تحقيقات وتقارير

الحرب بالوكالة..الجبهة الثورية تقاتل مواطني دولة جنوب السودان

أصبحت دولة جنوب السودان من أكبر الأسواق الرائجة للحرب بالوكالة, حيث وجدت المعارضة السودانية المسلحة متمثلة في حركات دارفور المتمردة والحركة الشعبية قطاع الشمال,

بجانب متمردي اثيوبيا ومتمردي الكنغو وغيرهم من المليشيات الافريقية التي جندها نظام الرئيس سلفا كير ميارديت للقتال ضد المعارضة المسلحة التي يقودها الدكتور رياك مشار، ووجدت تلك الحركات في الدولة المضطربة مكاناً لتحقيق غاياتها المادية من خلال دعمها للجيش الشعبي الحكومي الذي انهكه القتال، لتقتات الحركات المسلحة السودانية مما تقدمه حكومة جوبا لهم بعد كل عملية قتالية ضد المعارضة بقيادة رياك مشار، لكن من جهة أخرى فإن تورط الجبهة الثورية ومتمردي السودان في الحرب الأهلية بالوكالة عن حكومة جوبا أدى لتضرر الآلاف من مواطني جنوب السودان من مناطقهم وقراهم في كافة الولايات في هجوم الجبهة الثورية

الأسبوع الماضي, هاجمت قوات الجبهة الثورية السودانية بدولة جنوب السودان مناطق سيطرة المعارضة المسلحة التي يقودها الدكتور رياك مشار، وقال الناطق الرسمي باسم حكومة فشودة العقيد حقوقي موسي اكيج كور في بيان رسمي تلقت (الإنتباهة) نسخة منه، ان قوات الجبهة الثورية هاجمتهم في مقاطعة فشودة على محورين الأول عبر منطقة (أدوت) حيث تصدت لهم قوات مشار وكبدت فيها الجبهة الثورية خسائر كبيرة في الأرواح والعتاد حيث قتل (15) وجرح (25) من الجبهة الثورية, فيما فر فلول الجيش الحكومي بعد أن تمكنت المعارضة من صد الهجوم، وأضاف العقيد موسى ان المحور الثاني للجبهة الثورية كان عبر منطقة (أبروج) استخدمت فيه الجبهة الثورية القصف الصاروخي ومدافع الهاون لدخول المنطقة مما أدى لوقوع خسائر ضد المدنيين قتل إثر ذلك (10) من الأطفال والمسنين وعدد من الجرحى كما أحرق مخيمهم بعد أن قامت مليشيات الجبهة بنهب ممتلكات التجار والمنظمات الإنسانية، بدوره أعلن العقيد موسى مقتل اثنين وجرح ثلاثة من قواتهم خلال الهجوم الثاني، كما أدانت المعارضة هجوم متمردي السودان على مخيم (أبروج) الأمر الذي أدى لهروب المدنيين من المنطقة, داعياً المنظمات الدولية بالتدخل لإنقاذ المواطنين.

العدل والمساواة
المحامي أقوك ماكور, ابتدر حديثه بقوله ان ما تفعله حكومة دولة جنوب السودان من خلال احتضانها للحركات المسلحة السودانية في أراضيها يهدد أمن مواطنيها في المقام الأول، مشيرا لضرورة طرد هذه الحركات فوراً وفقاً للاتفاقيات الموقعة بين الخرطوم وجوبا، وأضاف ان هنالك عددا من اتفاقيات تم التوقيع عليها عند زيارة تعبان دينق قاي النائب الأول لرئيس دولة الجنوب للسودان في أغسطس 2016 عندما وعد حكومة الخرطوم بأن حكومة بلاده ستقوم بطرد جميع الحركات المسلحة السودانية الموجودة بأراضيها خلال (21) يوماً، وكان هذا أحد الشروط لعودة العلاقة بين البلدين الى طبيعتها، لكن رغم مرور عام الآن لم توف جوبا بالوعد الذي قطعته أمام العالم ، ويضيف ماكور ان العالم الآن سمع وشاهد بعينيه ما تقوم بها الحركات المسلحة السودانية داخل أراضي دولة جنوب السودان، منوها أن احتضان حكومة جنوب السودان للحركات المناوئة للخرطوم بهدف استخدامها في حربها ضد المعارضة الجنوبية، مؤكداً ان حركة العدل والمساواة شاركت قوات سلفا كير في كثير من المعارك التي تقودها الحكومة، واستنكر ماكور مشاركة الحركات المسلحة السودانية فيما يحدث في جنوب السودان, واعتبره تدخلاً سافراً في شؤون دولة جنوب السودان.

وقف شلالات الدماء
يقول الأمين العام للمعارضة المسلحة بدولة جنوب السودان تنقو بيتر, في اتصال عبر الهاتف لـ(الإنتباهة) من مقر إقامته بدولة افريقية مجاورة، إن الحكومة في جوبا لم تلتزم بالاتفاقية الموقعة مع المعارضة بقيادة رياك مشار بأديس أبابا في أغسطس2015م التي نصت على على وقف إطلاق النار الفوري مع تنفيذ بند الترتيبات العسكرية والأمنية المتلعقة بالاتفاقية, وإخراج القوات الأجنبية من جنوب السودان، ومن المعروف انه بعد أحداث 7 يوليو 2016م خرقت حكومة جوبا الاتنفاقية التي كادت توقف شلالات الدماء في دولة جنوب السودان, وبهذا الخرق ماتت اتفاقية اغسطس ولم تر بنودها النور بعد ان كتبت حكومة جوبا شهادة وفاتها بيدها، وأضاف تنقو ان حكومة جنوب السودان تستعين الآن بقوات أجنبية يوغندية وقوات الجبهة الثورية ,وكلها شاركت في العمليات ضد المعارضة التي لديها أدلة دامغة تثبت تورط قوات العدل والمساواة وقوات الجبهة الثورية إضافة الى القوات اليوغندية في غرب بحر الغزال وولايات الإستوائية وأعالي النيل الكبرى، وأفاد تنقو أنهم يؤكدون على أن قوات الجبهة الثورية ساندت قوات حكومة جوبا في أحداث فشودة الأخيرة الأسبوع الماضي بجانب أحداث متعددة راح ضحيتها الآلاف من الأبرياء وتشرد بسببها أكثر من مليون ونصف نازح، مشيراً الى أن اتفاقية أديس أبابا تضمنت طرد جميع القوات الأجنبية الموجودة في أراضي الجنوب اذا كانت قوات المعارضة والقوات اليوغندية، وكشف الأمين العام للمعارضة أننا أبلغنا حكومة دولة السودان بتلك التفاصيل حتى يقوموا بدورهم برفع مذكرة احتجاج وشكوى ضد حكومة جنوب السودان الى الاتحاد الإفريقي.

المعارضة تحت عباءة مشار
القيادي السياسي بدولة جنوب السودان مصطفى يوسف كبسور يقول إن القيادة الحالية في دولة جنوب السودان يسيطر عليها (مجلس الدينكا) الذي هو مجلس رئاسة الدولة. هذه القيادة الجهوية المتمثلة في مجموعة الدينكا قد أثبتت فشلها تماماً لان في جنوب السودان (65) قبيلة, فكيف يمكن ان يقودها مجلس قبيلة واحدة, فما حدث يعتبر وصمة عار في جبين حكومة سلفا كير وأعوانه، ويضيف كبسور ان السلام في دولة جنوب السودان لن يتحقق إلا عن طريق الحوار الصريح بين كافة مكونات المعارضة المسلحة والحكومة ولا بديل من توحد المعارضة الجنوبية بما فيها الحركة الوطنية الديمقراطية بقيادة (لام أكول) تحت لواء حركة رياك مشار مع الضمانات القوية من القوى المؤثرة في المجتمع الدولي كما حدث في اتفاقية نيفاشا2005م ،على أن يشارك كل أصحاب المصلحة بقيادة رياك مشار الذي له وجود عسكري قوي على أرض الواقع في جنوب السودان, وكذلك التفاف معظم القيادات السياسية التاريخية حوله. ويمكن توحيد المعارضة الجنوبية المسلحة في حركة واحدة لتتحاور مع حكومة سلفا كير ولكن بعد رفع الإقامة الجبرية عن د.رياك مشار الذي له علاقات تواصل بين جميع الحركات المعارضة في جنوب السودان إلا من أبى.

الجبهة الثورية والحرب بالثمن
الوزير الولائي الأسبق بدولة جنوب السودان مناوا بيتر قاركواث, يعتقد أن الاستعانة بالعناصر الأجنبية في الصراع المسلح في جنوب السودان بدأ منذ فترة طويلة, اعتادت الحكومة في جوبا بالاستعانة بالقوات الأجنبية للمشاركة معها في الحرب ضد المعارضة المسلحة بقيادة د.مشار. وأضاف مناوا أن المجتمع الدولي يعلم تماما استعانة حكومة جوبا بالقوات اليوغندية منذ(2014م) وخصوصا قوات سلاح الجو اليوغندي من أجل تعديل كفة الصراع لصالح الحكومة في جوبا ، ثم أشار الى تورط قوات المعارضة السودانية المسلحة متمثلة في الجبهة الثورية وتدخلها في صراعات دولة جنوب السودان. حيث أكد ان هذه من أسباب إطالة الحرب التي نتجت عن كافة المآسي التي يعانيها المواطنون في البلدين. مضيفا انه كان الأحرى بحكومة الجنوب إجبار الحركات السودانية بالجلوس على طاولة المفاوضات مع حكومة السودان من أجل وقف نزيف الحرب بدلاً من دخولها في الصراعات الدائرة في جنوب السودان وأن إيقاف الحرب في السودان يعكس الأثر الإيجابي في استقرار وأمن دولة جنوب السودان، وأشار إلى انه يجب على الطرفين التخلص من المرتزقة لأن اتفاقية أغسطس 2015م نصت على الترتيبات الأمنية بين الطرفين. منوهاً ان بند الترتيبات الأمنية مقصود به قوات الحكومة لأنها تقوم باستغلال القوات الأجنبية لمساعدتها في صراعها مع المعارضة المسلحة، مؤكدا أنه واضح في مشاركة القوات الأجنبية في ولايات بحر الغزال وأعالي النيل والوحدة والاستوائية وجونقلي, مضيفا اذا كانت الحكومة راشدة لمراعاة مصالح مواطنيها عليها ان تقوم بطرد الحركات المسلحة السودانية بدلا من استضافتها، وقال مناوا ، يجب على الجبهة الثورية ان تلتفت الى قضاياها وتعمل على الجلوس مع حكومة الخرطوم بدلا من الزج بنفسها في حروب أخرى لا طائل منها ..فقوات الجبهة الثورية دخلت ميادين القتال لتساعد قوات سلفا كير بعد ان عجزت من تحقيق أهدافها, وأصبحت تقاتل مقابل المال من أجل البقاء, وهذا قمة الفشل في الأهداف والمبادئ.

تقرير: الخواض عبد الفضيل
الانتباهة