زهير السراج

دون (كِيس)ــ وت !!


* ترواحت هضربة سدنة النظام الفاسد من رد الفعل الجماهيرى الغاضب على غلاء المعيشة الطاحن، بين تهديدٍ بقطع الرؤوس واتهامٍ للناس بضعف الايمان بغرض تبرئة أنفسهم من تهمة الخراب الذى يفتك بالبلاد، وتصوير أن مبعثه هو ابتعاد (العبيد) عن طريق الإيمان، معتقدين أن سيوف الخشب التى يرفعونها فى الهواء، والإدعاءات السخيفة التى يتفوهون بها ترهب الناس، وتلجمهم عن الوقوف فى وجه السلطان الجائر الذى يعيث ظلما وفسادا فى البلاد منذ ثلاثين عاما، ويطيح بها الى هاوية سحيقة بفساده وظلمه ونهبه للبلاد وبيعها فى سوق النخاسة الدولى لمن يدفع أكثر!!

* انضم أخيرا الى ركب الكروش المتضخمة والروائح الكريهة والألسنة الطويلة، المعارض السابق والمنافق الحالى المدعو (حسن اسماعيل) رئيس المجلس الأعلى للبيئة بولاية الخرطوم، الذى يبدو أنه قد أعجب بحملة السخرية والنقد اللاذع التى شملت كل المواقع الإلكترونية ووسائط التواصل الاجتماعى السودانية، ضد نائب عمر البشير (حسبو) بسبب تصريحاته بقطع رؤس المعترضين على اوامر نظامهم الفاسد، فأراد تقليدها ليناله من رضاء سادته جانب، ويحظى بالمزيد من حطام الدنيا الزائل، والتمرغ فى فراش الباطل، فامتشق سيفه الخشبى، وأخرج لسانه يهدد (بقطع الرقاب)، وتطبيق القانون (بيد من حديد)، وذلك على خلفية مصادرة السلطات لكمية من أكياس البلاستيك دون سمك (60 ميكرون) من الاسواق لمخاطرها على البيئة .. !!

* كنا والله سنصفق له، ونشد من أزره، فليس منا من لا يعلم مخاطر الأكياس البلاستيكية على البيئة وصحة الناس، ولكنه آثر أن يترك الناس يموتون بالآلاف بسبب البعوض والذباب والحشرات، والمعاناة التى تتسبب فيها بتهيئة البيئة المناسبة لها للتوالد والتكاثر ونقل الأذى والأمراض الفتاكة، وعدم مكافحتها بالوسائل المعروفة كالنظافة والرش بالمبيدات وردم البرك ..إلخ، وجرى وراء الأكياس، مدعيا انه يحمى بذلك صحة الناس والبيئة، مستلا لسانه الطويل وممتشقا سيفه الخشبى، مهددا بقطع الرؤوس، والضرب بآيادى الحديد، وشن الحرب الشعواء على المخالفين لحملته الكيسية، وإنه والله لأمر مضحك وملهاة سوداء تذكرنا بالفارس الإسبانى المتجول (دون كيشوت) الذى يحارب طواحين الهواء فى رواية الكاتب الروائى الشهير (ميغيل دو سيرفانتس)، التى يسخر فيها من ظاهرة البطولة الزائفة، والعدالة المموهة، والحقارة الإجتماعية، والنفاق الذي رفع الدساسين والغشاشين والمتملقين الى مرتبة النبلاء والحكام، واستخدامهم لوسائل زائفة للتظاهر بمحاربة الفساد والمفسدين!!

* غير أن الفرق بين الاثنين، ان (دون كيشوت) الأسبانى كان يحارب طواحين الهواء، أما السودانى فيحارب أكياس البلاستيك باعتبارها مصدر الخراب والموت، بينما يهيئ البيئة القذرة لتكاثر البعوض والذباب والآفات الضارة لتفتك بالناس، ويظن أو يخدع نفسه، أو يحاول خداعنا، بأنه يفعل الصواب، فاستحق بجدارة لقب دون (كيس)ـ وت !!

* ليقل لنا رئيس المجلس الأعلى للبيئة بولاية الخرطوم السيد (حسن كيس) الشهير بحسن إسماعيل، ما جدوى محاربة أكياس البلاستيك، بينما تستقبل مقابر ولاية الخرطوم آلاف الموتى كل يوم بسبب الملاريا والتيفود والنزلات المعوية وميكروبات القذارة والبيئة القذرة، والبعوض والذباب، وهو يقف ممتشقا سيفه الخشبى ومستلاً لسانه الطويل، مهددا ومتوعدا بقطع رقاب صانعى وبائعى اكياس البلاستيك فى عاصمة البلاد التى صارت بفضل مَن قفزوا الى السلطة فى يوم حالك السواد، وعاثوا فسادا فى الأرض، أضخم (كوشة) فى العالم، فى أسوأ دولة فى العالم، يحكمها الفاسدون والمنافقون والمتملقون!!

مناظير – زهير السراج
صحيفة الجريدة


تعليق واحد

  1. فعلا حسن كيس، بس هو يستحق عن جدارة اسم حسن كيس الزبالة لأنه فعلا زبالة