زاهر بخيت الفكي

ماشة بينا وين الحكومة دي..؟

حبوبتنا إمامة بت ود الدغور عليها رحمة الله إمرأة من الزمن القديم الجميل كانت ترعانا جميعاً بمودة وحنية لو وزعوها على حبوبات هذا الزمان لكفتهُنّ وفاضت عليهُن ، يتوسّط منزلها القرية ولابُد لنا من المُرور بالقُرب من دارها ما إن تسمع حركتنا حتي تخرُج إلينا مُتسائلة هوي يا الجنيات ماشين وين ..؟
سؤال نتوقعه كُلّما مررنا بدارها نرُد عليها أحياناً ونزوغ منها في أحايين كثيرة..
سألتنا يوماً سؤالها المُعتاد فأجبّناها بأنّنا ماشين نَشَرِك للسمك..
ثارت فينا عليها رحمة الله وخرجت إلينا تمنعنا من الذهاب خوفاً علينا من الغرق ، لم نلتفِت لثورتها ولم نأبه لحديثها وعندما رأت إصرارنا على الذهاب صاحت فينا قائلة ..

خلاص كان قبضتو ليكم شئ جيبو لي معاكم سميكات..
ظللنا نسأل في حكومتنا وين ماااااشة وليتها أجابت..
خشينا على أنفسنا من الغرق ، والإبحار في لُجة السياسة العميقة يحتاج لأدوات لا تمتلكها ولم تسعى جادة لامتلاكها والعمل بها..
غابت الخُطط الاستراتيجية المُستقبلية (الحقيقية) ، لا أعني تلك الشعارات والمُلتقيات والمؤتمرات المتعوب عليها خصماً على واردات خزينة اتخذتها العنكبوت ملاذاً آمنا للتكاثر وبناء البُيوت ، مؤتمرات كثيرة عقدتها الإنقاذ للأسف توصياتها (مرمية) في إدراج الساسة أو رُبما ذهبت بها سيارات النفايات (العدم) عندما كانت تعمل لاعدامها في مكبات القمامة..

عن المؤسسية وعن اللسان الرسمي للدولة وعن الدُبلوماسية الفاعلة نسأل والكُل يُصرِح ويُقرر ويتحدث عن السودان البلد المعلول بساسة أبحروا بنا بليلٍ شديد السواد في بحرٍ عميق من الصراعات تتلاطم أمواجه وتتباعد سواحله بحجة إنقاذنا ، لم يستطيعوا أن يُنقذونا ويصلوا بنا إلى سواحل آمنة كما فعل غيرنا بشعوبهم وقد أوصلتهم خططهم ومؤسساتهم وفشل ساستنا في الوصول بسبب عدم المؤسسية وغياب الرؤى والخُطط المُستقبلية وفشلوا كذلك في العودة بنا إلى حيث وجدونا وبيننا والغرق والفناء رحمة ربنا الكبيرة بنا..

زهدنا في سميكات تجود بها حكومتنا علينا ولم نعُد ننتظِر منها شيئاً وفقدنا حتى مجرد العشم الذي انتظرته منّا حبوبتنا ونحن أطفال صغار لم نبلغ بعد سن الرشد التي لم تبلغها حكومتنا رغماً عن سنواتها الطوال ، قفز من سفينتها الكثير من رُبانها واختارت المنية منهم من شاءت وما زال بعضهم باقٍ يُصر على الإبحار لا يخشى على نفسه ولا علينا من غرق بلا شك آت ورُبما يُدندِن بعضهُم سراً برائعة نزار قباني لو أنّي أعرِف أنّ البحر عميقٌ جداً ما أبحرت ونُردد بأعلى الصوت مع النور الجيلاني يا ملاح الفجر لاح عدي بينا يا مراكبي..
شرَقَت بنا حكومتنا وغرَبت وظلت تدور مع شيمة الصراع العاتية حتى أصابنا الدوار والغثيان من عدم سيطرتهم عليها وما عارفين ماشة بينا وين..
والله وحده المُستعان..

بلا أقنعة – زاهر بخيت الفكي
صحيفة الجريدة

‫2 تعليقات

  1. ماشه بينا المقابر توش كل واحد يدفع ثمن الكفن والحنوط والا سيتم قبره عاريا وبدون غسل

  2. الحكومة ماشه بينا المقابر توش كل واحد يدفع ثمن الكفن والحنوط والا سيتم قبره عاريا وبدون غسل