الطيب مصطفى

أخي كمال عمر.. اتَّق الله !!


أعجب من صديقي كمال عمر الذي يصر كل حين على إثارة معركة في غير معترك!

قبل أشهر وعقب إيداع مخرجات الحوار منضدة البرلمان شن عاصفة من الهجوم الكاسح على الدكتورة بدرية سليمان محملاً إياها كل أوزار ما رآه خروجاً على ثوابت الحوار رغم علمه اليقيني أن بدرية لا تملك أن تضيف أو تحذف شولة بدون مباركة من قيادات المؤتمر الوطني الذين يعنيهم الأمر أكثر منها، فما كنت تفتح خلال تلك الأيام صحيفة إلا وتجد الرجل صابّاً جام غضبه عليها باعتبارها المسؤولة عن كل تعديل صغُر أو كبُر من تلك المخرجات!

كتبتُ يومها معلقاً إن كمال (عينو للفيل يطعن في ظله)، فهو يعلم أن بدرية لا تملك بمفردها أن تقرر بشأن أي تعديل للدستور بدون استشارة أصحاب الجلد والرأس لكن الرجل، رغم علمه بذلك، اتخذ بدرية (حيطة) قصيرة لغضباته المُضرية ناسياً أنه مُحاسب أمام رب سميع يعلم خائنة الأعين وما تُخفي الصدور.

عدتُ أمس الاول من رحلة قصيرة خارج السودان استغرقت أربعة أيام، وعندما مررتُ على الصحف التي صدرت خلال تلك الأيام وجدتُ تصاعُداً في وتيرة الحملة المسعورة التي كان كمال قد ابتدرها، هذه المرة، ضد رئيس المجلس الوطني البروف إبراهيم أحمد عمر متجاهلاً مكانة البروف عمرًا وتديّناً وعلماً ودوراً وتاريخاً وأهم من ذلك كله أن كمالاً يعلم أن معظم ما أورده من مزاعم نال فيها من الرجل وملأ بها الدنيا وشغل الناس لا يقوم على ساقين.

كمال تحدّث عن سوء إدارة رئيس المجلس للجلسات وشاركه آخرون من أعضاء الحوار عن عدم عدالة توزيع فرص التعليق على بيانات الوزراء وغيرها لأن رئيس البرلمان، حسب حجتهم، يبدأ بيمين المجلس ويستنفد الفرص قبل أن يصل إلى يسار القاعة .

واللهِ، إن مجرد اتهام رئيس البرلمان بتعمد إيقاع الظلم على بعض الأعضاء فيه ظلم وتجنّ يستحق الاستغفار ثم إن المجلس يضم أكثر من 450 عضواً أشهد أن منهم كثيرين من أعضاء الوطني لم ينالوا فرصة واحدة منذ أن التحقت مجموعة الحوار بالبرلمان، بينما تحدث المعترضون وفيهم كمال وحسن رزق عدة مرات، فأين الظلم، ولماذا يظن البعض أنهم أحق من غيرهم باحتكار الفرص، ثم هل باتت سنة التيامُن بدعة أو رجساً من عمل الشيطان في آخر الزمان ثم ألا يوجد غير مجموعة الحوار في يسار القاعة أم إن هناك أسماء ضخمة من غيرهم مثل الأساتذة علي عثمان محمد طه وصلاح قوش وسبدرات ود. عبد الله سيد أحمد على سبيل المثال لا الحصر؟ لماذا نصنع من الحبة قبة ونغرق في شبر موية وننشغل بمحقرات الأمور وسفسافها؟.

كمال تحدث عن أن الرئيس يتمتع بمخصصات كبيرة وأعجب أن يقول ذلك وهو القانوني الذي ينبغي أن يسائل نفسه ما إذا كانت تلك المخصصات منصوص عليها في اللوائح والقوانين أم إنه نالها اختلاساً بغير وجه حق؟.

أعجب أن يحقّر كمال من رئيس البرلمان دون غيره من شاغلي المناصب الدستورية في السلطتين الأخريين ويستكثر عليه أن ينال مخصصات منصوص عليها في القوانين وينال غيره أكثر منها في مواقع أقل شأنًا وهو – كمال – الذي كنت أظن أنه يسعى إلى إعلاء دور وشأن البرلمان حتى ينهض بمهمته كندِّ ورقيب آمر ناهٍ ومستدرك وزاجر للجهاز التنفيذي الذي ظللنا نتهمه باحتكار السلطة على حساب السلطتين التشريعية والقضائية اللتين لن يستقيم الحكم ويرشد ما لم يتمكّنا من كبح جماح السلطة التنفيذية؟.

ألا يستبطن هذا السلوك (الكمالي) احتقارًا لسلطة دخلها ليعلي من شأنها لا ليحط من قدرها؟! ثم أليس الأولى بكمال أن يسعى إلى تعديل التشريعات التي تمنح تلك المخصصات من داخل البرلمان بدلاً من تشويه صورة البروف ظلماً وبهتاناً؟.

أما حديث كمال عن التآمر على مخرجات الحوار التي يرى أن هناك تلكؤاً من البرلمان في إنفاذها فأمره عجب.

كمال يعلم أن مجموعة الحوار التحقت بالبرلمان، بالتعيين وليس بالانتخاب، في نهاية دورة الانعقاد المنصوص عليها في الدستور فهل يملك البرلمان أن يعدّل المواقيت بدون إجراء تعديلات تطول حتى لائحة تنظيم أعمال المجلس؟.

قد نلوم السلطة التنفيذية التي ينبغي أن تتحرك بسرعة أكبر بل نلومها في تعطيل اللجنة العليا لمتابعة إنفاذ مخرجات الحوار التي لا أرى سبباً البتة في وقف اجتماعاتها، وقد شكلت من داخل المؤتمر العام ولكني لا أرى حتى الآن تقصيرًا من البرلمان الذي انفض بموجب القوانين واللوائح.

تحدثنا مع رئيس البرلمان حول نشوء أجندة جديدة للبرلمان تستدعي إطالة فترة التداول من بينها إنفاذ التعديلات الدستورية والقوانين المتعلقة بمخرجات الحوار وطرح الرجل بعد أن اقتنع بالفكرة عدة خيارات من بينها إضافة شهر لكل من الدورتين (مارس وسبتمبر) أو إضافة يوم الخميس أو إضافة ساعة يومياً لفترة التداول، وهذا مما يحتاج إلى قرار خلال دورة الانعقاد القادمة للبرلمان.

أما تدريب الأعضاء الذي أثيرت حوله ضجة أخرى فقد أنشئت له لجنة مختصة تعمل بموجب لائحة أجيزت من قيادة المجلس قبل أيام قليلة، وهناك تمثيل واسع للجميع في تلك اللجنة.

يعلم الأخ كمال أن ممثلي الحوار أحدثوا حراكاً إيجابياً اعترف به المنصفون من القدامى كما يعلم أن الشعبي ممثل في السلطة التنفيذية ولا يجوز له أن يلعب دور المعارضة في البرلمان ودور الحكومة في الجهاز التنفيذي، فهذا سلوك غريب لا يجوز في الممارسة الديمقراطية، وكنا نُنكره على الحركة الشعبية خلال الفترة الانتقالية بعد اتفاقية نيفاشا، وعندما عُرض على منبر السلام العادل المشاركة في السلطة التنفيذية رفض ذلك واكتفى بالبرلمان والأجهزة التشريعية حتى لا يسكت عن ممارسة دوره التشريعي والرقابي الذي يُجيز له معارضة الحكومة وتصويب وانتقاد أخطاء الجهاز التنفيذي.

أخي كمال نصيحتي الصادقة لك ألا تُعيد سيرة خميرة العكننة الرويبضة (عرمان) فأنت لا تشبهه كما أنصحك بأن تحافظ على سيرتك الناصعة التي خدمت بها الحوار حتى آتى أكله وأنتج مخرجات نعوّل عليها كثيراً في نقل بلادنا إلى بر الأمان.

الطيب مصطفى
صحيفة الصيحة


تعليق واحد

  1. وماهي مبررات رئيس المجلس الوطني الذي بلغ من العمر عتيا ولايزال مصرا على السفر للولايات المتحدة بين الحين والآخر بغرض إجراء حوارات ممجوجة وماسخة مع الأدارة الأمريكية وهو يعلم تماما والكل يعلم بأن عينه وعين جوقة مرافقيه على المخصصات والنثريات وهلمجرا…ثم جاءت جليطته الأخيرة بتعيين المدعو عبدالماجد هارون مستشارا إعلاميا له في سابقة غير معهودة وقد تفضل بمنحه مخصصات وزير دولة في دولة يذهب عشرات الآلاف من طالباتها وطلابها صباح كل يوم لمدارسهم – بدون وجبة فطور – والشيخ الثمانيني -الزاهد كما يطلق عليه بعض حارقي البخور والمطبلاتية من الصحفيين- يرفل ويسعد وينام قرير العين وسط مواكب مخصصاته من السيارات والخدم والحشم ونثريات السفريات بالدولار واليورو وما شابههما والله وحده هو المستعان وعليه التكلات…