دولة الجنوب … مطامع القادة تبدد أحلام السلام
كشف الرئيس سلفاكير ميارديت عن مسارين لتحقيق السلام بالجنوب ستنتهجهما حكومته، وقال سلفاكير فى اجتماع ضمه ومجلس أعيان الدينكا أن الحوار الوطنى سيكون أحد هذه المسارات وأن المسار الثانى يتمثل فى إعادة توحيد ومصالحة قادة الحزب فيما تلعب مبادرة الإيقاد دوراً داعماً للسلام مناشداً المعارضة المسلحة بالتوقف عن القتال والانضمام للحوار الوطنى، قائلاً بأن الشعب يستحق السلام والأمن والاستقرار لإعادة بناء ما دمرته الحرب، وقال سلفاكير لقادة الدينكا خلال وليمة العشاء التى دعاهم إليها فى منزله( عندما تنظر إلى الأمور وتتذكر الأسباب التى حاربنا من أجلها لنيل الاستقلال ترى السبب الذى من أجله يجب إيقاف هذه الحرب العبثية). وأضاف( الآن نحن وتعبان دينق قاي نسير بخطىً حثيثة من أجل إنفاذ اتفاقية السلام). وقال( تم تشكيل الحكومة كما تم توزيع مشاركة الوزراء فى التشكيل الجديد ونحن نريد روح التعاون هذه أن تمتد إلى جميع ولايات البلاد)، فيما هنأ الرئيس سلفاكير نظيرة كينياتا بفوزة بالانتخابات الرئاسية الكينية مؤكداً عمق العلاقات بين البلدين متعهداً بتقويتها فى كافة المجالات.
تقييم الاتفاق
أكد أمبروز ريني ثيك، رئيس القضاء السابق ورئيس مجلس أعيان الدينكا، حاجة اتفاق تسوية الأزمة فى جنوب السودان للمراجعة وقال أمبرز( نحن كمجلس نرى أن اتفاق السلام يجب أن يقيم من قبل الطرفين). وكشف أمبروز عن اجتماع مرتقب للأطراف والجهات الضامنة لاتفاق تسوية الأزمة فى جنوب السودان ، بالعاصمة الأثيوبية أديس أبابا بمقترح من الإيقاد ، فى منتصف الشهر الجارى ، من أجل تقييم اتفاق السلام .وقال رئيس القضاء السابق إنه من المتوقع أن تكون هذه العملية شاملة، وأضاف بأن مجلس أعيان الدينكا يدعم الجهود الرامية إلى تنشيط اتفاق السلام لعام 2015 بدلاً من إعادة التفاوض.
حرية التنقل
طالب مدير منظمة المجتمع المدنى فى واو،استيفن روبو، السلطات بالولاية بتسهيل حركة المواطنين فى مقاطعتي بسيلية وبقارى فى الدخول والخروج من مدينة واو ، من أجل ممارسة مهنتهم الرئيسية الزراعة ، لتخفيف حدة المجاعة التى ضربت عدداً من المناطق بالولاية .وقال روبو إنه على الجهات المسؤولة فى الولاية وخاصة محافظى مقاطعتي بسيلية وبقارى تسهيل حركة المواطنين ، فضلا عن تأمين الطرق المؤدية للمزارع . ويأتى ذلك على خلفية المجاعة التى أدت إلى مقتل 18 شخصاً فى منطقة “أمبورو” بمقاطعة “بسيلية جنوب غربي مدينة واو “. مما أجبر عدداً من المواطنين للفرار إلى مدينة واو بغرض الحصول على المساعدات الغذائية .وأشار روبو إلى تعرض المزارعين الذين فى الطرق من المزارع إلى داخل مدينة واو إلى الهجوم من قبل مسلحين مجهولين ، مطالباً بتأمين الطرق وتسهيل حركة المزارعين من أجل أن يسهم الإنتاج الزراعي فى تخفيف حدة المجاعة .
يأس شعبى
أظهر استطلاع واسع أجرته منظمة “تمكين المجتمع من أجل التقدم” (سيبو) فى جنوب السودان ، والذى استهدف أكثر من 8 آلاف واطن من شرائح متعددة فى مناطق مختلفة ، أظهر مطالب واسعة للهيئة الحكومية لدول تنمية شرق إفريقيا (إيقاد) بإلزام الأطراف المتنازعة أولا بوقف إطلاق النار الدائم الذي يسمح بإيصال المساعدات الإنسانية للمتضررين وتهيئة البيئة المؤاتية للعملية السياسية .وأظهرت نتائج الاستطلاع أن أكثر من 91% من المستطلعين يطالبون بوقف إطلاق النار ، فيما طالب 76% الإيقاد بدعم إيجاد حلول محلية بمشاركة المجتمعات فى جنوب السودان .وقال المدير التنفيذى لمنظمة( تمكين المجتمع من اجل التقدم) (سيبو )،إدمونت ياكانى، أن الاستطلاع الذى أجرته المنظمة استهدف أكثر من 8 آلاف مواطن من شرائح مختلفة فى كل من جوبا ، وملكال ، وواو ، وبانتيو ، ومناطق أخرى ، بغرض الإجابة على سؤال كيف ينظرون إلى إمكانية السلام ، بعد الدعوات المتكررة للإيقاد للشركاء بالتفاكر حول تنفيذ اتفاق السلام .
وأشار ياكانى إلى ضعف التفاؤل وسط العينات المستطلعة من المواطنين ، بإمكانية تحقيق السلام ، بدواعى تغليب المصالح الخاصة والشخصية على المصالح العامة لدى أطراف الصراع .
توقف الملاحة النهرية
توقفت الملاحة النهرية بين ولايتى (بور) و(أرويل) بسبب ارتفاع تذكرة النقل غير المبرر ،فيما منح مواطنو محلية (أورال) اتحاد القوارب فى جونقلى 72 ساعة لمراجعة أسعار تذاكر القوارب ووفقاً لموقع (قورتاج الجنوبى) فأن ملاك القوارب رفعوا سعر تذكرة السفر من 400 جنيه الى 700 جنيه للراكب الواحد ذهاباً أو إيابا فيما عزا رئيس الاتحاد ،مامار أقوت، ارتفاع أسعار التذاكر لارتفاع أسعار الوقود وقال إنهم يشترون الـ20 لتراً من البنزين 12 ألف جنيه.
إسناد أمريكى
نظمت منظمة (إستاند أب) بالتعاون مع المعونة الأمريكية ، ورشة تدريب لتمكين نحو (75) من الشباب والشابات ،بمنطقة( تالي ) بولاية( تركاكا الجديدة) بولاية الأستوائية الوسطى بجنوب السودان، وقال وزير الإعلام والمتحدث باسم الحكومة في ولاية تركاكا، فليب لادو، أن منظمة (إستاند) بدعم من المعونة الأمريكية نظمت ورشة لعدد من الشاب والشابات بمقاطعة (تالي) وذلك بغرض تمليكهم المهارت اليدوية وغيرها من المهارت الأخرى حتى يتمكنوا من الاعتماد على أنفسهم ،مشيراً إلى أن الورشة شملت الفتيات الخارج أسوار التعليم ،هذا إلى جانب بعض الشباب ،كاشفاً عن أن المنظمة تقوم بتمليكهم بعض المعدات والمبالغ المالية لتمويل المشاريع الصغيرة.
أخرت تشكيل الحكومة
خلافات سلفاكير وتعبان…مطامع القادة تبدد أحلام السلام
الصيحة:وكالات
أعاد تصاعد الخلافات بين رئيس حكومة جنوب السودان سلفاكير ميارديت ونائبه تعبان دينق إلى الأذهان الأزمة السياسية والأمنية التى ضربت جوبا قبيل توقيع اتفاق السلام بين الجانبين ، وكثيراً ما يحاول سلفاكير وحكومته تصوير الخلاف بينه وتعبان على أنه خلاف سياسي بعيد عن القبلية الأمر الذي دفع حاكم ولاية (لاتجور الجنوبية)، ليج بانق، لوصف الخلاف الأخير بين سلفاكير وتعبان بأنه خلاف حول تقاسم السلطة بينهم والمعارضة وأرجع تأخير تشكيل حكومتة لذات السبب.
وأشار إلى أن حكومته تقدمت بمقترح بالتنازل عن بعض المقاعد في المحافظات شريطة أن توافق المعارضة على التنازل عن بعض الوزارات غير أن تعبان لم يرد على مبادرة سلفاكير الأمر الذي أصاب الأخير بحالة من التوجس خشية أن يقدم تعبان دينق على أي من الخطوات التى يمكن أن تصبح مهدداً لاتفاقية السلام في الجنوب.
حسم عسكرى
ورغم سعي جوبا لوضع الصراع بين سلفاكير ونائبه في خانة سياسية إلا أن التطورات الميدانية ومتطلبات القوات الموالية للطرفين يغلّب عليها الطابع القبلي ، وليس ببعيد عن الأذهان الملاحظات التى دونتها (مجموعة الأزمات الدولية) في تقرير نشرته في مايو من العام 2015م حول المعارك في ولايات الاستوائية الثلاث والتي تضم إحداها العاصمة تتمثل في أن سكان غالبية مناطق (النوير) باتوا معادين للقوات الحكومية التي يشيرون إليها بوصفها (قوات دينكا) بصرف النظر عن تركيبتها الفعلية.
ودفعت التصرفات التى ظلت تنتهجها حكومة سلفاكير في التعامل مع المشاكل الداخلية إلى تخوف بعض المراقبين الذين يعتقدون أن القبضة العسكرية لسلفاكير على الحكم يغري بتشجيعه على التمادي في الاعتماد على الحسم العسكري كما يهدد بإذكاء ظلم القبائل الأخرى خلاف “الدينكا” وتكريس الطابع القبلي للصراع خاصة مع استمرار المواجهات الميدانية وعدم الوصول إلى حلول سلمية مع رياك مشار الذي لا زال يحتفظ بنفوذه في أوساط قبيلة النوير
.
المشهد الماثل في جنوب السودان يشير إلى نهايات غير سعيدة لحكومة سلفاكير حال اتساع الخلاف بين سلفاكير ونائبه خاصة وأن المعارضة الجنوبية المسلحة بقيادة مشار لم تقبل بخلافة تعبان دينق لرياك مشار في منصب النائب الأول لسلفاكير واعتبرت تعيينه خرقاً لاتفاقية السلام الموقعة بين الحكومة والمعارضة المسلحة كما أنها توقعت أن تعيينه لا محالة سيؤدي إلى تجدد القتال في الجنوب.
يرى المراقبون أن سلفاكير من خلال تعيينه لتعبان دينق خلفاً لمشار نجح في تقسيم المعارضة المسلحة من خلال هذا التعيين، لكن أصبح من الصعب عليه تحقيق السلام لجهة أن غالبية مسلحي المعارضة لا يزالون موالين لرياك مشار، الذي سبق أن تسببت إقالته من منصبه في انفجار الأوضاع في جنوب السودان الى الحد الذي تحولت فيه إلى حرب واتخذت طابعاً قبلياً بسبب الصراع بين قبيلتي الدينكا التي ينحدر منها الرئيس وقبيلة النوير التي تدعم مشار وذات الأمر ربما يتكرر جراء الخلاف بين سلفاكير ونائبه.
إحراج الحلفاء
وكانت الحرب الدائرة في جنوب السودان قد أدت إلى تشريد مئات الآلاف من المواطنين مع تأكيدات وكالات الإغاثة أن الأوضاع الإنسانية في الجنوب أصبحت وخيمة ووصل الأمر الى التهديد بوضعها تحت الوصاية الدولية ، كما سبق أن أعلن مجلس الأمن الدولى عن استعداده للنظر في اتخاذ تدابير تمنع مزيداً من تصاعد العنف والصراع بما فيها العقوبات المحتملة التي قد تكون مناسبة استجابة للأوضاع في جوبا.
ويبدو أن الأوضاع الأمنية في جنوب السودان خرجت عن سيطرة الشركاء الدوليين لتحقيق السلام بسبب هيمنة سلفاكير على الحكم الأمر الذي أحرج حلفاءه خاصة بعد تحذيرات الأمم المتحدة المتكررة بشأن تدهور الأوضاع الأمنية والحرب التى نجمت عن النزاع السياسي القبلي بينما أدى انقسام المعارضة في جوبا بين تعبان دينق ورياك مشار إلى صعوبة الوصول إلى سلام في ظل قبضة سلفاكير على الحكم ، وتشير الخلافات الأخيرة بين سلفاكير وتعبان إلى أن الوضع قد يمضي إلى الأسوأ وسط تحذيرات بخطورة تعبان وقوته مما يشير إلى تحقيق وحدة وطنية بين مكونات جنوب السودان ستظل (أضغاث أحلام).
هذا توقيعى
إنصاف العوض
سيناريوهات “أبعاد “غربية
الأحداث بدولة الجنوب تتحرك كما تتحرك مروحة السقف من حيث ثبات التدهور المريع للأوضاع الإنسانية التى يعيشها النازحون وانعدام الأمن والانهيار الاقتصادى وانتشار العنف المسلح واحتدام الصراع فى ميادين القتال والتصريحات المتضاربة بشأن وقف إطلاق النار من قبل الحكومة، والهجمات المتوالية التى تتعرض لها مواقع المعارضة فضلاً عن التقارير التى تتحدث عن تكهنات وإرهاصات لإدارة الأزمة سمتها الغالب الغموض والتخبط اللذان فرضهما الوضع الهلامى والهش بالدولة الوليدة .
إلا أن الأمر الوحيد الذى لم يطاله هذا الغموض هو التضارب بين تصريحات الرئيس سلفاكير ميارديت وافعاله ففى الوقت الذى يعلن فيه عن إيقاف أحادى لإطلاق النار، تقوم قواته بشن هجمات على مواقع المعارضة فى (فقاك) بهدف إبادتها ويصر على إبعاد الدكتور رياك مشار عن المشهد السياسى بالجنوب ويتحدث عن حوار وطنى شامل لا يقصى أحداً من المعارضين ويشحذ الدعم الإقليمى والدولى لتوحيد أقطاب حزب الحركة الشعبية الموحدين أصلاً والمشاركين فى الحكومة بكافة مستوياتها، ويستبعد المعارضة التى هى الشريك الأصيل للحزب منذ نشأته وتكوينه والشق الأساسى فى اتفاقية نيفاشا التي تمخض عنها ميلاد الدولة الجديدة .
ولعل اهم ما يثير الدهشة؛ الطريقة التى ينظر بها الرئيس سلفاكير ميارديت إلى غريمة الدكتور رياك مشار وكأن الرجلين حديثا عهد ببعضهما البعض وكأنهما لم يتشاركا معه النضال من أجل الاستقلال من الشمال كيف لا وهو يحلم بالقضاء عليه وحركته من خلال سحق مقره فى (فقاك) وكأن (فقاك) هى المعارضة .
ويكرر سلفاكير ذات السيناريو الفاشل عندما يقرب تعبان ويبعد مشار ظناً منه أن تعبان قادر على تمثيل المعارضة وإلا لنجح مشار نفسه فى ذات المحاولة مع الخرطوم عندما انشق عن مجموعة جون قرنق وعقد اتفاقية سلام مع الخرطوم .
ماغاب عن سلفاكير أن الدول الغربية لا تفاضل بينه وبين مشار ولا ترى لأحدهما الحق فى حكم الجنوب تاريخياً دون الآخر وأن ما يهمها هو الواقع المثبت على الأوراق الموقعة والمشهود عليها دولياً وإقليميًا والتى تقر باتفاقية سلام موقعة بين سلفاكير ومشار وليس سلفاكير وتعبان دينق وأنهما الرجلان المسؤولان عن إنفاذها أمام هؤلاء الشهود والوسطاء أما إن يقرر الرئيس سلفاكير نيابة عنهم من ينفذ معه الاتفاقية التى رعوها وأشرفوا على إبرمها فهذا امر لا يجعلهم امام خيار القبول بالأمر الواقع .
وكنت قلت فى مقال سابق أن الرئيس سلفاكير ذكى ولماح وأن مشكلته تأتي من البطانة التى حوله والتى تزين له الباطل من أجل كسب رخيص يأتيها دون عناء فهو يدرك تماماً أنه فى حال وافق المجتمع الدولى على إقصاء مشار من المشهد السياسى الجنوبى فهذا يعنى التوقيع على قرار إبعاده هو الآخر إلا أن بطانته وما جاورها يصورون له قدرتهم على التحايل على الدول الغربية والتأثير على الرأي العام الغربى من خلال اتهام أنظمته بمحاولة تغييره عنوة مستغلين فى ذلك فشل السياسة الغربية فى إدارة ملفات عالقة كالعراق وليبيا .
وعليه فأن الرئيس سلفاكير يدرك تماماً أن مصيره فى السلطة بالجنوب مرتبط بمصير مشار وأن أيما اتفاقية لا ينفذها مع مشار تصب مزيداً من الزيت على نار المعارضة وفوق ذلك هى خطوة تلحقها سيناريوهات غربية مفروضة على الإقليم لإبعاد كامل طاقم حزب الحركة الشعبية وإبدالها بحكومة تكنوغراط تحرسها الشرعية الدولية وتسيرها المصالح الإقليمية .
الصيحة