تحقيقات وتقارير

المنافسة ومنع الاحتكار.. قانون بلا صلاحيات

أجاز مجلس الوزراء في 2009م قانون المنافسة ومنع الاحتكار وبموجبه تم تكون مجلس المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية في العام 2013م والذي يقوم بمهام وواجبات كثيرة إضافة الى السلطات والصلاحيات من أهمها التأكد من أن المنافسة في جميع الأنشطة الاقتصادية مهيأة ومتاحة وليس هنالك احتكار يضر كثيرًا بالمستهلك، وجميع الأطراف التي يمكن أن تستفيد من سلعة أو خدمة، المجلس تم تكوينه منذ العام 2013م ومنذ ذلك الوقت مارس نشاطه بداية بمحاولة نشر ثقافة المنافسة وشرح قانون المنافسة ومنع الاحتكار في الولايات والمركز.

بالرغم من شروع الدولة في اتخاذ العديد من الإجراءات لضبط الأسواق من بينها قانون المنافسة ومنع الاحتكار إلا أن الاحتكار ما يزال ماثلاً وتتم ممارسته، وبحسب خبراء اقتصاديين فإن انعدام المنافسة والقصور الذي لازم تطبيق سياسة التحرير الاقتصادي شجع بعض القائمين على أمر التجارة لارتكاب الكثير من التجاوزات بحق المستهلك علاوة على عوامل اقتصادية معقدة تداخلت وعملت لإبقاء الحال على ما هو عليه أفرزت عن وجود شركات ومنشآت تحاول أن تحقق أرباحاً عالية على حساب المستهلكين.

مجلس بدون مهام

القانون الذي بصم عليه نواب المجلس الوطني في 2009م والذي أوكلت مهام تطبيق لوائحه على مجلس المنافسة ومنع الاحتكار في 2013م لم يتمكن المجلس من إنزال بنوده الى أرض الواقع لعدة أسباب متمثلة في أن المجلس ليس له مقر ثابت يعين موظفيه الذين لا يتجاوز عددهم أعضاء خمسة لأداء مهامه بالصورة المطلوبة، فضلاً عن أن عدد منسوبيه يعتبر قليلاً مقارنة بالأعباء والواجبات التي ينبغي أن يقوم بها، بجانب ضعف الإمكانات المتاحة مقارنة بالمجالس الأخرى، وحاجته الى باحثين مؤهلين لإجراء دراسات لمعرفة الخلل الموجود في المنافسة في السوق وليس انتظار الشكاوى التي ترد إليه، وأيضاً يعاني المجلس من الاستقلالية المالية بالرغم من وجود ميزانية للمجلس، ولكن المجلس ليس له حساب منفصل لينفق على كثير من جوانب العمل، وأيضاً اعتماده على وزارة التجارة في توفير الكادر البشري للمجلس. فالمنظمات تشترط الانضمام إليها والاستمرار فيها بأن تكون هنالك منافسة، فالسودان سعى منذ فترة طويلة للانضمام لمنظمة التجارة العالمية ومن بين الأشياء المهمة لانضمام وجود قوانين ولوائح تحكم المنافسة، وأيضاً السودان عضو في منظمة الكوميسا وبالتالي يحتاج الى أن يكون فاعلاً لكي يستفيد من الكوميسا، فالمجلس له دور كبير يضطلع به.

معالجة كثير من القضايا الاقتصادية بتطبيق قانون المنافسة منع الاحتكار اتجاه شدد عليه رئيس مجلس المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية بروفسير حسن عباس، وأقر لـ(الصيحة) بأن المجلس طيلة نشأته لم يقم بدراسات ميدانية لما يحدث في الأسواق لضعف الكادر الوظيفي فيه، وطالب الدولة بدعم المجلس حتى يتمكن من أداء مهامه التي أوكلت إليه من قبل مجلس الوزراء، مشيراً الى أن القانون به بنود توضح الاحتكار ومهام المجلس في حالة تلقي شكاوى من الجهات المتضررة من الاحتكار الذي يؤدي إلى ارتفاع الأسعار، لافتاً إلى أن المجلس مهامه رصد حركة السوق والمخالفات التي تحدث، مؤكداً أن المجلس ليس بعيداً عن السوق فهنالك ارتفاع في الأسعار، بيد أنه طالب بضرورة التفرقة بين عمل المجلس وجهات أخرى مثل جمعية حماية المستهلك والمواصفات وأيضاً التجارة الداخلية بوزارة التجارة التي تعنى بضبط وتحديد الأسعار.

ويرى الأستاذ المشارك بجامعة المغتربين والمحلل الاقتصادي دكتور محمد الناير بضرورة تفعيل جميع القوانين ذات الصلة بقضية الأسعار ومنع الاحتكار لحماية المواطن البسيط الذي اكتوى بنار انفلات الأسعار خلال الفترة الماضية، داعياً الدولة لتحمل مسؤولياتها وتقوم واجبها في تفعيل القوانين وتنظيم وضبط الأسواق كما فعلت في سياستها التي أدت إلى ارتفاع كبير في المستوى العام للأسعار من خلال موازنة 2018م وما أجيز معها من سياسات مالية ونقدية، وقال إن دور الدولة في ضبط وتنظيم الأسواق ظل غائباً منذ تطبيق سياسة التحرير الاقتصادي 1992م، مطالباً الدولة بدور فعلي وليس مجرد قول. وأضاف أن الفعل ليس بالمراكز التي تقام للبيع المخفض والتي تفتقر لأربعة شروط لتكون فاعلة متمثلة في الانتشار الواسع في المركز والولايات بجانب أن تتضمن قائمة السلع أكبر كمية من السلع وأن تكون الأسعار أقل من السوق بحوالي 25% والاستمرارية، منوهاً إلى أن تجربة البيع المخفض تم تطبيقها من قبل مع الحزم الاقتصادية التي طبقت في السابق، ولكنها تنشأ وتنتهي بنهاية تطبيق الإجراءات، ومنادياً وزارة التجارة بالتنسيق مع الولايات بالقيام بدورها كاملاً في عملية ضبط وتنظيم الأسواق وتفعيل القوانين والصلاحيات الممنوحة بموجب هذه القوانين لخفض الأسعار للمستوى الذي يناسب المستهلك بصورة كبيرة، وقال: يجب تعديل جميع القوانين المحلية التي تتعارض مع متطلبات الانضمام لمنظمة التجارة العالمية لتسهيل انضمام السودان.

الخرطوم: مروة كمال
صحيفة الصيحة