حوارات ولقاءات

والي البحر الأحمر: الميناء زي القيادة العامة لا يمكن عرضه للبيع وليست هناك نية لتشريد العمال

* لا تبدو الأزمات في ولاية البحر الأحمر أنها تنحصر فقط في ملف المياه، وحتى الآن لا يوجد توقيت محدد لوصول مياه النيل إلى هناك، وهو ما يؤكد على استمرار الأزمة المعترف بها من قبل الوالي، لكنها ليست الأزمة الوحيدة، فالحديث يسري عن مشكلات سياسية أيضا وخلاف بين مكونات الحكم في الولاية، بيد أن الرجل الأول في الولاية يقول إن مغادرة رئيس المجلس التشريعي السابق ليست انتصاراً له إنما هي إعلاء لقيم المؤسسية داخل المنظومة التي يحتكمون إليها.
كما يعترف علي أحمد حامد بضعف الخدمات المقدمة في محلية حلايب مقارنة بتلك التي تقدمها دولة الاحتلال، لكنه في المقابل يؤكد أنه لا تنازل عن الأرض. ورغم أن المسؤولية هي مسؤولية المركز لكنهم سينجزون ما يليهم في تعبئة الجماهير لاستعادة الأرض. ولا يغادر الرجل مكانه دون التأكيد على أنه لا يمكن للميناء أن يباع، ويتساءل مستنكراً: هل يمكننا عرض القيادة العامة للبيع؟!
ويبشر الوالي العمال بواقع جديد عقب خصخصة الخدمات، حيث يمكنهم الحصول على (معاش) وتأمين، وبشريات الوالي تتجاوز كلاة الموانيء ليقول إنهم قريباً سيمنحون أهل الخرطوم كهرباء.
في هذا الحوار يتناول والي البحر الأحمر مجمل القضايا الخاصة بالولاية وترتيبات الاستفادة من السياحة في جلب عملة حرة، ولا ينسى أن يشير إلى أهم ملامح ميزانية ولايته الجديدة التي يقول إنها خالية من الضرائب الجديدة وسيتم توظيف (50 %) للتنمية.

* يقول البعض إن الوالي انتصر في معركته مع رئيس المجلس التشريعي؟
الأمر لا يمكن وضعه في معادلة الانتصار والهزيمة في ما يتعلق بالأشخاص، وإن كان لابد من استخدام منتصر ومهزوم دعني أقول إن من انتصر في نهاية المطاف هي القواعد الدستورية والمؤسسية التي يجب أن يحتكم إليها الجميع في سبيل السعي لتحقيق استقرار منشود في الولاية.
* هل يعني إعلان رئيس جديد للمجلس التشريعي نهاية الأزمات في الولاية؟
الأمر في الأصل لم يكن صراعاً حتى يعني تغييره نهاية الأزمات.. ما جرى كان تباينا في وجهات النظر تم حسمها باللجوء لخيارات المؤسسة، وبالتالي فإن القادم يجب أن يكون من أجل خلق التجانس بين المؤسسات لخدمة أجندة المواطنين وتنفيذ البرنامج الانتخابي لرئيس الجمهورية باستمرار التنمية.

* تتحدثون عن تنمية في مناطق لا يجد أهلها مياهاً للشرب؟
ذلك صحيح لحد كبير، فمشكلة المياه تظل هي المشكلة الرئيسة التي نسعى بالتعاون مع جهات كثيرة لإيجاد حل ناجع ونهائي لها. أتفق معك أن الولاية بها تحد كبير فيما يلي المياه، وكلما زاد عدد السكان ارتفعت الحاجة للمياه، لذا نحن منذ تكليفنا بدأنا بملف المياه وكان أولوية بالنسبة لنا، والكثيرون يفتكرون أن “الموية” عقبة بالنسبة لنا، لذلك كان لابد أن نشتغل في هذا الملف، وقمنا بتنفيذ أكبر مشروع للتحلية في تأريخ الولاية، وعملنا على الاهتمام بزيادة المصادر لأن الوضع لا يحتمل، وذلك من خلال سد أربعات والآبار التي قمنا بحفرها، كما اهتممنا بإنشاء شبكات جديدة ونحن أكثر ولاية نفذت شبكات للمياه خلال العامين الماضيين، وقمنا بتنفيذ “250” كيلو متر من الشبكات، ولن نقف في هذا الحد واسترايجيتنا كل عام نعمل على وضع المياه كأهم بند بالنسبة لنا.

* ملف توصيل مياه من النيل يبدو مجرد حديث استهلاكي أكثر من فعل واقعي؟
إن مشروع مياه النيل استراتيجي بالنسبة لنا، ولكن ما يحتاجه هذا المشروع من تكلفة مالية للشرب من مياه النيل يعتبر ثلاثة أضعاف محطات التحلية، لابد من العمل في الخيارين لحين اكتمال الحلم بالشرب من مياه النيل.

* تركيب الشبكات دون توفر مياه يبدو هدراً للمال العام؟
الأمر ليس بهذه الصورة، نحن لا نهدر في المال العام وإنما نوفر الإمكانيات التي من شأنها استقبال المياه بعد وصولها إلى الولاية، وهو أمر لا يبدو بعيداً في ظل تواصلنا مع عدة جهات منها شركة أرياب. إن ما نقوم به الآن يمثل جزءا من الترتيب لهذا المشروع الحيوي والهام، فمن المعلوم أن وصول المياه من النيل ظل يمثل حلما لمواطن الولاية ولكنه اقترب التحقق بإذن الله، لذلك لابد من العمل من الآن لتهيئة البنيات التحتية وإنشاء أخرى جديدة لاستقبال هذا المشروع الذي يحتاج لشبكات جديدة وكل الموجود في بورتسودان كان يمثل “24 %” فقط، والآن تجاوزنا فيها نسبة الـ”50 %” ونتوقع بحلول العام “2019م” الوصول لتغطية بورتسودان كاملة بالشبكة، هذا بجانب العمل في المحليات الأخرى بذات الوتيرة.

* يلاحظ تراجع في تقديم الخدمات بالولاية، حتى على مستوى النظافة، التي كانت تميز بورتسودان؟
نعم، قد يبدو الأمر كذلك.. لكن المعلوم أيضاً أن النظافة لا يمكن إنجازها بمحض إجراءات حكومية ويجب أن تكون سلوك مجتمع. من جانبنا في حكومة البحر الأحمر ننتظر أكبر آليات من أجل إنجاز النظافة وسنستجلبها من الخارج في الأيام المقبلة وهي استراتيجيات من شأنها إنهاء الأزمة برمتها.

* ماذا عن الحديث حول بيع الميناء؟
هذا الحديث غير صحيح وليس هناك أي اتجاه أو نية لبيع الميناء، فهو ملك للشعب ولا يمكن بيعه، مثله مثل المنشآت الحكومية الأخرى، وأنا أسأل هل يمكن بيع القيادة العامة؟، إذا بيعت فعندها يمكن بيع الميناء، فهو يتجاوز كونه محض مكان للتعبير عن سيادة الدولة.

* ما حقيقة هذا الموضوع؟
ما يتم هو العمل على خصخصة الخدمات بالميناء، فالمطروح الآن هو تشغيل ميناء الحاويات، فهو يعمل بطاقة “200” ألف طن في العام، ويستقبل حوالى “10” آلاف حاوية شهريا للصادرات و”6″ آلاف حاوية للواردات، ونعمل على زيادة كفاءة الميناء، ونستهدف رفع قدرة العمل به إلى “3” أضعاف، وذلك بعد جلب آليات جديدة.

* هل هي محاولة للتخلص من العمال وتشريدهم؟
لن يتأثر أي عامل في الميناء، ولن نسمح بتشريد أي منهم، على العكس تماما كل ما يتم سيكون في مصلحة العامل، فالعمال مهمون بالنسبة لنا ولن نتنازل عن حقوقهم، وتحسين أوضاعهم، ومطالبنا للشركات التي ستعمل في الميناء خلق الاستقرار للعمال، ومعالجة أجورهم، ولا يوجد الآن أجر عادل ولا تأمين صحي ولا مكافأة ما بعد الخدمة للعمال الآن، لكن بدخول شركات للعمل في خدمات الميناء كل ذلك سيتم، وسنقف مع العمال وندعمهم وسندافع عن مستحقاتهم، لأن ما يحدث للعمال ظلم بيِّن، حيث لا يوجد لهم معاش.

* ولكن هؤلاء خارج سجل الخدمة؟
تحدثنا مع رئيس الجمهورية المشير عمر البشير الذي وافق على معاش استثنائي لمن تجاوز الـ”60″ عاما من العمال بالميناء، كما سيكون للعمال كافة استحقاقات نظرائهم في القطاعات الأخرى من منحة الرئيس والبدلات، وسيتم توزيعهم على الجهات التي ستعمل في الميناء، بجانب الاهتمام بتدريبهم ورفع كفاءتهم، ولابد أن يعلم الجميع أن خصخصة خدمات الميناء ستوفر المزيد من فرص لعمالة إضافية ولن نسمح بتشريد أي منهم، ونتعهد بالمحافظة على حقوقهم المختلفة والدفاع عنها.

* هل يحقق مهرجان السياحة أهدافه؟
المهرجان يخاطب السائح المحلي.. في هذا الجانب حققنا عدداً من المكاسب بنجاحنا في جعل بورتسودان القبلة الأولى للكثيرين حيث حضر للولاية في العام “2016م” أكثر من “1,5” مليون سائح سوداني، وبحساب متوسط الفرد “1000” جنيه فقط نكون حققنا رقما كبيرا في هذا الجانب، الساحل الآن مناسب لمدة “8” شهور من العام، وأركويت وسنكات يمكن أن تعملان خلال الـ”4″ شهور الأخرى.
وماذا عن السياحة الخارجية؟
نعم، هناك مشكلة “للخواجات” الراغبين في الحصول على تأشيرات للسياحة بالبلاد، ونأمل من الحكومة ممثلة في وزارة الخارجية تيسير هذا الأمر بسهولة، كما نأمل في فتح بنوك جديدة بعد رفع الحظر حتى يتمكن السائح من الصرف منها، إذ لا يمكن له أن يأتي حاملا كمية كبيرة من العملات الأجنبية، ووجود هذه البنوك يسهل له الحصول على العملة التي يريدها وبالتالي نخلق عوامل جذب أخرى له فالعالم تجاوز فكرة الأموال التي يحملها الشخص في جيبه.
وفتحنا المجال واسعا للسياحة الخارجية ونعمل على تصميم بعض المتطلبات للسائح الأجنبي، ووجدنا اهتمام “70 %” منهم بسياحة الغطس ونعمل على تهيئة هذا الأمر من خلال التعاقد مع شركات ألمانية وروسية وصينية للترويج للسياحة في بلدانهم وجميع دول العالم، واستقبلنا خلال الأيام الماضية وفدا ألمانيا وقبلها كان هناك وفد صيني، ونقلنا المهرجان للعالمية من خلال المشاركة في المعارض الدولية، كما نعمل على تنظيم معرض للسياحة في السودان فبراير المقبل، وسيكون سنويا في بورتسودان، ونتوقع مشاركة “10” دول خلاله في هذه المرحلة وسيكون الانطلاق نحو العالمية.

* ما هو الجديد في جانب الاستثمار؟
نعم، هناك الكثير من الترتيبات في هذا الملف، والآن نعمل على تكوين شرطة ونيابة ومحكمة خاصة بالاستثمار للنظر في جميع خلافات قضايا الاستثمار بسرعة، وهذه تسهل العمل وفقا للقانون وكل هذا جزء من تهيئة المناخ للاستثمار في الولاية، ونقول المستثمر “ما يمشي” لأي موقع بدون الحكومة، والمواطن ليس من حقه الاعتراض على إنشاء أي مشروعات، وقادرون على معالجة كافة النزاعات في ما يخص الاستثمار. وتعويلنا على زيادة الاستثمار في العام المقبل بصورة كبيرة، ونرتب لإنشاء “5” مناطق حرة على الساحل، ومجتهدون في هذا الأمر حتى يصبح واقعا قريبا.

* اعتراضات المواطنين دائماً ما تتعلق بملكية الأرض مثلما حدث في طوكر؟
مشكلة الأرض ليست حكراً على البحر الأحمر وحدها إنما في كل السودان، نعم كان لهذا الأمر تأثير على الاستثمار الزراعي في تلك المنطقة والآن تمت معالجة قضية ملكية الأرض في طوكر بنسبة “80 %”، وسيتم استخراج شهادات البحث لأصحاب الأراضي مطلع يناير المقبل، ونعمل الآن لمعالجة جميع مشاكل الأراضي في طوكر وغيرها حتى تكون أكثر جذبا للاستثمار بعد إزالة الموانع منها، حتى نحفظ للمواطن والمستثمر حقوقهما، ونعلن الترحيب بجميع المستثمرين في طوكر، ونلتزم بتقديم العون والدعم لهم، ولن يجد أي منهم اعتراضا من قبل المواطنين، وجلسنا ولا نزال نجلس مع أصحاب الأراضي وسنعمل على تنفيذ ما يرضيهم.

* تتحدثون عن استثمار في ظل وجود أزمة كهرباء هي التي أوقفت مشروع قيام المنطقة الصناعية؟
نعم.. كانت هناك مشكلة في توفير الكهرباء ولكنها قابلة للحل من خلال مشروع كهرباء شرق السودان، الذي يربط جميع محليات الولاية بالشبكة القومية، وسيبدأ دخول الخدمة العام المقبل، والآن هناك خطوط ناقلة تم تنفيذها بالمحليات بتكلفة “70” مليون دولار، وهذه توفر لنا “40” ميقاواطا، كما لدينا محطات تحويلية في هيا وسنكات وسواكن، وما يوجد في بورتسودان “18” ميقاواطا عن طريق التوليد الذاتي، وأضيفت لها “100” ميقاواط بعد دخول سد مروي وكلها استهلكت لكن مشروع كهرباء شرق السودان حيوي جدا وينقسم لمرحلتين الأولى منه ستدخل شهر مايو المقبل بإنتاج “178” ميقاواطا، وأخرى ستكون في يوليو المقبل وبذات الرقم، بإجمالي توليد في مرحلته الأولى يبلغ “356” ميقاواطا، كما ستكون لدينا أكبر محطة توليد للكهرباء بالسودان في بورتسودان بإجمالي توليد يصل لـ”2400″ ميقاواط، وهذه ستكتمل خلال “5” سنوات، وبعدها يمكن أن نعطي الخرطوم كهرباء منها.

* لكن ماذا يجري الآن في ملف حلايب المحتلة؟
مثل ما يعلم الجميع أن حلايب شأن اتحادي لكن هذا الأمر لا يعني أن نتنصل عن مسؤولياتنا في ضرورة تعبئة الشعب من أجل الحفاظ على أرضه وهو ما كنا نفعله طوال وجودنا في الولاية من خلال إعلاء قيمة سودانية المنطقة، ومن أجل ضرورة تحرك الحكومة المركزية لإيجاد حل لهذه القضية.

* تقومون بالتعبئة في ما يقوم الجانب المصري بتوفير الخدمات في الجزء المحتل؟
نعم، نعترف بأن الخدمات التي تقدمها الحكومة المصرية أفضل مما يقدم في الجانب السوداني، لذلك قمنا بتنفيذ إجراء يتعلق بتطبيق سياسة التمييز الإيجابي في توفير الخدمات هناك، حيث ساهم في إحداث الاستقرار في خدمات المياه وهي الآن تشرب مياها نقية، كما اهتممنا بقضايا معاش المواطن فيها من خلال مشروعات صيد الأسماك ونعمل على زيادة قوارب الصيد فيها، بالإضافة للاهتمام بالخدمات الأخرى من صحة وتعليم بالمحلية، كما نعمل على تهيئة حظيرة الجمارك بصورة أفضل من الحالية وكل ذلك يمثل مصادر دخل للمواطن، وظللنا طيلة فترة تكليفنا بالولاية نطالب المصريين بسحب قواتهم من حلايب، لأنها أرض سودانية ولا مجال للتنازل عنها مهما كلف الأمر.

* لكن مع المطالبة بسحب القوات لماذا لا تستخدمون ورقة إغلاق المنافذ التجارية؟
هذا قرار من صميم مسؤوليات المركز، كما أنه في كل العالم توجد اختلافات حول ترسيم الحدود وتظل عمليات التجارة سارية كما هي، مع الاحتفاظ بالقرارات الاتحادية بإيقاف استيراد بعض السلع من مصر، ولكن على العموم الحركة التجارية تمضي في مسارها وكذلك قضية حلايب التي ندعو الحكومة للإسراع في معالجتها، ولن نقبل أي تسوية في هذه القضية.

* يشكو مواطنو المثلث من عدم وجود وسائل للعمل هناك وإغلاق الميناء في “أوسيف” بترتيبات من الحكومة المصرية؟
لن يستطيع المصريون إيقاف هذا المشروع، وهو أولوية لحكومة الولاية لما يحققه من نقلة للمواطن على مستوى المحلية والولاية عموما، ونحسبه أكبر ميناء للصادرات المعدنية، بجانب حركة التجارة للمنطقة من حولنا لما يميزه عن غيره من الموانيء بالولاية، ونحن جلسنا مع هيئة الموانيء البحرية وطرحنا لهم إمكانية هذا الميناء في نقل الركاب والبضائع ولكنه يحتاج لتجهيز مرابط ومخازن وعملا كبيرا حتى يكون مهيأ بصورة ممتازة، ومطلوب ميزانية كبيرة لتنفيذ هذه الخدمات بالميناء، كما مطلوب أيضا تنشيط إنتاج الحديد في منطقة الميناء وما حولها لوفرته هناك.

* وضعتم ميزانية الولاية للعام الجديد فما هي أبرز ملامحها؟
هناك زيادة بنسبة “22 %” في الموازنة الجديدة ستذهب “50 %” منها للتنمية و”50 %” للفصل الأول والتسيير، ومجتهدون لتحقيق تحول نوعي في موارد الميزانية، وأولويتنا ستكون مستمرة للمياه والتعليم والصحة ولن تكون هناك رسوم إضافية، وإنما نستهدف توسيع التحصيل حتى نحقق الهدف، والميزانية عانت من التزامات سابقة أوفينا بها بصورة كبيرة حيث دفعنا في العام الماضي حوالى “150” مليار جنيه، وخلال هذا العام أيضا سندفع مثلها لأن حقوق الناس أولوية بالنسبة لنا.

اليوم التالي.

تعليق واحد

  1. انت والبشير ما اصلا ساكتين السكوت داء كيف والله لما تقوم القيامة سوف تفضلوا ساكتين لانكم جبانين