكريات..
* في طريق العودة مسرعاً خوفاً (منه) داهمني وقت صلاة الجمعة.. مصادفة كنت أمر بالقرب من ذلك المسجد الفخم.. بديع البناء والمعمار في حي (كافورينا).. حيث يسكن علية القوم وثراتهم.. وكبار (ثراتهم) من كبار المسؤولين.. ومن يدور في محيطهم.. من هناك وحتى شارع المطار.. حيث (الصيني) وفخامة المعمار الآخر.. ما بين المسجد وهناك..!!
* دخلت بالسيارة الى باحة المسجد الواسعة والمليئة جدا بمختلف انواع السيارات الجديدة والجميلة.. من أرقى الموديلات.. بصعوبة وجدت مكاناً ما بين (لكزس بيضاء.. ومرسيدس ناصعة البياض).. كان منظر (الأمجاد) بينهما كالضرس المسوس.. ابتسمت ودخلت الى المسجد.. أحد الحراس نظر إلي جيداً.. يبدو انه اقتنع بأنني لا أشبه أهل المكان.. فعلاً كان الأمر محيراً..؟!!
* المسجد من الداخل في منتهى الروعة والفن المعماري.. تختفي (باطن) الأرجل في الفرش الناعم براحة مهدئة للأعصاب.. هم يحتاجونها.. ونحن لبعضها.. الملابس في مجملها من الزي السوداني.. ناصعة البياض جداً.. مع تلك العمائم المزركشة.. وتلك العطور (الضاجة) في أنحاء المسجد.. و(قميصي) تنكر للعشرة.. وحاول الخروج.. اللون البمبي هو السمة الغالبة للجميع.. وقلنا إنه لون الراحة.. والدعة في كل شيء لازمهم طويلاً..
* كنت أتلفت.. وأنظر هنا وهناك.. كسائق سيارة الأجرة الباحث عن زبون.. جمال الناس والمشهد.. هل أنا بالسودان.. أم في دولة شديدة (الثراء) في كوكب آخر..؟!
* فليسامحني الله.. لم أفهم شيئاً من الخطبة التي قالها (الإمام).. وسهوت حتى أثناء الصلاة..
* كان هناك عقب الصلاة.. عقد قران لسلالة من سلالات أحد الكبار.. من الذين (نبتو) في أرض بلادنا.. كما ينبت حشيش ما بعد المطر.. وصاروا من أثرياء زمانهم رغم بريق شعاراتهم.. فهم لقد أصبحوا في غفلة من الزمان.. والتاريخ.. يدعون انهم من أصحاب الدماء الزرقاء الملوكية.. والمقدسة.. حتى لو ذبحت في سبيل ذلك (الثيران) السوداء..؟!
* المسجد (ضاج) بالحركة.. ومن الخارج عليه حراسة (ما).. ويبدو أن هناك (كباراً) آخرين في موقع الحدث.. تلفت يميناً ويساراً.. رغم ابتسامات البعض للبعض.. الا أن بعض (العيون) كلن لها بريق مخيف..ويقول الفلاسفة إن العيون هي مفتاح النفوس..؟!
* بهدوء تسللت الى حيث (الأمجاد).. وراوغت الفاتنات الجميلات من الموديلات الفاخرة.. وخرجت الى الشارع العام.. جنوباً الى المنزل.. حيث سلمت السيارة لصاحبها الذي لم يشكرني حتى لو وصلت قبل الميعاد المتفق عليه.. أبو (50) جنيه.. خطف المفتاح من يدي وأغلق باب منزله.. رغم أن الوقت.. وقت (غداء).. وهذا حالي معه..؟!!
* نعم ملوك الطوائف.. القادمة منهم (والجدد) تقاسمونا بكل خيرات بلادنا.. هم فعلاً يعيشون في عالم من صنعهم.. بعيدون عنا.. لا يعرفون شيئاً عن البيضة أم (2) جنيه.. ولا أنبوبة الغاز (150) جنيه.. ولا رطل اللبن الذي يقترب من (10) جنيهات.. ولا يهمهم التعليم عندنا ولا الصحة.. ولا تلك الأمطار التي أغرقت.. وقتلت.. وشردت.. وكهربت.. بإهمالهم لحاجاتنا.. والإهتمام بذاتهم فقط..؟! وهكذا يعلمنا التاريخ أن ملوك الطوائف والأباطرة والقياصرة.. والأكاسرة.. وحتى الفراعنة.. يبلغون درجة من البغي والعدوان.. ثم يأتي الله على بنيانهم من القواعد.. وحسبي الله ونعم الوكيل..
* أيها السادة.. الدين لا يعرف العنصرية.. ولا دماء (الثور) الأسود..
* الدين.. أسمى من كل ذوات فانية.. وكل (نبت) كحشيش ما بعد المطر..
* الرياح.. ستحمل كل شيئ..!؟!
مفارقات – صلاح أحمد عبدالله
صحيفة الجريدة