العلاج بالوهم …!!
على سبيل المثال، يُحكى أن مريضاً بالربو أقام بفندق، وعند منتصف الليلة فاجأته الأزمة، وشعر بحاجته إلى الهواء، فاستيقظ مخنوقاً يبحث عن النافذة المغلقة، وبدأ يتلمس طريقه – للنافذة – حتى وضع يده على زجاج بارد.. ولكنه عجز عن فتح النافذة، فكسر الزجاج، وتنفس بعمق حتى خفت الأزمة و ( نام) .. ولكن صباحاً، تفاجأ بأن النافذة سليمة وأن الزجاج الذي كسره كان زجاج ساعة الحائط ..!!
:: فالأطباء يسمون ما حدث لهذا المريض ب(البـلاسيـبـو)، أي العـــلاج بالـــوهم أو الإيحاء .. وبعضهم يؤكد بأن تأثير الوهم يًشكل (30%) من أي علاج ..ويبدو أن السادة بولاية الخرطوم يجتهدون في تطوير هذا النوع من العلاج بحيث يًعالج الأزمات العامة أيضاً.. إذ هم عملاً بتوجيهات اللجنة العليا لتخفيف أعباء المعيشة – وللعام الثالث على التوالي ينفذون مشروع بيع خراف الأضاحي بالوزن..!!
:: وزارة المالية بالخرطوم، بالتعاون مع مركز ثقافة وحماية المستهلك، هي الجهة الراعية لمشروع بيع الخراف بالوزن، لتخفيف الأعباء على المواطن وليس الميزان .. وتقول الوزارة أن تجربة بيع خراف الأضاحي بالوزن نجحت في الأعوام الفائتة، وساهمت في راحة المواطنين، وخفض أسعار الخراف، ولذلك اتفقوا مع بعض تجار المواشي الكبار على البيع بالوزن من خلال مراكز محددة .. !!
:: وعليه، فان توهم السادة بالمالية ومركز حماية المستهلك بأن البيع بالوزن يُخفض أسعار الخراف نوع من (البلاسيبو)، أي العلاج بالوهم ..أما الداء الذي هم يتهربون منه هو عجزهم عن رفع أثقال الرسوم و الجبايات والأتاوات – المركزية والولائية والمحلية – التي تثقل كاهل المواطن والخروف، و تشكل (25%) من سعر الخروف.. وتلك الأثقال هي التي ساهمت أيضاً في إرتفاع أسعار الخراف في عيد هذا العام بنسبة تتراوح ما بين (30/ 35%)، عما كانت عليها في عيد العام الفائت ..!!
:: تلك هي الحقيقة المؤلمة.. ولكن في محاولة لتغطية تلك الحقيقة المؤلمة، تذر وزارة المالية بالخرطوم ومركز ثقافة وحماية المستهلك الرماد على عيون الناس بهذا المشروع المسمى ( بيع الأضاحي بالوزن)، وبأن يكون سعر الكيلو (54 جنيهاً).. وإعتماد السادة بحكومة الخرطوم هذا السعر يعني تفسير الماء – بعد الجهد – بالماء، أي لن يًخفض سعرهم من واقع الأسعار مثقال ذرة .. بيع الكيلو – بهذا السعر الفلكي – لا يعالج أزمة المواطن، ربما يًعالج ( نفسيات الحكومة)..!!
:: البيع بالوزن – من حيث الفكرة – يحفظ حقوق المستهلك.. ولكن من حيث السعر – 54 جنيها – فهو تخدير لعقول الناس، أي هو البيع بالخداع .. إذا طلبت خرافاً بأسعار تتراوح ما بين (1000/ 15000 جنيه)، بإعتبار انها أسعار مناسبة – لذوي الدخل المحدودة – في تُصدر المواشي، فهذا يعني أنك طلبت خراف بحجم الأرانب (27/18 كيلو).. ولكن الخروف زنة (45 كيلو)، أي متوسط حجم، بسعر الكيلو (54 جنيها)، يساوى سعره (2.430 جنيه)..هذا هو السعر الحكومي – الداقين ليهو طار – تحت مسمى البيع بالأوزان.. وهو لا يختلف عن أسعار الحظائر التي بلا أوزان .. !!
الطاهر ساتي