يكابدون (العنف، الفقر، اليتم)..
ماسحو (الزجاج) في الأستوبات .. تعفف أم تسول ..!؟!
* وجودي في الشارع يوفر لي لقمة العيش.. لكن مابنوم في الشارع ..!!
* شغل مافي.. وأعاني من أزمة السكن والكثير الذي دعاني لذلك ..!!
* الناس بتنظر لينا بحقارة وكراهية لانهم ماعارفين عننا أي شيء ..!!
* سائق: السؤال موجه للدولة ما هو دور العلماء الذين يفتون في كل الأمور ولا يتطرقون الى مثل هذه الظواهر الأليمة ..!!
على طول الطرقات تجدهم يتوزعون افراداً وجماعات، يلعبون مع الموت من اجل حفنة من الجنيهات ، حياتهم يتصدرها الحرمان، تفاصيل أسباب تواجدهم تتوزع بين طلاق الوالدين ، عنف الأسرة ، الفقر ، واليتم، كل منهم يحمل حكاية أكثر ألماً من الآخر، عشرات الأسباب دفعت بهم ليستجيروا برمضاء الطرق من نيران واقعهم، باحثين عن الأمان ، تنصل الأسر والمجتمع دفع بهم لقاع المجتمع ، بعيداً عن دُور الرعاية التي تلفظهم عنوة دون ذنب إقترفوه ، بإجماع من خلال حكاياتهم الجهات المسؤولة عن رعايتهم تصب الزيت على نار واقعهم المرير، بتعقيد الكثير من الإجراءات من أجل أن ينعم أحدهم ولو بقدر بسيط من حقوقه تجاه وضعه الإنساني.. الكثير والمرير لمسناه من خلال قصصهم بوسط المدينة.. بعد معاناة تحدث بعضهم والآخر استسلم لليأس وأعلن أنه لا يأبه:
مشاكل إسرية
خلال جولة ل (الجريدة) شملت عدة شوارع رئيسة بالعاصمة، إلتقيت بالكثير منهم من مختلف الاعمار والفئآت ، بعد صعوبة يتحدث احدهم والاخر يرفض الحديث ، معظمهم يخشى الوقوف خوفاً من ان ينقطع رزقه أو يُزج به في إصلاحية ، لإمتعاض الكثير منهم من واقع الاصلاحيات، بشارع الجمهورية ألتقيناه صبي صغير يحمل في يده قطعة “إسفنج”، ما أن تتوقف حركة السير حتى يقتحم السيارات ويبدأ في مسح زجاجها ممنياً نفسه ببعض جنيهات يجود بها السائق ، حاولت جاهداً الحديث معه وبعد عدة محاولات قال: يااصلى انت فهمك شنو؟ ، اجبته انت منو وما بتقرأ مالك ، ليستجيب بقوله : أنا أتوسط أسرة تتكون من 11 فرد ، أبي متزوج من اثنتين ولكنه لايأبه بأحد من أبنائه ، تفتحت عيناي لأجد أخوتي في رحلة ما بين الشارع والعمل، وأمي لا تقوى على فعل شيء ، نظراً لعصبيتها الدائمة تجاهنا، لم أجد أحداً يهتم لأمري، حتى أن الوجبة اليومية لا أجدها ولا تتوفر لدينا، وعلى الكل أن يبحث عن طريقة يتدبر بها أمره، ليقول: ذهبت لى السوق كي أعمل، فشيئاً شيئاً تخليت عن الأسرة ولم أعد في حاجة إليها، وأصبح بإمكاني تدبر أمري بنفسي، أجمع بعض المال لأعود للمنزل لأنام فقط.. يعني “أنا بأكل عيش لكن مابنوم في الشارع في بيت الحجة يامعلم” ثم ذهب في حال سبيله واضعاً الاسفنجة على فمه مستنشقاً نفساً عميقاً.
ظروف اقتصادية
بشارع المطار الكل يرفض الحديث ، ومجدداً بعد عناء إستجاب أحدهم، والذي تبدو عليه إعاقة في ساقه الايسر تبدو مختلفة قال: بسبب إعاقتي لم اجد طريقاً للعمل ، وانا اريد ان اعيش وأساعد اسرتي التي تنتظر منا جميعاً المال لتسيير الحياة ، لذلك لم يكن امامي حل سوى هذه الطريقة لكسب المال ، ليستطرد على الرغم من انها شاقة مع إعاقتي لكن لاسبيل سوى ذلك، خلال اليوم أجمع حوالي “50 – 70جنيه” تساعد اسرتي كمصروفات.. يمضي برفقة صديقه الذي إنشرح للحديث وبدأ يقول لي : انا لى نحو عامين اتنقل من شارع المطار وعبيد ختم، مضيفاً بمرح: “لانه الناس المرطبة هنا كتار” ، ليسترجع : الظروف هي التي دفعتني للشحدة مافي طريقة ، وزاد : فرصة شغل مافي ، واعاني من أزمة سكن ، وغيرها الكثير الذي دعاني إلى احتراف التسول لأنها مدرة للدخل.
عدوانية
من بين حديثهم تنتشر ظاهرة العنف والعدوانية، نتيجة لترسخ مبدأ البقاء للأقوى ، فخلال شارة الأستوب الحمراء يلتئم جمعهم أمام أكثر العربات فخامة، ويبدأ الاستجداء والاستعطاف بشكلٍ ملح في سبيل الحصول على بعض النقود ، أحدهم أحس بالحسرة بعد أن لمحني أراقبه، بكل كبرياء قال لي : نحن اولاد ناس وعندنا أهل بس الظروف ، بعدها صمت ثم واصل : الناس بتنظر لينا بحقارة وكراهية لانهم ماعارفين عننا اي شيء.. باغته بسؤال عن هل يلجأون للجريمة للحصول على المال ، فرد بقوله : احياناً كنوع من الترهيب لعامة الناس في سبيل إظهار القوة وعدم الخوف ، ليفصل : هنالك بعض منا يتعاطى “السلس” أما الأكبر منا يتعاطون “العرقي” أو “البنقو” ، واكد : وهناك (غيرة) من الذي يكسب اكثر ، الأكبر سناً يفتعلوا مشاكل للحصول على أموال الأصغر منهم، واضاف : في ناس كضابين ولديهم قدرة على الاقناع لكسب ود وتعاطف الآخرين بغية الوصول إلى حاجته منهم.
معالجات
تقدمنا بسؤالنا لعدد منهم عن مدي تكيفهم مع هذا الواقع ، إستنكروا بقائهم في القاع واللجوء للآخرين من أجل المال ، لكن تبقى مشكلتهم الحقيقة في وجود البيئة التي يتطلعون لها. (ع) قال: الكثير من المنظمات والخيرين يأتون كي يعينوننا بالإصلاح والمساعدة ، لكن يكتشفون بعد ذلك إنهم ضحايا للإستغلال السيئ ، ويتركونهم دون تعليم او إعانة على فرصة عمل.
السائق (أحمد سائق) قال : هؤلاء الأطفال لا ذنب لهم سوى أنهم ضحايا لأزمات مجتمعية معقدة ، السؤال موجه للدولة.. ما هو دور العلماء الذين يفتون في كل الأمور ولا يتطرقون الى مثل هذه الظواهر الأليمة التي تحط من كرامة الانسان؟ أين العدالة الاجتماعية التي جاء بها ديننا الحنيف والدساتير?? لماذا يزيد في بلادنا الغني غناً والفقير فقراً? أين حقوق الإنسان في العيش الكريم دون أن تمد يدك الى الغير لتهين كرامتك، يجب تربية الأجيال على التعليم والعمل ودفع الزكاة والضرائب واعطاء كل ذي حق حقه بتوزيع خيرات البلاد على الجميع، و بعد ذلك يجب تجريم التسول لمن يريد ان يحترفها.. ولا أدري كيف ينام الراعي براحة البال وأغنامه مهددة من الثعالب الجائعة? ، ليتابع : التسول لا يمكن أن نطلق عليه حرفة أو مهنة ولكن مرض نفسي، فالمتسول لن يستطيع أن يبتعد عنه مهما كانت الظروف، وليس فيه تقاعد ومهما خارت قواه ومرض زادت العطايا، فنحن أمام مرضى نفسيين يحبون جني المال بلاتعب ولا كلل أما الفقراء الحقيقيون فإن لهم من عزة النفس ما يغنيهم عن السؤال.
تحقيق : مصعب الهادي
صحيفة الجريدة
