رأي ومقالات

السودان والتطبيع

أثار تصريح وزير الاستثمار السوداني حول مبررات التطبيع مع الكيان الصهيوني لغطا كبيرا في اوساط الاعلام والمتابعين وبمقدار ما تعبر ردات الفعل الشعبية عن رفض التطبيع مع العدو الصهيوني، فهي تشير الى ضرورة قراءة الموقف قراءة هادئة لكي لا نقع في مغبة التناقضات المجانية والخسارات غير المبررة.

فالسودان ليس بلدا محايدا، ففي الخرطوم كان مؤتمر العرب الذي رفض الاعتراف والتفاوض والصلح مع الكيان الصهيوني وفي السودان شعبا وحكومة اسناد حقيقي للمقاومة الفلسطينية ولعلها البلد العربي الرسمي الذي دفع في السنوات الاخيرة ثمنا باهظا لموقفه المبدئي من فلسطين، حيث قامت الطائرات الصهيونية بقصف منشآت ومواطنين سودانيين لأكثر من أربع عشرة مرة.

والسودانيون يعرفون انهم في مواجهة سافرة مع اجهزة الكيان الصهيوني الامنية فموضوع الجنوب كان ملفا من الملفات الاستراتيجية لنشاط جهاز الامن الصهيوني كما هو حال الدور الامني الصهيوني مع الاثنيات في المنطقة العربية والاسلامية لتمزيق بلداننا واوطاننا وتدمير دولنا من الداخل ولم تترك القيادات الصهيونية فرصة والا واستغلتها في فصل الجنوب عن السودان بل واستقبال بعض قادةالمعارضة المسلحة في تل ابيب.. وهكذا فإن السودانيين يدركون تماما انهم في معركة ميدانية حقيقية مع العدو الصهيوني وان قرارات المقاطعة والحصار على السودان انما هي وليدة مؤامرة اللوبيات الصهيونية في امريكا.

من هنا بالضبط كان الأولى انتظار تداعيات تصريح الوزير السوداني ومعرفة ملابساتها ففي السودان قوى شعبية صلبة وقوية ترفض التطبيع جملة وتفصيلا وهناك دولة ظلت باستمرار مع فلسطين عمليا من خلال فتح الجامعات للطلبة الفلسطينيين بالآلاف بدون رسوم والترحيب بالفلسطينيين بكافة توجهاتهم ومنحهم كل ما يمكن توفيره كما ان الامداد بالسلاح للمقاومة الفلسطينية هو السبب المستمر في العدوان على السودان.. والذي دفعه السودان بصبر جميل وحيدا في ظل تخلي النظام الرسمي العربي عن المقاومة المسلحة الفلسطينية.

بالتأكيد لن نستقبل التطبيع او الدعوة له الا بالاستنكار والرفض والادانة والمقاومة، لكن لن نستدرج الى عداوات بيننا يجرنا اليها العدو.. ففلسطين والقدس ملك للأمة كلها، وطلائع الأمة وشرفاؤها وشعوبها جميعا ضد التطبيع ولن يسمحوا بأن يمر وكل صوت غير هذا انما هو نشاز وجاهل..

فلو انتظر بعضنا لجاءه الخبر اليقين من مؤسسات الدولة والمؤسسة الدينية ومن الاحزاب السودانية الاصيلة والعريقة وذلك خير من التسرع وتوسيع القدح.. وبالفعل جاء موقف هيئة الافتاء السودانية لتدين التصريح الشاذ، فمات في حين ولادته..

أجل ان تقوية الصفوف وحمايتها من الانخراط في عبثية التطبيع مع العدو ورفض منطق الهزيمة الذي يقودنا الى التنازل عن حقنا بفلسطين.. وان المقاومة المستمرة للتطبيع لايعني ابدا ان نخسر بعضنا بعضا لمجرد هفوة هنا او هناك.. انما يتم وضع الامور في سياقها وسيظل السودان عمقنا العربي الاستراتيجي في موقع غاية في الحساسية والخطورة مدركين انه يتعرض لمؤامرات عديدة وحيدا دونما عون عربي حقيقي.. تولانا الله برحمته.

بقلم
صالح عوض
بوابة الشروق الجزائرية

‫5 تعليقات

  1. هذا الخطاب موجه بالدرجة الأولى للفلسطينيين الذين استهزأوا بالسودان ويتساءلون ماذا قدمتم للقضية الفلسطينية؟.. ونحن لا نمثل شيء بجانب مصر العروبة!!..
    نحن نكاد نكون الدولة الوحيدة بعد مفاعلات العراق التي تقصف اسرائيليا وليس لدينا حدود مباشرة معها..
    ولو كان للعنصريين الفلسطينيين عقل لعقلوا السبب..
    فأن تقصفك اسرائيل يعني ذلك أنك لست ببائع للقدس.. وهذه واحدة من حسنات الكيزان القليلة.. رغم براغماتيتهم المعهودة..
    عموما .. لم نحصد منكم أيها الأعراب غير السراب.. حرفيا..
    فحق لنا أن نبحث عن بدائل تقينا شرور المؤامرات والفتن..
    ونحن أحرار وفِي حل عن عنصريتكم..

  2. ياخ فكونا من فكرة الدفاع عن فلسطين والفلسطينين قولوا نحنا مسلمين ولينا الحق في القدس كجميع الديانات السماوية الاخرى من مسيحية ويهودية وما لم تستطع تاخذه بالقوة خذه بالعقل , ماذا جنينا من الحروب في وقتنا هذا بالله عليكم ؟! والمسلم كيس وفطن وليس ب ارهابي ولا عدواني , وخلونا نتعامل مع الاسرائلين زيهم وزي البوزيين الصينين او الهندوس الهنود (بالله ايهم اجدر بالمعاملة ) اصحاب ديانات سماوية ولا عبدة الاحجار والبهائم والنار !!!!!

  3. كلامك عين العقل ايها الكاتب

    انت تفهم افضل من وزيرنا وزير الهنا الماسورة مبارك الفاضل

  4. السؤال المهم ماذا قدم الفلسطينين للسودان خلال اكثر من ٢٠ عام والسودان محاصر غير التهكم والاستهزاء .
    الاخوة الأفارقة كانوا لنا السند والقوة الشكر والتقدير لهم.
    خلال الحصار الجائر عرف السودان الصديق من العدو.ومعطم السودانيين مع كلام الوزير المحترم مبارك الفاضل ويريدون التطبيع مع إسرائيل.
    اما الفلسطينيين اليوم يتاجرون بالقضية ومحمود عباس يبكي في جنازة بيريز ويحمي إسرائيل من الفلسطينيين.
    الشعب السوداني عرف مصلحته ويريد التعامل مع اي دولة.
    اما المدعو الأشقر اذا كان يريد تحرير فلسطين مبروك عليه فلسطين والسودان ليس في حدود إسرائيل.
    سفير فلسطين في السودان عندما انفصل جنوب السودان ارسل برقية تهنئة لرئيس جنوب السودان يهنئه بالاستقلال من الاستعمار السوداني.
    خيرا تعمل شرا تلقاه.
    هذا جزاء سنمار .