تحقيقات وتقارير

هل يوقف القانون انتهاكات وشائعات مواقع التواصل الاجتماعي؟!


تلويح الحكومة بتفعيل قانون الجرائم المعلوماتية للعام (2007) وإنزاله إلى أرض الواقع بملاحقة المتورطين في تهديد الأمن القومي والنشر السالب واستخدام الأطفال القصر في الجريمة والمخدرات والجرائم الإباحية إلى جانب تبين مواضع تشديد العقوبات الرادعة تلك الخطوة انعكست على بعض المجموعات النشطة في تطبيق التراسل الفوري الأكثر استخدماً في السودان واتساب بترتيب البيت الداخلي وإعادة تفعيل اللوائح بالحذف والإزالات تحسباً في الوقوع تحت أي طارئ حالات الترقب والحذر تلك دفعت (المجهر) لاستقراء ما يحمله القانون وتبعاته بعيون خبراء ومحللين ومديري قروبات ونقبت في ما إذا كانت هذه الإجراءات والتدابير ستحد من الآثار السالبة من النشر الإلكتروني؟
لا يوجد قانون معلوماتي جديد..
ليس هناك تعديل أو سن قانون جديد للجرائم المعلوماتية وإنما (تبصير الناس بالقانون) بتلك العبارة ابتدر “الطاهر حسن عبود” نائب رئيس لجنة الإعلام حديثه وقال إن هناك ضرورة ملحة دعت إلى تفعيل قانون الجرائم المعلوماتية الموضوع في العام (2007) بشكله الحالي بعد انتشار شائعات الجرائم المنظمة، موضحا أن استدعاء وزيرة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، “تهاني عبد الله عطية”، في البرلمان لتبصير الرأي العام بمواد القانون وعقوباته الرادعة نافيا وجود تعديلات أو سن قوانين جديدة مبينا أن المجتمع السوداني أصبح مرتبط الكترونيا في حراكه ابتداءً من الرقم الوطني الجواز الكتروني وسلسلة من الإجراءات التقنية الأخرى، موضحا أن الحراك التقني يتوجب تبصيره بقانون الجرائم المعلوماتية والعقوبات المشددة فيه حتى يأخذ المواطن حذره.
مرتكبوها أشخاص أذكياء ..
الجرائم المعلوماتية هي جرائم ذكية تنشأ في بيئة الكترونية، مرتكبوها أشخاص أذكياء يتملكون أدوات المعرفة، يمكن أن تسبب خسائر للمجتمع هذا ما قاله الخبير “أحمد مالك”، موضحا أن انفتاح الفضاء الخارجي وسهولة تداول المعلومات جعل العالم قرية صغيرة ويصعب معها التحكم والضبط، وأشار إلى أن وسائل التواصل باتت تستغل في أعمال الجريمة المنظمة، وقال إنها ظواهر ينبغي أن تقرع لها الأجراس لتنبيه المجتمع بحجم الخسائر والمخاطر، مشيراً إلى أن عدد الجرائم التي تهدد أمن الدولة وسلامتها المالية والقضايا مثل نشر الصور وتجارة المخدرات وانتهاك خصوصية الآخرين، مثل اختراق حساب وكالة الأنباء القطرية، مبيناً أن الجرائم الكترونية لا تقتصر على أفراد بل تمتد لتشمل دولا مثل التجسس الكتروني وهذا ما يُسمى بالحرب الإلكترونية، مثل هذه الجرائم تحل عبر المحكمة الجنائية، وأوضح “أحمد” أن ملاحقة المتورطين عبر الانترنت يصعب التقاطهم إلا بتضافر الجهود وتفعيل القوانين وتقديم المتورطين للمحاكمة.
سهولة ملاحقة المتورطين في الجرائم
من السهولة بمكان ملاحقة المتورطين في الجرائم الكترونية داخليا وخارجيا وإحضارهم عبر الأنتربول هذا ما قاله الخبير في الجرائم المعلوماتية مولانا “عبد المنعم عبد الحافظ” وأوضح أن الجرائم المعلوماتية ترتكب بطرق فنية وتقنية دقيقة بإعداد برامج داخل مواقع التواصل الاجتماعي، وكشف “عبد المنعم” أن المجرم شخص محترف يحمي نفسه بإنشاء صفحات وهمية باسم شخص آخر، ويرتكب تلك الجرائم بارتياح تجنبا للمساءلة القانونية، وأوضح أن الكثير من المجرمين يستخدمون أشخاصا معروفين، لإخفاء أنفسهم، وهذا يعني يمكن أن تلاحق شخصا معروفا وقع في مصيدة مجرم الكتروني أخفى نفسه، وبين “عبد الحافظ” أن الحد من تلك الجرائم يتم بتأهيل الكوادر لأن الشخص الذي ارتكب تلك الجريمة شخص ذكي ومؤهل فلابد أن يقابله شخص ذكي ومؤهل وطالب “عبد المنعم” الجهات المسؤولة بضرورة إصدار قانون الإثبات اللكتروني وأن يكون هذا القانون صادر بشكل تقني فني وهذا القانون يتم الإثبات فيه عبر كادر مؤهل في التقنيات ويحمل دليل الإثبات وأن يكون هنالك تنسيق بينه والجهات الأمنية الأخرى لإحضار المجرمين وتقديمهم للمحاكمات.
قانون مكمل للقوانين الأخرى
اعتبر القانوني الأستاذ “آدم بكر” أن قانون الجرائم المعلوماتية هو مكمل للقوانين الأخرى مثل القانون الجنائي وقانون المخدرات إلى آخره من الجرائم الأخرى، وقال “آدم” إن استخدام الأجهزة الذكية يُعد من الاستخدامات الشخصية فإذا خرج منها فعل تسبب في انتهاك حقوق الآخرين فقد يقع مستخدمها تحت طائلة القانون، وأشار “بكر” بأن الجرائم اللكترونية جرائم مستحدثة وضعت لها قانون لتطبيق مبدأ أن لا يفلت أحد من العقاب وهو قانون يجرم بعض الأفعال التي تقع في مواقع التواصل الاجتماعي بتضمين قوانين أخرى مثل غسيل الأموال والإتجار في البشر، وقال “آدم” تفعيل هذا القانون في هذا التوقيت بعد ظهور شائعات الاختطاف وبيع الأعضاء البشرية والتي لعبت فيها مواقع التواصل دور كبير في الترويج لها.
القانون على محمل الجد
اعترف الأستاذ الصحفي الشامل “صلاح حمد مضوي” المهاجر ومشرف على أكبر قروب يعني بالأخبار العاجلة في السودان من خارج البلاد بأخذه قانون المعلوماتية محمل الجد، وقال “حمد” إنه أفرد له مساحة داخل القروب وجرت حوله مناقشات مستفيضة وكشف “مضوي” أن قروب عاجل هو قروب إخباري يهتم بالأخبار العاجلة على مدى (24) ساعة وهو يضم صحفيين محترفين من مراسلي فضائيات إلى جانب مختلف أطياف القوى السياسية في السودان موضحا أن القروب يعتمد في أخباره على توفر الجهات الرسمية في الحكومة وما تناقله وكالات الأنباء المحلية والعالمية فضلا عن أخبار الزملاء، وأضاف أن القروب يتمتع بالمصداقية ويعد من أفضل القروبات في السودان بشهادة الزملاء إلى جانب طلبات الانضمام التي تلاحقه، كاشفا أن القروب يخضع إلى قوانين ولوائح مشددة منذ عشية إنشائه تمنع تداول النكات القبلية والأخبار التي تضر بالنسيج الاجتماعي السوداني متعدد الأعراق إلى جانب التشديد في نقل الخبر الصادق بعيد أن الشائعات، مبينا أن الأخبار المشكوك في أمرها يتم تمحيصها ومتابعتها حتى نفيها أو تأكيدها من الجهات ذات الاختصاص، موضحا أن القروب بالرغم من اختلافات وجهات النظر فيه بيد أنه يسوده الاحترام الرأي والرأي الآخر واحترام لوائح القروب، مبينا معرفة الأعضاء بالقانون وعقوباته وأن القروب مهني لا يقبل المجاملة وقال “مضوي” إن هناك بعض المسائل في القانون لم تتضح بعد، وأن بعض الأعضاء أبدوا تخوفهم في كيفية تطبيق القانون وماهي آلية الملاحقة قانونيا فضلا عن ماهي الوسائل والبينات المتبعة التي تحيل الشخص للمساءلة القانونية.
توفير المعلومة حل للشائعات
ورجح مدير قروب سكناب نيوز المهندس “أسعد التاي” أن إثارة القانون الموضوع في العام (2007) في هذا التوقيت القصد منه الحد التأثير الواضح لوسائط التواصل الاجتماعي في التأثير على الرأي العام ضد النظام الحاكم وفضح ممارساته وأوضح “أسعد” أن وسائل التواصل أصبحت بديل الإعلام التقليدي لا تصله يد الرقابة.. والتأثير السالب للوسائط موجود ولكن ليس بالضخامة التي يصورها البعض .. وقال “اسعد” إن الوسيلة الأكثر فاعلية لمواجهة الشائعات المتعلقة بقضايا الرأي العام إتاحة المعلومة فور حدوثها للرأي العام بدلا عن سياسة (التكتم) بسبب الخوف من انتقاد الأداء وانتقد “أسعد” القانون بأنه خصص عقوبات إضافية لجرائم توجد لها عقوبات أصلا في القانون الجنائي، وأضاف أن الوسائط الحديثة هي أدوات جديدة فقط .. فإذا خصصنا قانوناً لكل أداة جريمة فسيكون الأمر مضحكا الأمر يحتاج إلى معالجات أكثر واقعية وعلمية بدلا عن التخويف بالسلطان.
بلاغ في مواجهة مدير قروب
الصحفي “محمد جمال قندول” الذي يدير (31) قروبا متنوعا ما بين السياسي والاجتماعي والإخباري والفني توعد بإزالة كل شخص يُعرضه للمساءلة القانونية، وقال “قندول” إن تبصير الأشخاص بقانون المعلوماتية دفع مديري القروبات إلى ترتيب أوضاعهم وأن البعض قد ينسحب تدريجيا من فكرة إدارة تلك المجموعات وكشف “قندول” بأنه كان قد تعرض إلى إجراءات قانونية بسبب نشره مادة ظننا منه أنها مادة منوعات واتضحت له لاحقا أنها مادة تقع في طائلة المساءلة لما حوته من تجريح وسب وقذف وأوضح “قندول” أنه كان كثيرا ما ينقل المواد لقروباته دون مراجعتها وإنه بعد واقعة البلاغ صار يفحص ويمحص كل شئ يريد نشره عبر القروبات، وأضاف إن الأعضاء المشتركين في جميع قروباته أعضاء ملتزمون مستنيرون بقواعد القروب ويحترم بعضهم البعض.
بلدو: القانون سيقود إلى الوسوسة الهاتفية
من ناحيته اعتبر البروفيسور اختصاصي الطب النفسي “علي بلدو” وأستاذ الصحة النفسية أن قانون جرائم المعلوماتية يمثل خطوة ليست نهاية لصورة مثلى لمثل هذا النوع من الجرائم التي أصبحت تشكل خطرا على الصحة النفسية والسلام الاجتماعي من واقع التشابك الحياتي والتواصل مع العالم الخارجي مع وجود قنوات كثيرة للتعامل مع العالم الافتراضي الذي حول جهاز الهاتف أو اللابتوب أو إلى مستودع بيانات وكائن حي لذلك أصبحت هذه الآلات متنفسا من الدرجة الأولى وهذا الشكل إذا طبقناه على الواقع النفسي المتردي للمواطن السوداني في ظل الضغوط التي يعيشها فهو يعاني من جواله كما يعاني من الآخرين لتسخير ذلك يقول المختص المعروف إن هذا القانون لا بد من وجوده من اجل حماية المجتمع من الأشخاص مضطربي الشخصية والسلوكيات غير السوية والحد من الظواهر النفسية السالبة مثل تشويه سمعة الآخرين والنيل منهم والتحرر من دوافع الانتقام في العلاقة العاطفية والعنف والرغبة في الاستقلال المادي والجسدي وخلق الشائعات وبلبلة الحياة الأسرية والانتقام من المجني عليه السابقين إذا أصبح الهاتف جلادا لكل هؤلاء ربما أن السلوك غير الرشيد في التعامل مع الهواتف خلق حولها حالة من الإدمان الهاتفي بنقل الخلافات والمشاكل أو الجريمة من العالم الواقعي إلى العالم الافتراضي، وقال إن القانون شكل عبئا نفسيا كبيرا على فئات كثيرة من المواطنين يتمتعون بحُسن النية وعدم الدراية مع الواردات الإلكترونية مما يعرضهم إلى المساءلة في حالة تفتيش الهاتف والوقوع تحت طائلة القانون الذي لن يتهاون معهم بالرغم من حسن النية بسبب تطبيق القاعدة القانونية المعروفة أن القانون لا يحمي المغفلين هذا يزيد من معدل التوتر والقلق عند التعامل مع هذه الأجهزة وقد تزداد وتيرة الخوف من الدخول فى مجموعات مما يلجأ البعض إلى إغلاق هواتفهم أو زيادة في معدل الهواجس أو الوسوسة الهاتفية بتفتيش الهاتف من حين لآخر خوفاً من وجود مواد مخلة.

تقرير ـ منى ميرغني
المجهر السياسي