يا عباس..!؟!
(١)
*منذ الصباح الباكر.. كان جالساً أمام دكان هارون ينظر للمارة شذراً.. يضع (سفة) ضخمة.. عيونه محمرة.. ذهبت لإحضار كيس لبن من أبو (٥) جنيه.. لزوم شاي الصباح.. نظر إلي ساخراً:ـ
*يا أستاذ.. الحالة دي عاجباكم.. يا عاملين فيها فاهمين ومثقفين..؟! رطل اللبن يقترب من العشرة جنيه والبيضة (٣) جنيه.. وكيلو الطماطم (٤٠) جنيه.. والبطاطس والأسود حدث ولا حرج.. وكيس العيش زي أضان الفار (٥) جنيه..
*وده غير زيادات الكهرباء غير المعلنة وفاتورة الموية (القاطعة) وملوثة.. وعملت كوليرا في بعض الأحياء.. إنتو قاعدين وين.. ولا خلاص الجماعة (ظبطوكم)..؟!
*لم يرد سلامي قلت له: يظبطونا كيف.. وانت شايف كيس لبن البودرة (٥) جنيه.. وداير أشيل على النوتة حق فطور الأولاد والمواصلات؟!
*ما دي (حركات) منكم ساكت.. عاملين فيها تعبانين بكرة نلقاكم رحلتوا كافوري ولا المنشية جنب الكبار.. وركبت آخر موديل.. ما القروش العز بيظهر شوية شوية.. يا حريف.. ضحك عالياً بصوت أجش.. وخرجت السفة إلى المصطبة.. حصلها هارون بالمكنسة.. وضحكت إحدى الزبائن..
*يا عباس الواطة صباح.. مالك مع الأستاذ..؟!
*إنتي مالك؟ الأستاذ صاحبي خليك في حالك.. وأمشي شوفي راجلك (المكعوج) ده رفدوه مالو؟
*ضحكت الزبونة رغم أنها تعرف أن (راجلها) صديقه أيضاً.. ودائماً ما يتناكفان أمام الدكان بصوت عال.. ولكنه عباس دلاقين.. هذا الساخر أبداً حتى من نفسه..؟!!
(٢)
*التقينا في المساء.. كان قليلاً منشرح الأساسير ذو ابتسامة بشعة بعد تناول البوش قال: يا أستاذ أهل السياسة ديل بيلقوا القروش دي وين؟ دي ما قروشنا.. واحد عامل عشاء لعدد (١٥٠) من الجماعة كلف كم؟ وهو شغال رئيس حزب.. البيصرف عليهم منو؟ دي ما قروشنا.. مزارع وعربات وشركات وفي الآخر كلام.. وبس؟!؟
*الكهنوت ديل شغالين شنو؟ وأولاد القصر المهام العندهم شنو من أجلنا.. وناس شارع المطار.. يا عمك قروشنا رايحة شمار في مرقة.. ويكفي الغلاء والبلد وسخانة.. عبارة عن كوم زبالة.. خاصة الخرطوم وحاكمها بتاع (اللكزس)..؟؟!
*بهدوء.. لحست أصابعي من بقايا البوش.. واتجهت إلى المنزل في صمت..!!
*بعيداً عن الهواء..؟!
*يا عباس.. روق المنقة شوية..!؟
مفارقات – صلاح أحمد عبد الله
صحيفة الجريدة