يعملون في المهن الهامشية العمالة الجنوبية بالسودان.. الواقع يفرض كلمته
لم يكن (جون بيتر) البالغ من العمر (40) عاماً يتوقع ان تأتي عليه الرياح بما لا تشتهي سفنه.. فبعد أن كان ينعم بحياة مستقرة، ويدير أعماله الاستثمارية بحرية في دولة الجنوب، انقلب حاله، وفقد كل ما يملك بين يوم وليلة.. عندما اندلعت مشاكل بين بعض القبائل في مدينة (ملكال)، واحترق جرَّاها منزله ومتجره، وبات بلا مأوى أو مسكن. فقرر العودة وأسرته لـ(الخرطوم) ليصنع حياة جديدة. فكانت صناعة (الطوب الاخضر) وجهته.. فنصب (راكوبة) بالقرب من الزرائب خلف سوق أبوزيد للمواشي بغرب أم درمان، وبدأ في الصناعة والبيع بسعر زهيد (جنيهين) للطوبة الواحدة، لكنه لم يستمر فيها طويلاً.
لغة الترحال
مشاكل وصعوبات واجهت (جون)، وجعلته ينتقل لواحدة من العمارات المهجورة بأم بدة السبيل. وكما قال لـ(الصيحة) انه (يمرق مرقة الصباح ولا يعود الى المنزل إلا المساء)، حاملاً معه قوت أسرته المكونة من سبعة افراد (اربع بنات وولديْن) وزوجته. فبعد بحث مضنٍ وجد (شغل) في صالون (الامير) للحلاقة كعامل نظافة بواقع (30) جنيهاً في اليوم، لكنه ترك المكان بسبب مشكلة بينه وصاحب المحل. فاتجه نحو (نيفاشا) بالسوق الأفرنجي بالخرطوم، وهناك وجد ملاذه في تجارة (الاحذية، وأحزمة البناطلين الرجالية)، وذلك بعد المساعدة التي تلقَّاها من شيوخ الكنائيس، وبذلك استقر وضعه بعض الشيء.
واحد من الناس
(جون وأسرته) من احدى القبائل الجنوبية الوافدة الى الخرطوم، بسبب الحروب الاهلية، والمشاكل والضغوط الاقتصادية التي واجهتهم في دولتهم منذ اربع سنوات. اضافة للذين فروا من المجاعة التي ضربت مناطقهم تأثراً بتلك الحروب. وحسب تقارير إعلامية فقد فاق عدد الوجود الاجنبي الجنوبي بالخرطوم المليون جنوبي، يتمركزون في الأحياء الطرفية من المحليات السبع، (60%) منهم تحت وطأة الفقر يجابهون الوضع المعيشي والتعليمي والصحي، بينما وجد البعض الاخر منهم طريقه الى المنظمات الاجنبية والعالمية العاملة في حقوق الانسان والكنائيس وغيرها من الجهات. وكشفت جولة لـ(الصيحة) وسط الشرائح الجنوبية ان عدداً قليلاً جداً منهم يتلقَّون التعليم الاساس والجامعي في المؤسسات التعليمة بالولاية، والبقية حرمهم المال وشح الوظائف من مواصلة المسيرة.
شح الوظائف
واتضح ــ من خلال الجولة التي وقفت على أوضاع الأسر الجنوبية ــ أنهم يعانون من عدم التوظيف نسبة لافتقارهم للمؤهلات والخبرة، وأغلبهم يعمل أعمالا هامشية في مجال حراسة المنشآت، والعمارات، والمباني المهجورة. الى جانب قطاع النفايات والأوساخ، والبناء، والتشييد، وفي كمائن الطوب. أما النساء فيعملن في المنازل، خاصة جانب (غسل وكي الملابس)، كما يجيدون صناعة (المشغولات اليدوية) و(الإكسسوارات)، الى جانب تجارة الاحذية، وترويج البضائع القادمة من دولة الجنوب، والبعض الاخر منهم (نساء ورجالاً) يعملون كـ(خفراء )على بوابات (المستشفيات والمدارس)، بينما تسيطر الطبقة الراقية على المناصب العليا في الفنادق والكنائيس والمنظمات وغيرها.
صيام صيام
(نحن ما دايرين نرجع الجنوب لو نموت من الجوع هنا)، هذه الجملة الصادمة أطلقتها (ميري) مواطنة جنوبية، تقيم في عِشة من الخيش البالي، وهي تعمل على حراسة مواد بناء لعمارة قيد التشييد بمنطقة (دار السلام) بأم بدة، وبنبرة حزينة اضافت: (والله العظيم الشفناهو وعشناهو في بلد داك مر زي الحنضل الواحد اسبوع كامل لا بياكل ولا بيشرب)، واشارت انهم كلاجئين في وطنهم الاول لا يجدون فرص العمل المناسبة لتحسين اوضاعهم، وأن المتاح من الاعمال احتلتها الشرائح الضعيفة غير المتعلمة، وهي مجرد أعمال هامشية ارباحها لا تساوي شيئاً، الامر الذي دفعها كي تجوب الاحياء وتطرق ابواب (المنازل) بحثاً عن أي عمل ولو بـ(عشرة) جنيهات. واتفق مع (ميري) عامل الطُلبة (اجوك ملوال) الذي يقف على عمليات الحفر ورفع (المونة) للعمال بذات العمارة، والذي حدثنا عن الصعوبات التي تواجه الجنوبيين في ايجاد (شغل) بالخرطوم. وقال ان الشرائح الضعيفة تعمل رزق اليوم في مجالات هامشية ومحدودة الدخل، وتمنى لو تفتح لهم الحكومة السودانية فرص عمل وتمليكهم مشاريع صغيرة باعتبارهم ينتمون للوطن الاول، أو يتم استخدامهم أسوة بالعمالة الأجنبية الأخرى.
استفادة قصوى
من أم بدة (دار السلام)، انتقلت جولة الصحيفة الى ام درمان وفي مربع (58) بمدينة ابوسعد، وجدت ذات المعاناة، فالحال لا يختلف بالنسبة لأسر (روجينا، وكاثرين، وجدو) وهم يرتادون العمل في البقالات، والدكاكين، ونظافة الاسواق، والصيدليات، ويعملون في بيع الصناعات الجنوبية الفريدة من (شباشب وحقائب وأقمشة)، جميعهم اكدوا انهم يواجهون مشكلات الحصول على وظائف ثابتة، وحتى الذين يحصلون على عمل يشتكون من ضعف الراتب، لان مجالاتهم هامشية وذات دخل بسيط، ودعوا لضرورة الاستفادة منهم كعمالة يمكنها ان تقدم الكثير للسودان، بينما يقول (خميس دينق) استاذ ثانوي: هناك وظائف متوفرة في الولاية لكن يشغلها المواطن الجنوبي المتعلم، والذي يصرف بالعملة الصعبة (الدولار).
تغريدات قوية
تكتظ ولاية الخرطوم بالعمالة الاجنبية من مختلف الجنسيات، وانضمت الى القائمة مؤخرا القبائل الجنوبية، والتي طرق أفرادها كل الابواب للحصول على (شغل)، وبذلك تحولت الى عمالة وقعت بصمتها على دفتر الوجود الاجنبي، كما انها تسعى لان يتم استخدامها في القطاعات كافة، في وقت تعاني فيه البلاد ضائقة اقتصادية حرجة، تبعاً لذلك اطلق بعض نشطاء التواصل الاجتماعي دعواتهم للاستفادة من الجنسيات الجنوبية الوافدة في القطاعات الصناعية باعتبارها عمالة (رخيصة)، وغرد رواد (تويتر) بالمطالبات الداعية الى القضاء على كل العمالة الاجنبية، وتوظيف العامل المحلي للقضاء على العطالة، بينما يرى اخرون ان الوجود الاجنبي عموماً أثر على الوضع الامني والمعيشي والاقتصادي في الولاية، مطالباً بإجلاء كل الجنسيات، ورفع شعار الخرطوم (خالية من الأجانب) ـ فيما يصف محللون اقتصاديون هذه المطالب بانها لم تاتِ في مكانها ـ لان الوافدين من دولة الجنوب تحديداً يعملون أعمالاً هامشية أوجدوها بأنفسهم، ولا يحتلون وظائف مركزية في مؤسسات ودوائر القطاع الخاص والحكومي، كما تنقصهم الخبرة والكفأة لانشاء مشاريع استثمارية خاصة بهم، لذلك نجدهم ارتادوا صناعة الطوب في الكمائن، والعتالة وغيرها.
كارثة حقيقية
ويرى أحد المراقبين أن وجود الوافدين الجنوبيين، وفي هذه الظروف ساهم في خلق ازمات غذائة، وتسبب في خلق ازمات اضرت بالاقتصاد الوطني، وحسب تعبيره أن عدم استخدامهم بشكل صحيح ومنظم سيؤدي الى حدوث كوارث، في ظل أن اعدادهم في زيادة مستمرة، وهم يعملون بطرق عشوائية. وتفيد متابعات الصحيفة أن هناك اعداداً كبيرة من العمالة الاجنبية (الجنوبية) الوافدة بطرق غير مشروعة من خلال الحدود السودانية، وتورطت العديد من الاسر في استقدامها داخل منازلهم مما يهدد أمن وسلامة الولاية، وتبعاً لذلك ازدادت حالات السطو النهاري والسرقات الليلية داخل أحياء محليتي (أم درمان وأم بدة) تحديداً، بل ان أعداداً من البلاغات الجنائية قد تم تدوينها ضد بعضهم لتورطهم في بعض الجرائم.
أبعاد اقتصادية
بالتأكيد إن ظهور العمالة الجنوبية في سوق العمل السوداني له أبعاده الاقتصادية والاجتماعية وغيرها، كما يفيد د.(إلياس محمد زين) الخبير في مجال العمل والقوة العاملة، والذي توقع أن تشهد الأشهر القادمة دخول أعداد اضافية منهم سيؤثرون على كافة القطاعات بما فيها المواصلات. وأكد صعوبة استقدامهم واستخدامهم معاً في السوق الذي يعاني في الأصل من المشاكل والعقبات، ووجود عطالة وسط أبناء الوطن، وأكد أن هجرة (الجنوبيين) الى السودان وتمركزهم بنسب مرتفعة في ولاية الخرطوم ما كان له أن يستمر لو نفذت السلطات بولاية الخرطوم الاجراءات التي صدرت من مارس الماضي والمعنية بترحيلهم الى ولايات اخرى خارج حدود العاصمة، والتي تتوافق مع إجراءات الحكومة المركزية تجاه (الاثيوبيين والإريتريين).
تعدد الهويات
وحول هوية العمالة الموجودة في السودان، وفرصة منافسة الجنوبيين لها، افاد (الصيحة) محمد كمال مدير مكتب (الرؤية) للاستقدام والاستخدام الاجنبي بالخرطوم، بأن أغلبهم من (الهند، وباكستان، وبنغلاديش، والفلبين)، وجميعهم ارتادوا قطاعات (البناء، والتشييد، والنسيج، والمجالات الطبية، ومهنة خدم المنازل والمربيات) ـ فيما احتلت العمالة العربية من (سوريا، ولبنان، ومصر) تجارة الأطعمة، وفيما يختص بالعمالة الافريقية أشار إلى ـن معظمهم من (أثيوبيا، واريتريا، والصومال، ونيجيريا)، وهم يعملون في مقاهي (الانترنت) بجانب بيع (الجنبة والشاي)، وفيما يتعلق بـ(الجنوبيين) استبعد منافستهم في السوق، لكنهم استطاعوا ان يشغلوا وظائف (مناديب) مبيعات في (المولات) الكبرى مثل (الواحة وعفراء) مؤكداً ضيق فرص العمل بالنسبة لهم.
دمج مؤقت
وفي سياق ذلك يقول الخبير الاقتصادي (أحمد مالك) يجب أن لا ننظر للعمالة الجنوبية ككتلة واحدة، ولابد من تصنيفهم لفئات حتى نستطيع التعامل مع كل فئة على حدة، هذا في حال اعتبارها عمالة ماهرة ونشيطة. واردف: أغلب الوافدين الجنوبين يعملون الان في وظائف معينة ومحدودة، واجورهم بسيطة جدا. وقال: العمالة الجنوبية لا يمكن أن ترتقي لمستوى العمالة الاجنبية الاخرى، وهذا يتضح من خلال تجاربهم وخبراتهم والأعمال التي قاموا بها قبل الانفصال، ولا يعتقد (مالك) أن تؤثر هذه العمالة ايجاباً في السوق السوداني، بل إنها سوف تزيد (الطين بلة). وطالب بوضع إجراءات تساعد في الاستفادة منهم في بعض القطاعات حال تعثر إجلائهم عن البلاد.
أخيراً
يتضح مما سبق؛ أن هناك مشكلة حقيقية تسبب فيها الوجود الجنوبي في الخرطوم، بعد أن اقتحمت هذه العمالة سوق العمل السوداني، فمن خلال متابعاتنا لمعرفة المجالات التي يعملون فيها، تبيَّن أنهم يعملون في وظائف (العتالة) بمطار الخرطوم، والأسواق المركزية الكبيرة، وعمال نظافة بالمستشفيات، والمراكز العلاجية المتخصصة. أضف إلى ذلك انتشارهم في شوارع العاصمة بغرض القيام بأعمال النظافة، وأيضاً يعملون (جرسونات) في بعض المطاعم على شارع المطار، ويقفون على مراقبة الزبائن بالأجنحة التجارية بمول الواحة، ولم ينحصر تمددهم وأنشطتهم في ذلك وحسب، بل يقدمون خدماتهم أيضاً في المراكز التجارية في الخرطوم وأم درمان وفي بعض مصانع السراميك.. ومن هنا تضم (الصيحة) صوتها الى صوت المواطن الجنوبي الذي يطالب بتقنين وجودهم وادماجهم في الوظائف.
تحقيق: إنتصار فضل الله
الصيحة
سؤال يعني حا يشتغلو دكاتره يعني ,ما براهم فضلو الانفصال خلاص خليهم يرضو بي واقعهم باي باي كرتوم
العداله الاجتماعيه و المسواه بين الشعب و تساوي الفرص الحقيقة ..شعارات الحركة الشعبيه قبل الانفصال و كانو يتداولون خصوصا امثال ياسر عرمان و المثقفين الحركة لماذ علي الجنوبين العمل حراس و غسالين و مكوجية وصدق الكثير من الجنوبين و بعض من الشمالين هذه الشعارات الان اين تلك الشعارات و مطلقيها الا يستحون الن بما فعلو في مواطن كان موجود بكرامتهم في كل السودان و في وظائف حكوميه وفي الجيش و الشرطة و الان هم رجعو لنفس المهن و اقل منها سبحان الله الطمع ودر م جمع
الغالبية منهم مجرمين ومتفلتين
واحياء غرب ام درمان خير شاهد على التجمعات الاجرامية التي لا يطالها قانون الدولة
رأيت بأم عيني مجموعة من غسالي العربات من الجنوبيين في نمرة 2 يطردون زملاءهم من السودانيين بالعصي والسكاكين باعتبار ان هذه منطقة عملهم
أكبر غلطة أننا فتحنا الحدود بين جنوب السودان وبدأ الجنوبين هجرتهم الي الشمال , وربنا يصبرنا عليهم , وسوف نشوف من الجرائم بكل أنواعها من هولاء الجنوبين ونحن ما نكون عاطفين حتي نندم مستقبلا .
فالدولة تبعدهم عن الخرطوم وكل الولايات وتحصرهم في مخيم قرب حدود بلادهم بمراقبة مشدده وهم داخل المخيم ولا يخرج من هذا المخيم الا بأذن واعودة مرة أخري .
ما كفاية الشاميين والمصريين بقوا أصحاب البلد والسوداني داخل بلده أصبح لاجئ .