تحقيقات وتقارير

بعد تأجيل لخمس مرات .. سلفاكير.. زيارة المعراج إلى واشنطن من الخرطوم

يصل رئيس حكومة دولة جنوب السودان، سلفاكير ميارديت، إلى الخرطوم اليوم (الأربعاء) تلبية لدعوة من نظيره عمر البشير، وذلك بعد عدة تأجيلات سابقة للزيارة.

آخر هذه التأجيلات كانت يوم الجمعة الماضية، ومن قبلها حضر التأجيل في أربع مناسبات، بحجة انشغال سلفاكير بأوضاع الجنوب غير المستقرة.

وقبيل وصول سلفاكير، أجرى قادة بارزون في بلاده مباحثات من رصفائهم السودانيين، واتفق وزراء الدفاع بالبلدين (عوض ابن عوف، – كوال ميانق) على فتح أربعة معابر حدودية بين البلدين، مع تهدئة الأوضاع، وطي الخلافات السابقة.

بينما جرت توافقات اقتصادية وإعلامية، وتعهدات من كلا الجانبين بإنفاذ الاتفاقات السابقة.

صعوبات

تأتي زيارة الرئيس صاحب القبعة إلى الخرطوم في توقيت عصيب لبلاده، وله شخصياً، فلأول مرة نادت منابر إعلامية مؤثرة في الولايات المتحدة الامريكية بإبعاده وإبعاد كل القادة الجنوبيين الذين تسببوا في أزمات الدولة الوليدة، مع دعم قيادات جديدة تقود الجنوب إلى بر الأمان.

وفي الوقت الذي تمر علاقات الخرطوم وواشنطن بمرحلة جيدة قريبة من التطبيع بعد قرار رفع العقوبات الاقتصادية المفروضة على السودان، تأتي الحملات المناهضة لكير من قلب الولايات المتحدة التي خصصت مبعوثاً خاصاً لجنوب السودان.

وتتعالى أصوات في الإدارة الأميريكية بأهمية فرض حالة سلام على كير وقياداته، على أن تشمل التسوية السلمية المعارض الجنوبى الأشهر د. رياك مشار.

وفي ظل السياسات الصارمة التي يتبناها الرئيس دونالد ترامب فيتوقع أن يفرض عقوبات على حكومة الجنوب في حال تقاعسها عن التزامات السلام، مع التوسع في وضع قيادة الحكومة هناك في القوائم السوداء.

عوائق

هناك متغير كبير في معادلات الخرطوم وجوبا، ويتمثل في انقلاب الدور الأمريكي لصالح السودان الذي تقول الإدارة الأمريكية أنه أوفى باشتراطاتها كلها، بما في ذلك العمل على إرساء السلام في دولة جنوب السودان.

ومع رغبة الولايات المتحدة الصادقة في استقرار المنطقة، وتحقيق المصالح الأمريكية، بما في ذلك الأمن القومي، من المتوقع بشكل كبير أن تشهد مفاوضات الخرطوم وجوبا الحالية اختراق كبير في ملفات القضايا العالقة التي ظلت على الدوام حجر عثرة ومحل جدال إن لم يكن مواجهات.

بالنفط

ينتظر أن يكون ملف انسياب نفط دولة جنوب السودان عبر الموانئ السودانية على رأس أجندات (البشير – سلفاكير).

فكلا البلدين في حاجة ماسة لإيرادات النفط لإنعاش اقتصادهما الذي يعاني من مشكلات كبيرة، على رأسها الحروب، كما أن رغبة الولايات المتحدة في وضع قدمها على منابع النفط السوداني وإبعاد التنين الصيني عن مكتشفاتها التي ابتدرتها شركة شيفرون في العام 1975م.

وجود واشنطن في المشهد النفطي السوداني، يمليه كذلك رغبة أمريكية في ضمان استخدام جوبا لإيرادات النفط في عمليات إنسانية وتنموية وليس إدخالها في عمليات تجييش وعسكرة ضد خصومها.

واستضافت جوبا أخيراً مؤتمراً للنفط والغاز، شهد مشاركة فاعلة من السودان.

الفارون من الحرب

من ضمن القضايا التي يتوقع حضورها في قمة الرئيسين، هي قضية جعل الحدود مناطق لتبادل المنافع، حيث تعتبر الجنوب مستورداً مهماً للسلع السودانية، وتم فتح أربعة معابر من ضمن عشرة بالفعل، طبقاً لمخرجات لقاء وزيري الدفاع بالبلدين.

ولكن النقطة التي ستولد جدلاً كبيراً، تتصل بالوجود الجنوب سوداني في الولايات السودانية، حيث ينبغي مع الشركاء إيجاد توصيف دقيق، مع مساعدات للحكومة السودانية للاضطلاع بأدوارها حيال الفارين من أتون الحرب في الجنوب.

كشمير السودانية

ضمن بند ترسيم الحدود والحد الصفري، تحضر أزمة منطقة أبيي، والتي يعتبرها كثيرون (كشمير السودانية).

ولكن يستبعد بشكل كبير إثارة ملف المنطقة حالياً، لأنه خلافي بشكل كبير، والتركيز عوضاً عنه على المشتركات، وإبقاء الأوضاع على ما هي عليه بجعل أبيي منطقة تكامل، لحين تحسن العلائق بشكل تام، ومن ثم مناقشة الملف في أجواء ودية مخافة اندلاع توترات.

حصائد مهمة

يقول رئيس الهيئة القومية لدعم السلام، استيفن لوال لـ (الصيحة) إنه يمكن لدولة الجنوب أن تفتح صفحة جديدة مع السودان إذا التزمت بطرد الحركات المسلحة من أراضيها وفتحت باباً للتعاون المشترك فيما يتعلق في إمكانية إرسال مهندسين لتطبيب الأعطال التي تسببت في تعطيل ضخ النفط وزيادة الضخ الذي انخفض إلى أقل من 130 ألف برميل في اليوم مقارنة بضخ 400 برميل يوميا سابقاً.

ويقول استيفن إن السودان له أيادٍ سابقة في السعي لترسيخ السلام بدولة الجنوب وفقا لزيارات ماكوكية نفذتها الحكومة السودانية سابقا لدولة الجنوب سبقت زيارة سلفاكير حيث وفرت مواد غذائية وأدوية لشعب الجنوب كما أن السودان لعب دورا محوريا في ترسيخ السلام إبان زيارة رئيس الجمهورية المشير حسن البشير لدولة الجنوب في العام 2013 دعا خلالها لوقف الحرب والوصول إلى سلام.

واعتبر أن السودان لعب دوراً يؤكد نواياه الحسنة ممثلة في فتح الحدود واستقبال اللاجئين الجنوبيين الذين قدرهم بحوالي مليون لاجئ جنوبي كما قال إن معاملة الجنوبيين كمواطنيين في وقت سابق تعتبر بادرة على حسن نوايا الخرطوم.

وأكد استيفن أن الزيارة ذات علاقة وثيق برفع العوقبات الاقتصادية عن السودان والمسارات الخمسة وتوقع أن يحدث انفراج بعد الزيارة المرتقبة وأن تلتزم جوبا بعدم إيواء الحركات المسلحة والوصول إلى توافق جديد يدعم السلام كما توقع أن يتم اتفاق ومناقشة تكوين قوات مشتركة لتأمين الحدود مع منع عمليات الاتجار بالبشر.

أوهام أجنبية

من جهته قال أمين الإعلام والناطق باسم منبر السلام العادل، العميد (م) ساتي سوركتي لـ(الصيحة) إن زيارات القيادة الجنوبية للخرطوم دليل على أهمية دور الخرطوم في الشأن الجنوبي ودليل على اقرار الطرف الجنوبي بهذه الحقيقة واستطرد أن أصل مشكلة الجنوب كان مدارها عدم اعتراف الطرف الجنوبي بحقائق وموضوعية العلاقة مع السودان الشمالي.

ويزيد سوركتي أن حقائق التاريخ والجغرافيا ظهرت بعد أن اختلى الجنوب بنفسه فاصطرع قادته ومكوناته، متميناً أن تكون جوبا قد استوعبت درس السنوات الخمسة الماضية التي سالت فيها دماء الجنوبيين وتمزقت أوصالهم وأول درس في هذا الشأن هو أن العلاقة الحسنة مع الشمال وفوائدها للداخل الجنوبى.

وطالب سوركتي من حكومة دولة جنوب السودان أن تنفك عن الأوهام الأجنبية وتعمل كما تعمل الحكومات الراشدة بتأمين مصالح وطنها وشعبها بعيداً عن لعب الأدوار المشبوهة لصالح القوة الأجنبية الأخرى.

ونوه العميد إلى حضور موضوعات تشغل الطرفين، بما فيها الدور السوداني في استقرار دولة الجنوب، بجانب شواغل العلاقة التي ترتبط الشعبين والدولتين المتمثلة في التجارة الحدودية والتعاون في شأن البترول والتعاون في ضبط وتسهيل حركة الرعاة.

معرباً عن أمنياته أن تشمل المناقشات بين الطرفين قضية التي تشكل تحدياً كبيراً للعلاقة بين الشمال والجنوب ينبغي إزالته كما تمنى أن تسير المناقشات بين الطرفيين بالدرجة المطلوبة من الصراحة والشفافية والموضوعية والصدق حتى يصل كلاهما إلى علاقة سوية قائمة على الاحترام والمصلحة المشتركة.

الخرطوم : ابتسام حسن
صحيفة الصيحة