يبدو أن حكومة ولاية الجزيرة، وتحديدا معتمدية المناقل أنجزت برنامج العدل والكفاية، وقضت على مشاكل العطش والتعليم والصحة ولذلك تفرغت لبرامج أخرى لا تقل أهمية، مثل تكريم ندى القلعة، الفنانة المثيرة للجدل والحاصلة على الدكتوراة الفخرية دون وجه حق، ولسان حال الولاية (ما علينا ولا علينا) .
* ندى تم تكريمها من قبل معتمدية المناقل بصورة صارخة وتبجيلها كأنها صنعت عقار لعلاج السرطان الذي تفشى في الجزيرة بكثافة وقضى على أرواح عزيزة. وكانت صورتها وهى تحي الوفود الرسمية في غاية العجب، حيث اصطفوا لها في طابور طويل وهى تصافحهم فردا فردا، بمعية حرسها ولم يكن ينقص المشهد غير السلام الجمهوري، ليكتمل مسرح العبث! وأكثر ما كان مدهشا تلك المبالغة في التكريم والصرف عليه صرف من لا يخشى الفقر، فيما ارتدت الفنانة ثوب وأكسسوارات بألاف الجنيهات، ولا يهمها على ما يبدو الأوضاع الاقتصادية التي وصلنا إليها، وحالات التقشف عند كثير من الأسر المتعففة، وهى بذلك تشجع على البذار والاسراف .
* في ولاية النيل الأبيض قبل عام أيضا كانت تتقدمها التشريفة وهى تتفقد شوارع المدينة بكامل زينتها . وقد صنعت لها حكومة بحر أبيض برنامج مصاحب وتبارى بعض الدستوريين في التقاط الصور معها، وكانت زيارتها للولاية من ضمن الاولويات وحديث الناس، رغم أن الولاية في حاجة لاي مليم وجالون بانزين . !!
* المشهد يتكرر في ولاية الجزيرة، وتدخل ندى مرحلة الحفاوة الرسمية، بعيدا عن التعبير العفوي تجاه الفن، كونها قدوة، نعم قدوة لدرجة أن تقدمها المحلية في ثوب مصلح اجتماعي، تحدث الناس في أمور دنياهم، وتتجلى فيها رمزية الجدارة بالتكريم، حتى الاصطفاف، وتحية جمهورها السياسي، في ولاية فقدت مشروعها الزراعي والحكم الرشيد .
* وهنا يمكنك أن تتساءل : لماذا لم تكرم المحلية العم (ود قنجاري) الذي باع سيارته لتشييد المدرسة التي سقطت جراء الأمطار الأخيرة ، فعل ذلك بنية صادقة وحتى لا يفقد أطفال القرية فرصتهم في التعليم، وكانت بادرة عظيمة من رجل نبيل يساوي حكومة ولاية كاملة، رجله قلبه على البلد والتعليم، وبالرغم من ذلك لم يجد فرصة تكريم على النحو الذي وجدته السيدة القلعة، وهذا كافيا للحكم على تردي الحال هنالك، وغياب العدل في أنزال من يستحقون وتشجيع بودار الخير، بل هو الهروب الكبير من المطالب الملحة .
