تحقيقات وتقارير

الركابي: التوسع في دعم السلع الاستهلاكية من أكبر تحديات الموازنة و 28 مليار جنيه الفجوة بين الايرادات والمصروفات

28 مليار جنيه الفجوة بين الايرادات والمصروفات
الركابي: التوسع في دعم السلع الاستهلاكية من أكبر تحديات الموازنة
الاستدانة من الجمهور والنظام المصرفي تمثل نسبة 28% من إجمالي الموارد
مبارك النور: الطاقم الاقتصادي الحالي فاشل بامتياز ولابد من بيت خبرة لإعدد موازنة للدولة
23 مليار و888 مليون جنيه جملة الصرف على قطاع الدفاع والأمن
ارتفاع ضريبة “الشيشة” الى 230 % وجمارك على الدقيق المستورد

كالعادة استأثر قطاع الأمن والدفاع القومي بالنصيب الأكبر من مشروع الموازنة العامة لحكومة الوفاق،بمبلغ 23 مليار و888 مليون جنيه،رغم مواجهة المشروع بمشكلات مزمنة على رأسها العجز الكبير المتوقع بحوالي 28.4 مليار جنيه أي بنسبة 2.4% من الناتج الإجمالي واختلال الميزان التجاري وتذبذب سعر الصرف وتعدده،ليس هذا فحسب بل تضمنت بنود المشروع سلسلة تناقضات حيث خصص مليار و230 مليون جنيه،إضافي،لمؤسسات التعليم التابعة لوزارة الدفاع،و245 مليون جنيه للمؤسسات التعليم الخاصة بالجهاز،و135 مليون جنيه لمستشفيات الأمن التي تقدم خدمات لمنسوبي تلك الأجهزة،في حين خصصت نحو 8 مليار جنيه،لقطاعي التعليم والصحة.

النواب يقابلون المشروع بالتصفيق:
ورغم من الأزمات الهيكيلية في الموزانة إلا أن القاعة دوت بالتصفيق بعد فراغ وزير المالية محمد عثمان الركابي،من تلاوة خطابه،بحضور رئيس مجلس الوزراء القومي وعدد كبير من وزراء الجهاز التنفيذي بشر فيه النواب بتوسيع المظلة الضريبية لتشمل الأنشطة الهامشية وشدد على ضرورة التخلص التدريجي من الدعم باعتباره من أهم التحديات التي تواجه الموازنة واعتبر أن عدم استقرار سعر الصرف من المتغيرات الاقتصادية الحساسة التي تؤثر علي التضخم، ووعد باستمرار عمليات إيقاف المضاربة في سوق النقد مع سياسات تؤمن تحول موارد النقد الأجنبي من السوق الموازي الى المنظم وأقر الركابي بصعوبة الحصول على التمويلات الميسرة في ظل وجود اسم السودان في قائمة الدول الرعاية للإرهاب.
ولفت الوزير الى أهم موجهات الموزانة الحالية تتخلص في مراجعة الفئات الجمركية لتحييد أثر تحريك سعر الدولار الجمركي،على أسعار السلع الضرورية ومدخلات الانتاج المستوردة،وإلغاء الرسم الأضافي وضريبة التنمية على مدخلات الإنتاج، واستقطاب القروض والاستثمارات والمنح، فضلاً عن اتخاذ الاجراءات اللازمة لترشيد الإنفاق الحكومي وتوجيه الموارد الحكومية وموارد الصرف لتمويل مشروعات التنمية:

زيادات في الضرائب والجمارك:
فيما يتعلق بالتعريفة الجمركية فقد فرضت زيادة على الدقيق بنسبة 10% و جلتومات الأطعمة بنسبة 40%وانخفضت جمارك الإطارات الجديدة من المطاط من 40% الى 10%، فيما لم تطرأ أي زيادات علي ورق الصحف والكتابة والطباعة والكرافت والأحبار،وزادت التعريفة الجمركية على سلع أخرى لم يذكرها القانون بنسبة 40%.
وزاد ت ضريبة الرسم الإضافي للشيشة من 150% الى 230 % وفقاً للقوانين المصاحبة لمشروع الميزانية،وانخفض تبغ مصنع السجاير من 150% الي 40% وزادت ضريبة المعسل والتمباك وخلافه من 150% الى 230% وانخفضت ضريبة المصنوعات الجلدية من 50% الى 40% والستائر والملابس والملايات من 40% الى 10% والأحذية من 30% الي 10% والأدوات الصحية والبورسلين من 40% الى 20% وارتفع رسم الأواني المنزلية من بورسلين وتماثيل ومصنوعات أخري الى 20% وانخفض الزجاج ومصنوعاته من 40% الى 20% وانخفضت ضريبة الألمونيوم من 40% الى 30% بينما ارتفعت رسم الأواني المنزلية من الألمونيوم الى 20% والكوالين والأقفال من 40% الى 30%،وتراجعت ضريبة العربات “البكاسي” من 150% الى 130%،والأفران والمكاوي والخلاطات من 40% الى 30%.

ارتفاع نفقات الأمن والدفاع:
ووفقاً لمشروع الموازنة التي تحصلت (الجريدة) على نسخة منه،ارتفعت نفقات الدفاع والأمن القومي الى 23 مليار و888 مليون بما يعادل 16.37% من جملة الموازنة العامة البالغة 173.1 مليار جنيه،خصص للدفاع 20 مليار و343 مليون،و 11مليار و507 مليون لوزارة الدفاع،و 4مليار 170 مليون جنيه لقوات الدعم السريع،فيما استحوذ جهاز الأمن والمخابرات الوطني على مبلغ 4 مليار و654مليون،بجانب مبلغ مليار و230 مليون لمؤسسات التعليم التابعة لوزارة الدفاع،و245 مليون جنيه لمؤسسات التعليم الخاصة بالجهاز،فيما بلغ المبلغ المخصص لخدمات المستشفيات التابعة للأمن 135 مليون جنيه فضلاً عن مبلغ 11 مليون و343.337ألف جنيه الهيئة القومية للمساحة.
فيما أستحوذت الشؤون الإقتصادية على مبلغ 16 مليار و877 مليون،وبلغ الإنفاق على الصحة مبلغ 2 مليار و942 مليون بنسبة 2.02% من الموازنة،والصرف على التعليم 5 مليار و326 مليون بنسبة 3.65% من الموازنة.
وبلغت نفقات الخدمات العامة،16 مليار و77 مليون بنسبة 1.99%، ووصلت صرف النظام العام وشؤون السلامة الى،10 مليار و705مليون بنسبة 7.34%،والصرف على حماية البيئة 29 مليون و629.747 ألف جنيه بنسبة 0.02%،بينما بلغ صرف الحماية الاجتماعية مبلغ 36 مليار و749مليون.
وبغلت مصروفات الأجهزة التشريعية والرئاسة والتنفيذية القومية،2 مليار و400 مليون، وخصص المشروع للمجلس الوطني،420 مليون، ومجليس الولايات 37 مليون و497.592 ألف جنيه، وحصلت وزارة شؤون رئاسة الجمهورية على مليار و221 مليون جنيه، وبلغت موازنة ديوان المراجعة القومية 514 مليون و292.545 ألف جنيه، فيما وصلت موازنة وزارة مجلس الوزراء الى مبلغ 119 مليون و177.891 ألف جنيه.
وكشف المشروع التفصيلي للموازنة عن بلوغ مصروفات قطاع الشؤون المالية والمالية العامة مبلغ 4 مليار و117 مليون،منها مبلغ 893 مليون و362.693 الف جنيه لوزارة المالية ومبلغ مليار و410 مليون و650 الف جنيه لإدارة الجمارك، وحصل ديوان الضرائب على مبلغ مليار و93 مليون جنيه.
وبلغت مصروفات الشؤون الخارجية 2 مليار و191 مليون جنيه، منها مبلغ 85 مليون و34.205 الف جنيه لوزارة الخارجية، وملبغ 2مليار و100 مليون جنيه للبعثات الدبلوماسية، وخصص مبلغ 9 مليار و9 مليون للنظام العام وشؤون السلامة، منها ملبغ 6 مليار و484 مليون لخدمات الشرطة، فيما حصلت وزارة الداخلية على مبلغ 6 مليار و484 مليون جنيه، وبلغت نفقات ادارة الدفاع المدني 4.210 مليون جنيه.
أما الهيئة القضائية فبلغت مصروفاتها مليار و513 مليون، والمفوضية القومية للخدمة القضائية 14.224.183 مليون جنيه، والمحكمة الدستورية مبلغ 37.510مليون جنيه، ووزارة العدل 449 مليون و148.989 ألف جنيه، فيما خصص مشروع الموزانة لوزارة الاستثمار 33.093.334 مليون جنيه،، ومليار و339 مليون لوزارة الزراعة، وبلغ الصرف علي قطاع البترول والغاز الطبيعي والكهرباء 8 مليار و107 مليون جنيه

اعترافات وزير المالية:
اعترافات وزارة المالية توالت خلال جلسة أمس، فقد بدأ قلقاً، من اختلال الميزان التجاري بسبب خروج النفط وتذبذب سعر الصرف وتعدده وقال: هما يشكلان المهدد الرئيسي للاقتصاد السوداني، وعزا، ارتفاع التضخم لـ34.1 % نتيجة الخلل في العرض والطلب الكليين والعوامل النفسية”عدم اليقنية”.
وقطع تعهدات بزيادة عدد الأسر المستفيدة من الدعم الاجتماعي من 700 ألف الى 800 الف، والاستمرار في دعم الأدوية المنقذة للحياة والعمليات بالمستشفيات وتوطين العلاج بالداخل ودعم المراكز المتخصصة في الكلى، القلب، السرطان، كما أعلن عن 60 ألف وظيفة في الخدمة المدنية العسكرية.
وقال الوزير إن المشروع يهدف لتحقيق معدل نمو 4% وتخفيض معدل التضخم من 34.1% الى 19.5% وتخفيض عجز الميزان التجاري من 2,5 مليار دولار الى 2,2 مليار دولار والمحافظة على عجز الموازنة في الحدود الأمنة بنسبة 4.2% من الناتج المحلي الاجمالي، خفض عرض النقود الى 45.6% الى 18.1% وخفض معدلات الفقر والبطالة.
وقدر حجم الموازنة الكلي بنحو 173.1 مليار جنيه، بعجز 28.4 مليار جنيه بنسبة 2.4% من الناتج الاجمالي، وقال الوزير “إن العجز يتضمن فروقات سعر الصرف التي كانت تدون في دفاتر البنك المركزي” بينما توقع أن تبلغ الايرادات الضريبية 75.1 مليار جنيه أي ما يعادل 64% والمنح 8.1 مليار، والايرادات الأخرى 33.7 مليار جنيه.

وقال الوزير: ارجو أن تكون الموازنة شفافة تبين لنواب الشعب والمجتمع كله عجز الموازن الحقيقي، وأشار الى أن المصروفات بلغت 127.2 مليار جنيه، بنسبة 68% من إجمالي الاستخدامات وقدر تعويضات العاملين بمبلغ 34.2 مليار جنيه بنسبة 26.9% ومبلغ 17.1 مليار جنيه لشراء السلع والخدمات، والموارد والقروض الخارجية، والاستدانة من الجمهور والنظام المصرفي حوالي 60.2 مليار جنيه بنسبة 28% من اجمالي الموارد.
وقال الوزير إن المشروع اهتم بزيادة تحويلات الولايات التي ارتفعت من 21.8 مليار جنيه الى 32.7 مليار جنيه برغم من أن نصيب الولايات من قسمة الموارد مع الالتزام بتحويل نصيب الولايات من الدعم الجاري بنسبة 100% واعتمد لمبيعات الأصول غير المالية مبلغ 600 مليون جنيه ومبيعات الاصول بحوالي 343مليون جنيه بنسبة 0.2% من اجمالي الموارد والقروض الخارجية، والاستدانة من الجمهور والنظام المصرفي حوالي 60.2 مليار جنيه بنسبة 28% من اجمالي الموارد،.

وأشار الوزير الى أن المصروفات بلغت 127.2 مليار جنيه، بنسبة 68% من اجمالي الاستخدامات وقدر تعويضات العاملين بمبلغ 34.2 مليار جنيه بنسبة 26.9% ومبلغ 17.1 مليار جنيه لشراء السلع والخدمات.
وأعلن عن اتخاذ سياسات وتدابير جديدة لمعالجة سعر الصرف وارتفاع معدلات التضخم، وكشف الوزير في خطابه عن انخفاض عجز الميزان التجاري في 2017م الى 4.2 مليار دولار، بمعدل 40.5%، فيما ارتفع عجز الميزان الكلي، من 120.8 مليون دولار في 2016م الى 439.7 مليون دولار في العام الجاري، نتيجة انخفاض صافي تدفقات الحساب الرأسمالي بمعدل 20.3% وتوقع أن يبلغ معدل عرض النمو 45.6% بنهاية 2017م، فيما قدر البيان العجز الكلي للموازنة بـ 14 % من اجمالي الناتج المحلي الاجمالي وتوقع أن تصل اجمالي الموارد بنهاية العام 92.4% لتاثرها بعدم وفاء دولة الجنوب لالتزاماتها وتراجع انتاج النفط وتوقع أن يصل اجمالي الاستخدامات 92.4 مليار جنيه لتأثرها بزيادة الصرف على دعم السلع الاستراتيجية.
وأكد بأن أداء الصادرات كان ضعيفاً خلال الثلاثة أعوام الأخيرة “2015،2016،2017، حيث بلغ الأداء، 46%،42%49%.على التوالي، وقال الوزير إن عجز الموازنة كنسبة من الناتج المحلي الاجمالي بلغ 1.25% في 2015م و1.6% في 2016، و1.4% في 2017م وكان في الحدود الأمنة الا انه تجاوز النسب المستهدفة من عمر البرنامج الخماسي بنسبة 22.5%،107.8% و128.8% على التوالي برغم أن الايرادات الضريبية بلغت 104%.

وعزا الوزير ضعف نسبة الايردات الى الناتج المحلي الاجمالي التي بلغت 9% في 2015، و8% في 2016،و7.6% في 2017م الى استمرار اعفاءات قطاعات وخدمات أساسية من الضرائب كالزراعة والنفط،المعادن، الكهرباء، المياه.
ورأى الوزير أن نسبة نمو الاقتصاد السوداني معقولة مقارنة بالظروف العالمية والداخلية، لكنه اكد في نفس الوقت أن الاقتصاد لم يوظف كل الطاقات والامكانيات لإحداث معدلات نمو عالية مستدامة تفتح مزيد من فرص العمل وتحقق زيادة أكبر في الدخل القومي.
وأكد أن الاقتصاد يواجه بمشكلة انخفاض العملة الوطنية وعدم استقرار سعرالصرف وتعدده وهي المشكلة الاقتصادية الحقيقية في الوقت الراهن، بجانب الديون الخارجية وأعباء خدمة الدين وبالتالي عجزاً في تمويل المشروعات، فضلاً عن عجز الميزان التجاري لضعف الصادرات، والارتفاع المتذبذب في الأسعار لإرتفاع تكلفة السلع والخدمات، وأضاف رغم الصدمات فالاقتصاد السوداني “يواجه مشكلة ” يمكن أن تحل عبر السياسات والاجراءات.

هجوم على الموازنة المقترحة:
انتقادات طالت المشروع الذي وصف بانه الاسوأ من نوعه، واعتبر النائب المستقل مبارك النور أن المشكلة تتمثل في وجود طاقم اقتصادي فاشل بامتياز، وقال: كل عام تتصف الموزانة بأنها سيئة ولكنها الآن هي الأسوأ من نوعها ومحبطة للشعب السوداني، واضاف “أنا مشفق على البلد والمواطن البسيط”
وطالب النوربالاستعانة ببيت خبرة عالمي لإعداد موازنة السودان، وحل الطاقم الموجود فوراً، وزاد” لكن لابد من إجراء معاينات لمن يمسكون بدفة الاقتصاد” ووصف الطريقة التي يدار بها الاقتصاد بالعشوائية، ورأى أن الميزانية الحالية تؤكد وجود انهيار حقيقي بالقطاع الاقتصادي، واوضح النور خلال تصريحات صحفية إن ما تقدم شيء مخيف للغاية، وأبدى أسفه للنواب الذين قابلوا الخطاب بالتصفيق” وقال: لو سألناهم ما يعرفوا صفقوا لي”وزدا قائلا “الوزراء عندهم شنو عشان يصفقوا ليهم”.
وقال: على المجلس الوطني تشكيل لجنة لإعداد الموازنة حال كان الوقت ضيقاً وإن كان هناك متسع يتم الاستعانة بيت خبرة عالمي، ويعين طاقم جديد بعد خضوعه للمعاينات حسب وصفه.

البرلمان: سارة تاج السر
صحيفة الجريدة

تعليق واحد