مدرسة بكرى حسن صالح !!

* تدل كل المؤشرات على أن الحكومة مقبلة على إصدار قرار خطير جدا خلال الأيام القليلة القادمة، ويتوقع البعض أن يكون ( تعويم الجنيه السودانى)، بإتفاق أو اوامر من (صندوق النقد الدولى) إذا أراد السودان إنهاء القطيعة بينه وبين صندوق النقد ورفع التجميد عنه فيما يتعلق بالحصول على القروض والمساعدات الفنية التى ظلت متوقفة فترة من الزمن بسبب عجز السودان عن تسديد القروض لتى تجاوزت فوائدها (40 مليار دولار أمريكى)، بينما يبلغ أصل الدين حوالى (15 مليار) دولار .. !!

* تخيلوا … تبلغ فوائد القروض حوالى 3 أضعاف القروض نفسها، وذلك بسبب عدم تسديد الحكومة للقروض، ولقد كان بإمكانها أن تفعل ذلك بل أكثر ، عندما تحسنت الاحوال الاقتصادية بعد إستخراج وتصدير البترول الذى بلغت إيراداته خلال السنوات العشر الأولى فقط (1998 – 2008 ) أكثر من 100 مليار دولار أمريكى، تم تبديدها على ملذات ومفاسد الحكام بدلا عن الانتفاع منها !!

* بل إن الحكومة قد استغلت تحسن الوضع الاقتصادى لتستدين المزيد من القروض من عدد من الدول مثل الصين، التى وصلت ديونها على السودان حتى اليوم الى ما يزيد عن ( 11 مليار دولار)، إلتمست الحكومة السودانية إعادة جدولتها، ولكن قوبل الإلتماس بالرفض من الحكومة الصينية التى طلبت تعويضها (ارضا) بدلا عنها، وضغطت من اجل توقيع اتفاق مع حكومة السودان تستأجر بموجبه (نصف مليون فدان) فى مشروع الجزيرة، و(مائتى ألف فدان)، فى الشمالية لمدة 99 عاما، تتصرف فيها كما يحلو لها، وما هى إلا مسألة وقت قصير جدا حتى تجد الحكومة السودانية الفرصة المناسبة لتنفيذ الاتفاقية، أو بالأحرى تنفيذ ( المؤامرة) لبيع الأرض السودانية، إذا لا يعرف أحد ماذا سيحدث خلال ال 99 عاما التى تكون فيها الجزيرة والشمالية تحت السيطرة الصينية، ولقد عرف عن الصينين إنهم إذا ولجوا مكانا، لا يخرجوا منه أبدا!!

* تتقافز تلك المؤشرات من التصريحات الكثيرة التى ظل المسؤولون السودانيون على كافة مستوياتهم، يبذلونها خلال الأسابيع والأيام الماضية عن العقبات والمصاعب الكبيرة التى يواجهها الاقتصاد السودانى، وضرورة (رفع الدعم) بشكل كامل عن كل السلع وعلى رأسها القمح (لا يوجد دعم ولا يحزنون)، بل ذهب رئيس الوزراء الى أكثر من ذلك وتحدث فى الايام الماضية عن ضرورة انتهاج سياسة جديدة ــ أو كما وصفها ــ مدرسة جديدة لتحسين الاقتصاد، “فالمدارس القديمة رغم اجتهادها إلا أن الحكاية واقفة” ــ حسب قوله، وما هذه السياسة أو المدرسة الجديدة إلا (تعويم الجنيه)، بكل الأضرار التى ستترتب عن دخول السودان إليها، وعلى رأسها الضغوط الاقتصادية الكبيرة التى ستقع على المواطن والارتفاع الفاحش للاسعار، نتيجة انهيار سعر الجنيه السودانى الى أرقام قياسية مقابل العملات الاجنبية فور اعلان تعويمه، ومن المتوقع أن يصل سعر الدولار الى (30 جنيه سودانى) قبل نهاية هذا العام (كفاتحة خير فقط)!!

* وما يدعم صحة التكهن بلجوء الحكومة الى (مدرسة تعويم الجنيه ) ــ التأخير الشديد فى تقديم ميزانية العام المالى القادم (2018 ) .. حيث جرت العادة تقديمها الى المجلس التشريعى فى شهر أكتوبر من كل عام، ويتم إجازتها فى مرحلة القراءتين الأولى والثانية فى نوفمبر، قبل أن تجاز فى مرحلة القراءة الثالثة والأخيرة فى شهر ديسمبر، ثم يتم التوقيع عليها واعلانها بشكل رسمى قبل منتصف الشهر، ولكنها لم تقدم حتى الآن مما يدل على أن الحكومة مترددة، أو تريد التمهيد بشكل واسع لاتخاذ القرار الخطير من خلال التصريحات والشائعات قبل أن إتخاذه واعلانه، وهو سلوك تعودت عليه!!

* لقد سمعنا رئيس الوزراء يتحدث فى الايام الماضية عن أن رفع العقوبات قد زاد العوائق الاقتصادية، بسبب الديون واستمرار وجود اسم السودان على قائمة الدول الراعية للإرهاب وهى شماعة جديدة لتبرير الفشل الحكومى، فلم يبق إذن إلا إرغام الشعب المسكين على دخول المدرسة الجديدة التى ستقضى على البقية الباقية من آماله فى الحياة الكريمة !!

مناظير – زهير السراج
صحيفة الجريدة

Exit mobile version