الطيب مصطفى

ماذا بعد محنة العقوبات؟

جهات كثيرة داخلية وخارجية تكاد تموت غيظاً جراء رفع العقوبات الأمريكية التي لطالما أغلقت أبواب العالم في وجه السودان وأنهكت اقتصاده وأثرت على معيشة شعبه وقد شمر جميع أولئك الغاضبين عن سواعدهم استعداداً للمعركة القادمة التي سيخوضونها بالطول والعرض حتى لا يخسروها كما خسروا معركتهم الأولى.

مهما تحدثنا عن منجزي ذلك الحلم فلن نوفيهم حقهم ولن نبخس أصدقاء الخارج من السعوديين والإماراتيين ما قدموه للسودان، وبالتالي لن نبخل عليهم بالإشادة على ما قدموا من (شفاعة) يستحقون عليها الشكر والثناء، أما أهل (الفعل) أو قل أهل (الجلد والرأس) في الإنجاز فقد كانوا بالداخل فقد عكف هؤلاء على الملفات الخمسة التي اشترطتها أمريكا وما كان لأي (شفاعة) أن تنجح بدون (فعل) في الداخل يعالج تلك الملفات التي أنجزها كثر أهمهم وزارة الخارجية وجهاز الأمن ووزارة الدفاع والذين أحدثوا (التشبيك) أو الـ Engagement بالارتباط مع الأجهزة الأمريكية سواء في وزارة الخارجية أو مع القوة العسكرية الأمريكية في أفريقيا (أفريكوم) والتي أتاحت مشاركة السودان في الاجتماعات بل والمناورات العسكرية المشتركة القادمة بل بلغ التنسيق درجة تعيين ملحقين عسكريين لكل دولة في الأخرى ولا ينبغي لعاقل أن يتصور أن تعيين ملحق عسكري أمر مؤقت ينتهي بنهاية مهلة الثلاثة أشهر المحددة لرفع أو استمرار العقوبات وكذلك التعاون في مكافحة الإرهاب ومعلوم ما تم من زيارات متبادلة بين الأجهزة على أعلى المستويات.

ذلك وغيره من (تشبيك) هو الذي أحدث الفرق الهائل، وإذا كان بروف غندور قد نال من الإشادة ما يستحق فإنه يلزم في هذا المقام ذكر دور سفارتنا في واشنطون بقيادة السفير المتفاني معاوية عثمان خالد والذي بلغني من عدة مصادر أنه ما استبقى شيئاً من (السهر) النبيل في سبيل تحقيق حلمه الكبير

أقولها ضربة لازب إن أمريكا لن (تحب) السودان أو تبرم معه تحالفاً استراتيجياً لأسباب معلومة، ذلك أن السودان ليس إسرائيل بل إن أمريكا لن تتحالف حتى مع مصر رغم أنها، تحت حكم السيسي، (كنز إسرائيل الأكبر) ذلك أن السودان، وكذلك ومصر، يظلان عدوين محتملين (potential enemy) كما يقول المتطرفون من منظّري السياسة الخارجية الأمريكية أمثال دانيال بايببس، ولكنها (علاقة الضرورة) التي أملتها نظرية زواج المتعة أو التكتيك المؤقت لخدمة أجندة مرحلية محددة.

تلك الضرورة اقتضتها الأوضاع الجيوسياسية الحالية التي فرضتها الرياح الهابة في أشرعة السودان ومن تلقاء ما يحدث في محيطه الإقليمي.

أمريكا، جراء صمود نظام الإنقاذ في وجه الأعاصير وفشل سياسة إسقاط النظام وحدوث المتغيرات الإيجابية التي صبّت في مصلحة السودان وتبدل أوضاع المنطقة خاصة في جنوب السودان أبدلت هدف إسقاط نظام الإنقاذ إلى سياسة الاحتواء، وما تم الآن هو جزء من السياسة الأمريكية الجديدة.

الآن وقد انتهت المعركة الأولى، وبدأت معركة إزالة اسم السودان من قائمة الإرهاب على الحكومة أن تعلم أنه لا مبرر لأمريكا للفصل بين الملفين بالنظر إلى أن دور السودان في مكافحة الإرهاب كان من الإسهامات التي روعيت في طي صفحة العقوبات وبالرغم من ذلك فإنه إذا كان قرار رفع العقوبات في يد الرئيس الأمريكي فإن ملف الإرهاب في يد الكونجرس وما أدراك ما الكونجرس المليء بالصقور بل والشياطين!

أولاً على الحكومة أن تعلم أن أمريكا ما لجأت إلى سياسة الاحتواء إلا لحاجتها إلى السودان الذي يعتبر، ولو بصورة نسبية، جزيرة آمنة في محيط مضطرب تحفّه المعارك من غربه – ليبيا ومناطق نشاط بوكو حرام الأفريقية ودولة جنوب السودان وشرقاً اليمن والصومال والبحر الأحمر ذي الأهمية الاستراتيجية لأمريكا بل وللعالم وتخشى أمريكا أن ينفرط عقد الأمن في السودان الرابط بين شرق وغرب أفريقيا والمطل على البحر الأحمر، ولذلك تعوّل كثيراً على دور يلعبه لمصلحتها سيما وقد ثبت أنه يحظى بقبول أفريقي كبير عبّر عنه اجتماعات أجهزة الأمن الأفريقية (السيسا) ثم لقاءات أجهزة أمن دول القرن الأفريقي قبل أيام في الخرطوم بمشاركة مناديب من وكالة الاستخبارات الأمريكية.

أقول هذا لكي يعلم أصحاب القرار أن السودان في وضع يجعله يفاوض من مركز قوة فما بيده من أوراق أكبر من أن يهدرها مع دولة لا تحترم إلا الأقوياء وتعمل بسياسة كيسنجر القديمة حين قال للرئيس السادات: (إن أمريكا لا تدفع ثمن ما يُهدى إليها).

كذلك فإن أمريكا تعلم أن السودان ينعم بموارد زراعية ومعدنية وبترولية معتبرة ويكفيها ما ضاع منها أيام سنوات المقاطعة سيما وأن المتغير الأكبر الذي يقض من مضجعها ويوشك أن يُنهي سيطرتها الأحادية على العالم، وأعني تحدي نشوء تحالف دول البريكس (البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب أفريقيا) بقيادة الصين يلح عليها أن تطأطئ من رأسها قليلاً في التعامل مع السودان ومع غيره.

هناك ملف رائع أتحفنا به المبدع محمد عبد العزيز من خلال صحيفة (السوداني)، ونظراً لضيق المساحة أرجو أن أتعرض لبعض المعلومات التي وردت فيه في وقت لاحق إن شاء الله.

الطيب مصطفى
صحيفة الصيحة

تعليق واحد

  1. انا كمواطن سوداني رحبت وتفاءلت خيرا برفع العقوبات المفروضة علي الشعب السوداني الباءس الفقير -شكرا الريس ترام وشكرا الريس عمر البشير علي التعاون الصادق -واوجه الرسالة الاتيه للريس عمر البشير :- اقول له تمم جميلك كملوا اولا قم برفت كل الحرامية والارزقجية والمطبلاتية من حزبكم حزب المونمر الوطني ويجب ان يعلم الجميع ان السودان لنا جميعا وليس حكر حلي حزبك الموتمر الوطني والزي ازاقنا الامرين نحن السودانيون الجوع والفقر والاطهاد والاقصاء – اما عن موضوع جمع السلاح فاعلم يا ريس باننا كدارفوريين خلفك وامامك وسر بعون الله