تحقيقات وتقارير

الصراع وصل ذروته أيلا و(التشريعي).. الجزيرة (الخضراء) تشتعل


كان واضحاً للعيان أن الصراع الدائر في ولاية الجزيرة منذ أكثر من عامين سيقود في خاتمة المطاف لنهايات تفضي الى نتائج حاسمات وذلك من واقع ما يجري، وسيجري لاحقاً.

ووصل الصراع بين والي الولاية محمد طاهر أيلا ومناصريه، وبعضاً من نواب التشريعي، لمعركة كسر العظم، حيث بان أن الجزيرة (الخضراء) اشتعلت، وما عادت تحتمل كلا الفريقين.

ولو حدث ذلك الصراع قبيل التعديلات الدستورية الاخيرة، لكن الحل بائناً، فإمَّا ان يصوِّت التشريعي بثلثي أعضائه على ذهاب الوالي فيحدث ذلك، أو يسقط المقترح فيذهب المجلس. بيد أن الأمر الدستوري القاضي بتعيين الولاة من قبل رئيس الجمهورية خلق واقعاً جديداً وتساؤلات حول ما إذا كان للمجلس المنتخب حق الاطاحة بالوالي المعيَّن خاصة في حين يمتلك حالياً التوصية، وكذلك تساؤل مهم ما اذا كان المؤتمر الوطني الذي ينتمي له الوالي وغالبية النواب قادر على الاطاحة بالمجلس حسب ما اوصى قيادي الحزب في الولاية اخيراً.

قرارات خطيرة

صراعات والي الولاية ومناصريه، مع بعض من نواب تشريعي الجزيرة انتهت إلى قرارات أخطرها توصية قيادي المؤتمر الوطني بالولاية، بحل تشريعي الولاية واقامة انتخابات لاختيار مجلس جديد في غضون شهرين، وذلك بعدما اعمل محمد طاهر أيلا مقصه وفصل (20) نائباً أسقطوا قائمته الخاصة بتسمية رؤوساء جدد للجان المجلس.

أما المجلس فكان له صولاته ضد الوالي، إذ اسقط خطاب الوالي في الدورة السابقة، بجانب اسقاط مشروع قانون التنمية، إضافة للمذكرة التي أعدتها قيادات المجلس التشريعي في مفتتح الدورة احتوت على ما أسمته مخالفات الوالي ببناء هياكل موازية مثل إنشائه صندوق التنمية، والمركز الهندسي، ومشروع هيئة الأيتام.

وأدى كل ذلك التضاد إلى خلق جفوة كبيرة بين الوالي والمجلس وكانت أول ردة فعل بعد عودة الوالي اجازته السنوية الفائتة في القاهرة قبل أكثر من عام، مهاجمة خصومه في المجلس واصفا إياهم بـ(خفافيش الظلام) وهذا خلق تحركات داخل المجلس من نواب يدينون بولائهم لحكومة الولاية السابقة بالولاء والطاعة.

انقلاب

باصدار المكتب القيادي لحزب المؤتمر الوطني قراراته الأربعاء الماضي والتي قضت بارسال توصية للمكتب القيادي بالمركز بفصل (19) من قياداته داخل المجلس التشريعي من بينهم قيادات مارست العمل السياسي طوال عقود مث : مساعد عبد الخالق، والذي ظل محتفظاً بمقعده طوال الدورات السابقة، ومحمد أحمد العيص البرلماني المخضرم، إضافة لقانونيين من بينهم الزهاوي بشير أبوعاقلة، والذي تمت الإطاحه به بداية الخلافات من موقعه كمستشار لمشروع زايد الخير بمحلية شرق النيل. وحسن محمد أحمد إدريس (الكوز) وهو من الكوادر القانونية المعروفة بإنتمائها للتنظيم.

إلا أن ما يحسب على هذا المجلس هو عدم التزامه بتوجيهات الحزب، خصوصاً بعد الخطاب الذي وجهه نائب رئيس الحزب تاي الله أحمد فضل الله، لرئيس المجلس التشريعي جلال من الله بخصوص ايقاف العمل في تكوين اللجان، وعدم عقد الجلسة الطارئة التي تحدى فيها المجلس توجيهات الحزب، وعقد جلسته الطارئة. وأكد مسؤول التنظيم بحزب المؤتمر الوطني بولاية الجزيرة، نيازي أحمد ابراهيم، صوابية قرار المكتب القيادي في فصل الـ(19) عضواً بعد تطوال أمد العصيان لافتاً الى أن هذه المجموعة أرادت من خلال ما تقوم به داخل وخارج المجلس في أجهزة الإعلام إضعاف الحزب، ولذلك جاءت القرارات مستوعبة المرحلة القادمة والاستعدادات للانتخابات 2020 لا سيما وأن انتخابات 2015 شابتها معوقات ادت الى تمديد عملية الاقتراع بسبب ضعف اقبال الناخبين.

مبيناً أن المكتب القيادي اعتمد في قراراته على النظام الأساس للحزب والذي خول للحزب اتخاذ ما يراه من قرارات بحق عضويته ورفع توصية للسيد رئيس الجمهورية وذلك استنادا على المادة (5)، ولفت الى أن هذه القرارات تأخرت لأن هناك محاولات لاثناء هذه القيادات بالرجوع عن الخط الذي يسيرون عليه، وأنهم بالنسبة للحزب مثل الأبناء، إلا أنهم تمادوا في مخالفة توجيهات وقرارات الحزب، وكان آخرها ما صدر الإسبوع الماضي من قرارات بتكوين لجان المجلس حيث رفض هؤلاء الأعضاء التوجيهات، لذلك كان لابد من قرارات تحفظ للحزب حقه وقوته، وأن لا كبير على الحزب. لافتا الى أن (10) من المفصولين كانوا ضمن القوائم النسبية للحزب، و(9) منهم جاؤوا عبر الدوائر الجغرافية.

قرارات معيبة

وصف عضو المجلس التشريعي عن الدائرة (3) الكاملين الغربية عبد الجليل عوض البدوي، قرارات المكتب القيادي التي أصدرها بحق (19) من زملائه بالمجلس التشريعي وتوصيته بحل المجلس التشريعي بالمعيبة. وقال: في حديثه لـ(الصيحة) إن المؤتمر الوطني حزب منظم ولديه ما يحكمه من نظم وقوانين ولوائح، لكن الوالي ظل طوال الفترة الماضية يمارس عمله بتسلط وانتقائية مطلقة ومزاجية عالية. كل ذلك دون تقيد بالقوانين (والكلام للبدوي) الذي اعتبر ما تم بأنه خرق واضح للوائح والقوانين.

مشيراً الى أن عملية الفصل لا يمكن أن تتم دون عقد مجلس محاسبة، والعضو المتفلت لا يتم فصله مباشرة، ولا بد من محاسبة، وأن مسألة الفصل فيها خرق واضح وتجاوز للوائح.

وأشار أن أعضاء المكتب القيادي (كومبارس) لا رأي لهم بخلاف تمرير قرارات الوالي، ولفت الى أن القرارات معيبة قانونياً ومن المفترض أن تمر عبر مجلس الشورى، ثم المجلس القيادي، وأخيرا المكتب القيادي، وأن هذه القرارات لم تمر عبر هذه المراحل .

وأبان عبد الجليل أن هذه القرارات جاءت في هذا التوقيت، لأن المجلس من خلال تقرير المراجع العام، وضع يده على الفساد. والمراجع يمثل شهادة خبير في اثبات ونفي التهم التي تطال حكومة الولاية. وأيلا حاول أن يطيح بالمجلس لشغل الناس عن ما يقدم عليه المجلس من محاسبة كانت ستطال حكومة الولاية نفسها من خلال ما ورد في تقرير المراجع العام.

خيارات الحل

اعتبر عدد من القيادات السياسية بالولاية أن وصول المكتب القيادي لهذه القرارات كان نتيجة حتمية لسوء الحال بين الوالي والتشريعي.

ويرى فريق أن الوالي من موقعه التنفيذي وموقعه الحزبي كرئيس لحزب المؤتمر الوطني له الأحقية في كل ما يجترحه من أعمال، وذلك بما خوله له دستور الولاية ولوائح الحزب في حسن إدارة الولاية، ومشروعات التنمية والطرق بعاصمة الولاية والمحليات.

مشيرين الى أنه بعد صدور هذه التوصيات من أعلى منصة حزبية في الولاية وبالإجماع، يبقى أمام المركز عديد من الخيارات، أولها تأكيد توصية فصل الأعضاء وتعيين (10) بالاختيار النسبي، واجراء انتخابات للدوائر الـ(9) المتبقية.

ثاني الخيارات بحل المجلس بكامله، واجراء انتخابات عامة في الولاية في غضون الفترة القادمة، وثالث هذه الخيارات ومرجَّح بشكل كبير هو حل المجلس والإتيان بمجلس معين، بالتشاور مع الأحزاب المشاركة بحسب النسب المحددة، حيث يضم هذا المجلس عدداً مقدراً من الأعضاء الذين تم تعيينهم في الفترة الأخيرة انفاذاً لمخرجات الحوار الوطني.

كما أن البعض يرى أن هذه القرارات ستعجل برحيل الوالي إذا مالم يكن هناك اتفاق مسبق بينه وبين القيادة السياسية التي عينته، وربما تكون هي ذات المعالجة التي تمت في ولاية البحر الأحمر لاعادة التوازن بين حكومات الولايتين والمجلسين التشريعيين، خصوصا وأن قضاياهم أضحت متشابهة، حيث أن كلا الواليين يعاني مع معضلات مع التشريعي.

مدني: يس الباقر
صحيفة الصيحة