جعفر عباس

تتلفزوا يا شباب الإعلاميين


مازلت موجودا في أحب مكان: وطني السودان، الذي فيه النيل الخالد، والخال والعم والوالد، وتراث من طارف وتالد، والخيرات أشكال وألوان، في شكل مياه وأطيان، ولكنها كادت تروح في خبر كان، ورغم أنني أتيت إلى السودان لشأن »عويص«، إلا أن مؤسسة للتعليم العالي طلبت مني أن أعطيها جانبا من وقتي لأحدث طلبتها الذين على وشك التخرج عن تجربتي الإعلامية، فقلت لهم إنني أكره »الدروس الرسمية«، وقبلت فقط أن يكون لقائي بالطلاب مسامرة أكثر من كونها محاضرة، وإليكم جانبا مما قلته لأولئك الطلاب:

نصيحتي لكل من يرغب في العمل في مجال الإعلام أو الصحافة، هي أن يعثر على واسطة ليتمكن من العثور على وظيفة تلفزيونية، ولتعزيز فرصة في النجاح في الحصول على وظيفة يستحسن أن يلتحق، ولو على نفقته، بدورة دراسية في الخارج، لتعلم أساسيات وفنيات العمل التلفزيوني، ولا بد أن تكون الدراسة في الخارج لأنك لن تجد من يأخذ بيدك في محطة تلفزيونية عربية، لأن معظم العاملين فيها مشغول بتلميع النفس، ربما لأنهم أنفسهم نسوا كل ما تعلموه عن أصول المهنة، بسبب »العك« المفروض عليهم، وقبل كل ذلك لا بد من إتقان اللغة الإنجليزية بدرجة أو بأخرى، ليس على أمل الحصول على وظيفة في سي إن إن أو بي بي سي، بل لأن التلفزيونات العربية كلها تعتمد في موادها الأساسية على المعلبات التي تأتيها باللغة الإنجليزية، فنشرات الأخبار والأفلام الوثائقية والبرامج العلمية كلها سكند هاند لأنها مترجمة عن الإنجليزية.

وأشجع ناشئة الإعلاميين على السعي للعمل في التلفزيون لأن السنوات الخمس المقبلة ستشهد مولد نحو خمسين قناة فضائية جديدة ناطقة بالعربية، معظمها سيكون مثل دكاكين الحلاقة: غرفة واسعة على جدرانها لوحات من الشرق والغرب وبعض الأجهزة الأساسية، فإذا أردت إطلاق قناة فضائية أي كلام، فإن ذلك لا يكلفك أكثر من خمسين ألف دولار تحصل عليها من أي بنك ثم تأتي ببعض الزلنطحية من عاشقي النجومية وتضعهم أمام الكاميرات مقابل فنجان شاي وسندويتشات فلافل، وتطلب منهم أن يشتموا بلدين أو ثلاثة على نحو منتظم. هذا سيضمن لك العثور على كفيل ليس بالضرورة غنيًّا، ولكنه صاحب مصلحة في استمرار الشتائم الموجهة إلى هذا البلد أو ذاك، ولو زدت جرعة الردح فربما تشتري الدولة المشتومة صمتك بأن تقدم لك المال اللازم لتظل قناتك على الهواء مقابل أن »تحل عنها«!!

وهناك كثير من الدول العربية المستحقة للزكاة تنفق على قنوات تلفزيونية جربانة مقابل أن تطبل لها وتنال من »خصومها« يعني إذا بعت سيارتك وشبكة زوجتك وسافرت بعائد كل ذلك إلى لندن أو أي عاصمة أوروبية تستطيع أن تفتح بقالة تلفزيونية فضائية مستعينًا ببعض ذوات الثدي اللواتي لا يمانعن من الكشف عن مكنوناتهن، ومعهن بعض »المفكرين« الذين يتحدثون في برنامج ما عن مخاطر اقتراب المريخ من كوكب الأرض وكيف أن ذلك مؤامرة صهيونية، ثم يتحدثون في البرنامج الذي يليه عن أهمية الزبادي في منع الحمل… ثم يظهرون في آخر الليل في برنامج حواري ليؤكدوا أن صلاح الدين الأيوبي كان كرديا انفصاليا يتلقى العون من فلادمير بوتين، وأنه من شجع مسعود البرزاني على السعي لفصل كردستان عن العراق.

ولكن ليس كل القنوات الفضائية المرتقبة من تلك الشاكلة فهناك شبكات تلفزة جادة بصدد فتح قنوات متخصصة جديدة وجميع القنوات الغربية تخطط حاليًا لإطلاق قنوات عربية ذات مهنية عالية.. ومن سبق لبق… أي فاز بالغنيمة… فعلى الإعلاميين الموهوبين والواعدين تحين الفرص للقفز على تلك المحطات الجديدة قبل أن تتسلل إليها المحظيات الفضائيات اللواتي تسببن في إصابتنا بالربو الدماغي… هيا يا شباب تأهبوا لاقتحام فضاءات جديدة لتقدموا لنا أعمالاً تلفزيونية جديدة تحترم عقولنا ولا تستفز عوراتنا.

زاوية غائمة
جعفر عباس


تعليق واحد

  1. أضف إلا ذلك
    على الجنس اللطيف يا لطيف
    تبيض البشرة و الوجه بالفسخ و الجلخ و تنعيم الشعر بمنتجات البعر
    و كشف الصدور لمتعة الجمهور
    ذلك لسرعة الظهور
    إليس ذلك كذلك يا جعفور ؟