تحقيقات وتقارير

طلبوا من الخرطوم (تعويم الجنيه)، الحكومة تخشى تكاليف الخطوة سياسيا، وترغب في الوقت نفسه بمساعدات مالية وخفض ديون السودان

اعتاد صندوق النقد الدولي، على تقديم وصفة مكررة لغالبية الدولى التي تشكو اقتصادا متأزما، وفي إطار التعاون مع السودان يوصي الصندوق بشدة بتعويم الجنيه السوداني مؤكدا أن ذلك يعتبر ضروريا لخلق الظروف اللازمة لاجتذاب المستثمرين وتعزيز التنمية الاقتصادية في البلاد.
لكن الخطوة ترفضها الخرطوم بشدة أيضا، وتقوم بحزمة إجراءات اقتصادية أخرى لمعالجة الأزمة، وصرح وزير المالية والاقتصاد في أكثر من مناسبة أن وزارته لن تتخذ هذا القرار، بينما يرى المحللون أن للخطوة تأثيرات سياسية كبيرة، إذ من المحتمل أن يساهم اتخاذ قرار مثل (التعويم) في ارتفاع جنوني لأسعار العملات أخطر من الذي حدث قبل أسبوعين، مما سيؤدي إلى ارتفاع هائل في أسعار السلع الاستهلاكية، مما سيثير الغضب والاحتجاجات الشعبية.

(1)
يحاول صندوق النقد الدولي التعاون مع السودان عبر خارطة طريق للانتعاش الاقتصادي بعد انفصال جنوب السودان في يوليو 2011، وجاءت توصية (التعويم) في تقرير سنوي عن الاقتصاد السوداني صدر آخر الأسبوع الماضي.
وصدر التقرير بعد زيارة وفد من صندوق النقد الدولي إلى الخرطوم، وأكد أن المديرين اتفقوا على أن توحيد سعر الصرف أمر بالغ الأهمية للقضاء على التشوهات التي تعرقل الاستثمار والنمو، وأن العديد من المديرين رأوا ضرورة توحيد أسعار الصرف للقضاء على ممارسات العملة المتعددة وتعزيز مصداقية أجندة الإصلاحات التي تقوم بها السلطات.
وبمجرد تعويم الجنيه، يقول صندوق النقد الدولي إنه ينبغي إلغاء دعم الكهرباء والقمح بين عامي 2019 و2021.
غير أن خبراء صندوق النقد الدولي شددوا على أن النجاح في توحيد أسعار الصرف سيتطلب أيضا سياسات اقتصادية كلية وهيكلة داعمة ملائمة وبناء على ذلك، تضمن التقرير سيناريو لإصلاح السياسات يقترح فيه “تحرير أسعار الصرف بالكامل في مطلع عام 2018”.
ومع ذلك ينبغي أن تصاحب هذه التدابير الصعبة زيادة في الإنفاق الاجتماعي من عام 2018 فصاعدا لتخفيف آلام التكيف من الإصلاحات.

(2)
تشير تقديرات صندوق النقد الدولي في التقرير إلى أن الدين الخارجي للسودان وصل إلى (52.4) مليار دولار أو (111 %) من إجمالي الناتج المحلي في نهاية عام 2016، وبسبب الانخفاض الكبير في أسعار الصرف، ارتفع بنسبة (29.5 %) من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2016.
وطالب صندوق النقد الدولي مرارا بضرورة إزالة السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب للاستفادة من تخفيف الديون.
ودعا الفريق أول محمد عثمان سليمان الركابي وزير المالية والتخطيط الاقتصادي صندوق النقد الدولي للإسهام في إعفاء ديون السودان الخارجية خلال لقائه الأسبوع الماضي بالمدير التنفيدي للمجموعة الأفريقية الأولى بصندوق النقد الدولي.
وأبلغ الوزير استيفاء السودان كافة الاشتراطات الفنية التي تؤهله لإعفاء ديونه الخارجية، مشيراً إلى أن هنالك التزاما دوليا عند توقيع اتفاقية السلام الشامل بإعفاء ديون السودان، مطالبا بإعفاء ديون السودان وجنوب السودان وفق الخيار الصفري الذي يحظى بدعم الاتحاد الأفريقي.

(3)
تلقى السودان الأسبوع الماضي تمويلا جديدا من الصندوق بقيمه (5.5) ملايين دولار لمشروع الإدارة المستدامة للموارد الطبيعية وآخر لخفض الانبعاثات الناتجة من تدهور الغابات.
ويرى عبد الغني أبوبكر المتخصص في مجال الغابات لـ(اليوم التالي) أن المبلغ سيساعد البلاد في التقدم في مجال تنمية الموارد الطبيعية، ويحصل السودان من الغابات سنوياً على إنتاج ثابت من الصمغ قيمته حوالى خمسة ملايين جنيه.
أما عبد الحليم إسحق الخبير الاقتصادي، فقد دعا إلى ضرورة الاستفادة من هذا المبلغ في استغلال الإمكانات الكامنة لتحقيق التنمية المتنوعة المصادر وإزالة عدد من المُعوِّقات التي تقف حائلاً في طريق تنويع النشاط الاقتصادي الفاعل في السودان.
وأضاف لـ(اليوم التالي): انخفاض الإنتاجية في قطاع الزراعة يحتاج للتصدي لهذه التحديات بتحسين الإنتاج الزراعي والغابي لأن السودان يملك نسبة أكبر في هذه الموارد بجانب دخولها المباشر في تقدم العملات الاجنبية.
ورأى ضرورة التوصيات المترابطة لمعالجة المخاوف المتصلة بقطاعات مُعيَّنة، وكذلك التحديات الأوسع نطاقاً التي يواجهها الاقتصاد الكلي للسودان ومن هذه التوصيات زيادة الإنتاجية الزراعية من الصمغ وباقي الموارد، وتحسين إدارة عائدات الموارد الطبيعية، ومعالجة المُعوِّقات الأوسع نطاقاً لبيئة الأعمال، وبناء رأس المال البشري لدعم التغيُّر الهيكلي، مؤكدا أن رفع العقوبات الأميركية كليا، سيمكّن من التسريع بتحقيق هذه الإصلاحات، داعيا الحكومات والشركات والمؤسسات المالية العربية إلى المبادرة لمد يد العون والدعم والتعاون بكل أشكاله مع نظرائها السودانية والدخول في شراكات وأعمال مشتركة.

اليوم التالي.

‫2 تعليقات

  1. سياسه الحكومه هي السبب الرئسي لهذا المطب~اكثر من ٣انواع لسعر الصرف احد عنصر الخلل~طبع والاستدانه من الجهاز المصرفي والسحبعلي المكشوف~عدم وجود زول كفؤ لاإداره الاقتصاد بطريقه احترافيه والتصدتي لاي تدخل سياسى حتى ولو راس النظام~روشته لاقتصاد السودان زي روشته مريض السرطان إن لم ينفذ اعلاه

  2. مسأله تعويم الجنيه مسأله صايبه ونتائجها سوف تكون مثمره الغايه وذلك سوف ينعكس على البلاد وعلى اقتصاد البلاد بالنمو والتطور وثبات الاقتصاد وسوف يساهم في جلب المستثمرين الأجانب والشركات الكبري وسيدخل بعض البنوك السودانيه في شراكه مع البنوك الاوربيه والعربيه وسوف تكون هناك ضمانات لرؤوس الأموال الاجنبيه ولن يكون هنالك ضمان لرؤوس الأموال المستثمرة من خارج البلاد مالم يكن هناك ثبات للاقتصاد السوداني وتوفر العمله الأجنبيه والتعويم سوف يشجع صندوق النقد الأجنبي بمنح السودان قروض تصل لمليارات الدولارات فعلى الحكومه الا تتأنى في تعويم الجنيه وليس تجربة مصر ببعيده عنا ففسابق كانت مصر تعاني من توفر الدولار وتعاني من محاربة السوق الأسود الذي وصل فيه الدولار الى اكثر من عشرين جنيه والآن بعد التعويم صار سعر الدولار في البنوك والسوق السوداء سواءً وصار هناك تنافس ببن الموردين في جلب اجود انواع السلع وأصبح المواطن هو المستفيد فتعويم الجنيه في السودان سيغدي على السوق الأسود تماماً ويوقف مسأله المضاربه بالدولار الان الدولار بين ٢٥ و٢٦ فعلى الحكومه ان تقم بتعويم الجنيه فليس هنالك حلاً غير ذلك اذا طال الزمن او قلا ففلاخر سوف يعوم الجنيه فلذلك على الحكومه كسب الوقت والموافقة على اطروحات صندوق النقد ولن يكون هنالك خاسراً سوى المضاربين في الدولار واصحاب النفوس الجشعه