صلاح احمد عبد الله

شجرٌ.. يسير!!؟


* هي قصة مشهورة في الأدب العربي القديم.. والمدارس الوسطى القديمة.. عن فتاة ذات نظر (حاد) طلب منها قومها أن تقف في كل يوم على ربوة عالية في مضارب أهلها.. لتنظر في الأفق علها ترى الأعداء.. أعداء قبيلتها ومخابراتهم كانوا يعرفون حدة النظر هذه فيعلقون شجراً وأغصانا على رؤوسهم.. ويسيرون الهوينى بحذر..!!
* قومها ومن شدة غفلتهم كانوا يسألونها كل صباح.. وعصر كل يوم ماذا ترين.. فتقول لهم إني أرى شجراً يسير.. فيطمئنون ويعودون الى أعمالهم و(خمرهم) ليلاً.. حتى فاجأهم العدو ذات صباح مبكر.. وأبادهم وأخذ ثروتهم ونساءهم وهي كانت من ضمن السبايا..!!

* وبكل صراحة الدنيا.. نحن لا ولن نرى شجراً يسير لأن الصحاري تحيط بنا شرقاً وغرباً والانحدار الطبيعي للجغرافيا نحو النيل.. نحن فقط نرى ضمائر (تحترق) وتخترق ورجال اصبح بعضهم كالسلعة في اسواق النخاسة.. وهي انتهت فعلا ولم تنتهي قولا ولا لفظا جارحا.. سنوات وسنوات بعيدة زادت حدتها اخيرا.. الصدور تمتلئ بالشرور والنفوس تمشي بين الناس كانها قنابل موقوتة قابلة للانفجار في اي لحظة.. وقليل من الفعل والقول قد يؤدي الى القتل.. فتشو في اضابير الشرطة تجدونها ملئ بالكثير من الحكايات التي تدمي القلب.. والدمع ايضا.. لشعب كان متسامحا حتى لوقت قريب والكل اصبح يقدر ويقرر لسرعة الغضب والانفعال.. منذ ما حصل في ذلك اليوم وذلك الشهر.. واحداث تلك السنة الشهيرة..؟!

* لمجموعة تظن انها احدة فلتات الكون.. واحدى اقدار السماء ومبعوثة العناية الالهية لنشر الخير بين البشر..!!
* ولكن ما حدث في البلاد لن يكفي ولو كتبنا عنه في كل اضابير الدنيا.. وبكل اقلامها ابتداءا من استعار حرب الجنوب التي صارت محرقة للشباب.. حتى تم الانفصال.. ثم الانهيار الاقتصادي الشامل في كل مناحي الحياة والانتاج.. واختفاء عائدات البترول والذهب.. ثم ظهور طبقة من الاثرياء ما انزل الله بها ولها من سلطان.. صارت تتحكم فيما تبقى من اقتصاد طفيلي.. بل قل (طفولي) ثم انهيار شاكل لكل منظومة الاخلاق التي اشتهر بها اهل السودان..
* كل الاحزاب السياسية خاصة الكهنوتية منها اهتمت بالمشاركة وما يسمى عند الاخرين بالمحاصصة بعد حوار القاعة.. والحركات المسلحة قديمها وجديدها شارك في السلطة واخذ نصيبه ومخصصاته كاملة.. وبعضهم (عاد) للحرب وهم لورداتها يطلبون المزيد من الثروة من الداخل.. او حتى الخارج لا يهم..
* المهم عندهم هو الاكتناز في المحافل البعيدة بعيدا عن عيون شعبهم.. وهم يعرفون انه يعرف عنهم كل شيء.. كلهم.. كلهم.. ولكن سياسة الحياء وعدمها اصبحت طبقا عاليا على الجميع..

* ونحن كشعب قضى عمره مسالما متسامحا يعبد الله عن حب ويتعايش مع كل الديانات بسلام.. لا يهمه ان سار الشجر او توقف.. او حتى ضل الطريق.. حتى ولو وصل لن يصل بسلام كما يتمنى ويريد.. وفي التاريخ القريب جدا والبعيد الكثير من السوابق.. أمن ديارنا واولادنا مهمتنا.. ولن نتركها لأحد.. حتى لو كانت الدولة نفسها.. خاصة عندما يتبين عجزها لأمر (ما)..!!
* نحن نمتلك صبر الدنيا كله.. وشجاعة الدنيا كلها.. والكل يعرف ذلك..؟!

* حتى النيل..

* وحتى اولادنا.. ونتمنى للجميع عيد اضحى سعيد.. ومجيد..

مفارقات – صلاح أحمد عبدالله
صحيفة الجريدة