تحقيقات وتقارير

البشير ورئاسة 2020م.. فـلاش باك انتخابات 2015م

مازال رنين الكلمات التي اعلن من خلالها رئيس الجمهورية زهده في الترشح لدورة رئاسية ثالثة ترن في الآذان، ولعل كلمة زهد هذه لا تبدو دقيقة وفقاً للمعايير الدستورية التي تحدد أجل ولاية رئيس الجمهورية بدورتين رئاستين فقط،
ولكن الوقائع التي تشير إلى ان تكرار الدعوات السياسية والأهلية لضرورة ترشح الرئيس في الانتخابات المقبلة في عام 2020م، تشي بترتيبات محكمة مؤادها تعديل الدستور ليتمكن الرئيس من خوض غمار الانتخابات نزولا عند رغبة الشعب والآخرين خارج اسوار المؤتمر الوطني.
بدءاً يلزم التوضيح بأن الفصل الثاني من الدستور وتحت عنوان (أجل ولاية رئيس الجمهورية) المادة (57) تنص على ان يكون اجل رئيس الجمهورية خمس سنوات تبدأ من يوم توليه منصبه ويجوز انتخابه لولاية ثانية فحسب.
وأول تصريح رسمي في هذا الشأن صدر عن وزير الخارجية إبراهيم غندور في حواره مع صحيفة (الشرق الأوسط) الجمعة الماضية بقوله: هناك رغبة شعبية واضحة واحزاب كثيرة غير المؤتمر الوطني تنادي بإعادة ترشيح الرئيس في الانتخابات المنتظرة في 2020م، مثل الاتحادي الديمقراطي والاحزاب المشاركة في الحكومة، رغم إعلانه المتكرر بعدم رغبته في الترشيح. وتجدر الإشارة إلى ان المؤتمر الشعبي اهم احزاب الحوار ومشارك في الحكومة لم يدع لترشيح الرئيس، كما ان الاتحادي الديمقراطي الاصل المشارك في الحكومة منذ عام 2015 والحوار ايضاً نفى ما راج من اخبار عن دعوة رئيسه محمد عثمان ميرغني لترشيح الرئيس في الانتخابات القادمة.
وسبق لرئيس المؤتمر الوطني رئيس الجمهورية عمر حسن احمد البشير ان اعلن مراراً وتكراراً عن عزوفه عن الترشح للرئاسة في الانتخابات القادمة، ومن ذلك ما ورد في ابريل الماضي عن عدم ترشحه للرئاسة في الانتخابات المقبلة، وعاد ليؤكد حديثه مجدداً في اغسطس الفائت في حوار اجرته معه مجلة (الأهرام العربي) المصرية، بالقول: لست ديكتاتوراً وغير راغب في السلطة، ولن اترشح لفترة رئاسية اخرى ومدتي ستنتهي في عام 2020م، ولن اجدد بالدستور ولن يتغير الدستور، واضاف قائلاً: لقد امضيت اكثر من عشرين عاماً، وهي اكثر من كافية في ظروف السودان، والناس تريد دماءً جديدة ودفعة جديدة، كي تواصل السير والبناء والتعمير، وأضاف قائلاً: في عام 2020م سأترك مقر الرئاسة وابتعد عن عالم السياسة.
وفي نوفمبر الماضي قال البشير في محلية ام القرى بولاية الجزيرة التي زارها في إطار دعمه لواليها محمد طاهر إيلا في مواجهة خصومه بالمجلس التشريعي الولائي الذي حله البشير عبر قانون الطوارئ، قال إن إيلا باقٍ في منصبه حتى 2020م ، وزاد قائلاً: لو ترشح إيلا للانتخابات القادمة لرئاسة الجمهورية سأدعمه.
ومن جهته لم يدخر إيلا وسعاً لمبادلة الرئيس وداً بود فأعلنه مرشحاً للرئاسة في عام 2020م.
وسبق لرئيس لجنة العدل والتشريع في المجلس الوطني عثمان نمر أن صرح في يوليو الماضي بأن الباب مفتوح على مصراعيه امام تعديل الدستور في ما يتعلق بفترة ترشح رئيس الجمهورية المحددة بدورتين، واصاب رذاذ التصريح المؤتمر الوطني والهيئة التشريعية بحرج كبير، إذ أفصح عما يضمره الوطني والحكومة في هذا الخصوص، فسارع رئيس الهيئة التشريعية إبراهيم احمد عمر لإصدار بيان نفى فيه اتجاه البرلمان لتعديل الدستور لاعطاء البشير فرصة للترشح لدورة جديدة، واكد ان تصريح نمر يمثله بوصفه عضواً برلمانياً ولا يعبر عن رأي المجلس الوطني، فهل يجوز ان يكون تصريح رئيس لجنة العدل والتشريع ذي الصفة الدستورية وعضو المؤتمر الوطني يمثل شخصه فقط؟
ونصف الحقيقة او ربما الحقيقة كلها صدع بها نائب رئيس القطاع السياسي للمؤتمر الوطني عبد الله صافي النور في حوار اجريته معه الاسبوع قبل الماضي، بتلميحه إلى إمكانية تعديل الدستور ليسمح للرئيس بالترشح للرئاسة في الانتخابات المقبلة في 2020م، بقوله انه ربما يطرح تعديل الدستور ليترشح الرئيس، مشيراً إلى ان المؤتمر العام لحزبه الذي يقدم فيه مرشحه للرئاسة سيعقد في نهاية عام2019 م.
وفيما يبدو ان ترشيح البشير لم يعد شأناً داخلياً، فقد راجت أخبار لدى زيارة نائب وزير الخارجية الامريكية جون سوليفان للبلاد منتصف الشهر الماضي، مفادها أنه طلب عدم ترشيح الرئيس، مما دفع غندور في حواره المذكور اعلاه للقول: لم ترد اية اشارة حول ترشيح البشير، ولو حدث ذلك لرفضناه، فهو الرئيس الشرعي والمنتخب من قبل ستة ملايين مواطن، ولا يجب ان يتحدث عنه الآخرون إلا بالاحترام المطلوب. بينما علق صافي النور على الموضوع نفسه بالقول: انا لا انفي او اؤكد طلب سوليفان بعدم ترشيح الرئيس، ولكنه جزم ان ذلك ليس من حقه.
ومن يغمض عينيه يجد ان الاحاديث عن الرئيس والرئاسة لا تزيد عن كونها فلاش باك لقصة مضت في الاشهر التي سبقت انتخابات عام 2015م، فقد دار الجدل آنذاك حول مشروعية ترشيح الرئيس باعتبار انه امضى دورتين في الرئاسة الاولى (2005 ــ2015)، وقد كانت هذه القضية سبباً في إطاحة القيادي بالمؤتمر الوطني ورئيس كتلة الحزب في المجلس الوطني غازي صلاح الدين العتباني من قيادة الكتلة في أغسطس 2013م، على خلفية تصريحاته بأنه لا يحق للبشير الترشح في 2015م وفقاً للدستور.
وفي فبراير 2011م اعلن الوطني على لسان بعض قادته ربيع عبد العاطي وامين امانة الشباب آنذاك عبد المنعم السني، ان البشير اعلن انه لن يخوض الانتخابات الرئاسية 2015م، وعاد البشير ليؤكد بنفسه في مارس 2012م ومارس 2013م عدم ترشحه للرئاسة، وقال ان حزبه سيعقد مؤتمره العام في 2013م وسينتحب المؤتمر رئيساً للحزب، وبالتالي سيكون مرشحه للرئاسة 2015م، وعقب كل تلك السيناريوهات قدمه حزبه رئيساً له ومن ثم قدمه للرئاسة في عام2015 م.
وكل المؤشرات ــ ما لم يطرأ طارئ ــ تدل على أن سماء السودان وأرضه موعودة بالتجديد لرئيس الجمهورية لدورة رئاسية ثالثة، عبر منصة الدستور الذي سيجري تعديله لتحقيق تلك الإرادة حتى الآن.

الانتباهه.

‫2 تعليقات

  1. نؤيد ترشيح الرئيس البشير لولاية تالتة فهو لا زال الأنسب و الاوفر حظا و الأجدر لهذا المنصب .
    بالتوفيق يا سيادة الرئيس