من ينتصر لحرائر السودان؟
ما يمور به السودان من (بلاوي) متتالية يشيب لهول بعضها الولدان عودنا على (لوك) الصبر وتجرع مراراته ، أزمات بعضها فوق بعض ، قبل أن تنجلي أي من كوارث السودان الذي لا تنقضي عجائبه تشرئب أخرى أشد وأنكى فارضة نفسها على البلاد والعباد ولا حول ولا قوة إلا بالله.
لأغراض التحقق والاستيثاق لم أكتب عما أصاب معلمات منطقة خور الورل على أيدي أولئك الوحوش الذين انتهكوا أعراضهن وعرض الشعب السوداني الصابر المحتسب إلا بعد أيام من الحادث الأليم الذي يستحق أن تلطم له الخدود وتشق له الجيوب في كل أنحاء السودان غضباً لشرف حرائرنا اللائي تعرضن لأبشع ضرر يمكن أن يصيب المرأة، وهل أكبر من الشرف عندما ينتهك ويمرغ في التراب؟
لن أحكي لكم ما حدث تفصيلاً فهو مما لا يمكن ولا يجوز أن يُسطّر على الورق .. دعونا نخفف مما حدث .. نعم ، فقد والله لم أجد كلمة غيرها .. دعونا نخفف مما حدث لنقول إن أربع معلمات من حرائر السودان اغتصبن من قبل بعض اللاجئين الجنوبيين الذين آواهم السودان واستقبلهم بكرم فياض بعد أن قدموا إليه بحثاً عن النجاة وهرباً من الموت والجوع والحروب الأهلية الطاحنة التي تشتعل في بلادهم البائسة وذلك عندما هجمت أعداد كبيرة من الجنوبيين الثائرين إثر انطلاق إشاعة بأن واحداً منهم ضرب وقتل من قبل الشرطة بالرغم من أن ذلك الخبر لم يحمل ذرة من الحقيقة فقد أطلق سراح الجنوبي المتهم بالسرقة بعد التحقيق وفي اليوم التالي توفي بعلة مفاجئة.
هاج الجنوبيون المقيمون في أكبر المخيمات بمحلية السلام بولاية النيل الأبيض والمسمى بخور الورل فقاموا بالهجوم المسلح على المنطقة المحيطة بمعسكرهم فأحرقوا مخازن الأغذية المعدة لإغاثتهم كما أحرقوا نقطة تفتيش ومكاتب حكومية وأخرى تابعة لمنظمات دولية.
أرجو أن تستمعوا إلى شهادة معتمد اللاجئين حمد الجزولي الذي أكد تورط ألف فرد فار من الجيش الشعبي في الأحداث بل اسمعوا إلى شهادة المفوضية السامية لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة والتي أدانت الأحداث وشددّت على ضرورة تقديم الجناة إلى العدالة بحجة أنه لا أحد فوق القانون.
ثار مواطنو النيل الأبيض وطالبوا بالقصاص ولولا تدخل الشرطة والسلطات المختصة لفتك المواطنون باللاجئين وطردوهم من بلادهم .. اتحاد المرأة بالنيل الأبيض عبّر عن غضبه الشديد لما أصاب المعلمات وطالب هو كذلك باتخاذ إجراءات صارمة ضد الجناة.
بالله عليكم من يصدق أن يحدث ذلك من بشر يتمتعون بأدنى درجات الإنسانية بل من يصدق أن تفعل الحيوانات ما فعله أولئك الوحوش فقد والله رأينا كيف تبادل الكلاب الإحسان بالوفاء بل حتى الأسود الضارية تلين قلوبها إلى من يحسن إليها ولكن !
مشاهد مأساوية من الغدر والكراهية وسوء الظن ظلت تتكرر على امتداد تاريخ علاقة الشمال بالجنوب منذ أن صار جزءا من السودان بقرار كارثي من الاستعمار البريطاني الذي فرضه على خريطة السودان ليزيد من أوجاعه ويعطل مسيرته أذكر منها التمرد الأول في ما عرف بأحداث توريت في أغسطس 1955 وأحداث الأحد الدامي في ديسمبر 1964 حيث ثار الجنوبيون في الخرطوم وخرجوا يقتلون ويحطمون ويحرقون لمجرد أن وزير الداخلية كليمنت أمبورو تأخرت طائرته القادمة إلى الخرطوم عن موعدها فظنوا أن الشماليين (المندكورو) قتلوه .. بعد ساعات من استباحة الجنوبيين للخرطوم ، وكان عددهم وقتها قليلاً بالمقارنة مع أعدادهم بعد ذلك ، عاد الهدوء إلى العاصمة بعد أن استعاد المواطنون الشماليون الهدوء وردوا المعتدين على أعقابهم .
ثم أحداث الإثنين الأسود التي اندلعت لنفس الأسباب بعد توقيع نيفاشا وتنصيب قرنق نائباً أول لرئيس الجمهورية ثم مصرعه بعد 21 يوماً من تنصيبه في حادث الطائرة الشهير في نهاية يوليو 2005 ..ما أن انتشر خبر هلاك قرنق حتى هاج الجنوبيون وماجوا بعد أن حركتهم الحركة الشعبية التي كانت تمني نفسها بإقامة مشروعها لحكم السودان (مشروع السودان الجديد) فانتشرت الإشاعة أن طائرة قرنق قد اسقطت بواسطة السلطات السودانية ..تحرك الحقد الجنوبي واستبيحت الخرطوم قتلاً للناس في الشوارع وإحراقاً للمنشآت بالرغم من أن الشمال والشماليين كانوا أكثر براءة من الذئب الذي اتهم زورا بقتل يوسف فقد كان قرنق قادماً من كمبالا بطائرة يوغندية يقودها طيارون أجانب وليس سودانيين ولم تسقط الطائرة في أرض الشمال إنما في الجنوب ورغم ذلك تحرك ذلك الحقد المركوز في نفوس أولئك الوحوش والذي لا يخف أو يتغير حتى لو تغيرت مواقع النجوم.
خيط واحد يربط بين كل تلك الأحداث التي تحركها مشاعر الكراهية والتربص وسوء الظن بدءا من تمرد توريت في عام 1955 قبل استقلال السودان وأحداث الأحد الدامي بعد حوالي 15 عاماً من أحداث توريت ثم أحداث الإثنين الأسود بعد 40 عاماً من الأحد الدامي ثم أخيراً أحداث خور الورل التي روعت ولاية النيل الأبيض قبل ايام قليلة.. كل تلك الموجات العاتية من الكراهية التي لطخت العلاقة المازومة بين الجنوب والشمال انطلقت من سوء الظن الذي لا يرى في الإنسان الشمالي إلا شيطاناً مريداً حتى وهو يمد إليه طوق النجاة وشريان الحياة من الموت الذي لا يزال يحصد أرواح الجنوبيين في بلادهم المنكوبة والذين تجردوا من كل قيم الوفاء التي تتحلى بها حتى الوحوش الضارية.. خيط واحد يثبت أن جنوبي توريت 1955 لا يختلف عن جنوبي خور الورل 2017 فالقوم هم القوم.
على أن الدرس الجديد الذي ينبغي لجميع السودانيين أن يعوه جيداً من أحداث خور الورل أن العدوان الأخير يحدث من أجانب وليس من مواطنين كما كان هو الحال في الأحداث السابقة التي انفجرت قبل الانفصال الأمر الذي يبيّن أن الجنوب هو ذات الجنوب المعادي المبغض الكاره للشمال سواء بعد أو قبل الانفصال وسواء كان الجنوبي مواطناً سودانياً أو لاجئاً أجنبيا وأنه لا فائدة من انتظار تغيير في تلك المشاعر المبغضة.
ذلك ما يدعوني لاستعجال إنفاذ قرار ولايتي الخرطوم والنيل الأبيض بإخراج الجنوبيين إلى معسكرات تكون قريبة من بلادهم فما حدث في خور الورل ينبغي أن يكون بمثابة النذير مما يمكن أن يفعل هؤلاء الذين يشكّلون خطراً على أمن العاصمة بل وعلى أمن السودان وما أحداث الإثنين الأسود عنا ببعيد.
الطيب مصطفى
صحيفة الصيحة
انا معاك في كلامك تماما العلاقه بين الجنوب والشمال كانت دايما غير سويه عند الجنوبيين عقده دونيه مع انه حقوقهم كانت مكفوله في الدستور وسوء ظن متواصل علي امتداد كل حقب السودان ديمقراطي او عسكري اسا هم دوله لحالها يريحونا منهم ومن مشاكلهم الما بتنتهي وبعدين السودانيبن البيبكوا علي الاطلال بعد دا مفروض اخجلوا تتكلموا عن ناس اغتصبوا بناتكم بعد اويتوهم خلوا عندكم كرامه وغضب علي عرضكم الناس ديل يقعدوا زي ما قالت الامم المتحده معسكرات وبس واي زول ما يلتزم يترحل لو الحصل دا كان في الجنوب كانوا ابادوا المعسكر كلو