اشتكى منها المواطنون أوزان السلع.. غش تجاري يهدد الميزانية
تجار: أغلب الموازين معطلة ولا تعطي الوزن الحقيقي
انخفاض وزن الكيلو جريمة ترتكب في حق المستهلك
صاحب مخبز: وزن الرغيف لم يبارح مكانه وهناك عدم رقابة
اقتصادي: هناك أمم دمرها الله لعدم احترامها الكيل ولابد من (….)!!
نيابة المستهلك: العمل جارٍ لضبط السوق من خلال الحملات المكثفة
دفع عدد من المواطنين بشكاوى حول نقص أوزان بعض السلع الاستهلاكية.. وقالوا لـ(الصيحة) أن الأهم من قرار التسعير الذي أقرته الدولة على السلع هو توحيد الوزن، حيث أصبح الكيلو يساوي (650) جراماً بدلاً من الـ(1000) جرام، والنصف كيلو (300) جرام بدلاً عن الـ(500) الخمسمائة) جرام ووصفو ذلك بجرم كبير يرتكب في حق المستهلك، وحذروا من مغبة الغش التجاري الذي تشهده الأسواق .. الأمر الذي أدى إلى فوضى وعدم ضبط وخلق تفاوت في كافة الأسعار، واتهموا أصحاب المصانع بالعبث والتلاعب في مكاييل المنتجات.
تعطل الميزان
للاقتراب من الحقيقة والتأكد من صحة الشكوى.. قررت (الصيحة) فتح ملف (الميزان التجاري) وحملت أوراقها والكاميرا وخرجت للشارع في جولة استقصائية للكشف عن المستور .. وبدأت التجوال بين المحلات التجارية الواقعة بالقرب من موقع الصحيفة بمنطقة وسط الخرطوم، حيث لا وجود للميزان في بعض الدكاكين والمتاجر التي تعمل على بيع المواد التموينية، واتضح من خلال إفادات لعدد من التجار أن أغلب الموازين الموجودة معطلة تماماً ولا تعطي الوزن الحقيقي للسلع، مما دفعهم إلى الوزن بالتقريب وهذه فلسفة تجارية جديدة يتبعها الكثيرون، السبب فيها عدم الرقابة واهتمام الدولة بمراجعة الميزان في كافة المنتجات الغذائية .
مجرد خدعة
وبحسب ما أشاروا إليه أن الميزان التجاري يشهد خللا كبيراً جداً وبحاجة لمعالجات، ولم يعد (الكيلو أو الرطل أو الأوقية أو الربع والملوة) وغيرها من مواعين الوزن كما في السابق، والبعض يتركه في المحل معطلاً ليخدع به المستهلك، وقال التاجر (عبد القادر الأمين) إن الرطل الذي يساوي (12) أوقية انخفض إلى عشر أوقيات فقط، والكيلو الذي يحمل رطلين ونصف تقلص إلى رطلين وذلك بفعل الغش التجاري المستشري بالبلاد، والذي طال حتى السلع المغلفة التي تأتي من المصانع تحمل أوزاناً غير حقيقية وتباع بأسعار مرتفعة، ولقد رصدت (كاميرا الصحيفة) خلال جولتها تفاوتاً في أحجام وأوزان السلع التي تباع بسعر موحد مثل (الكيك ـ الصابون ـ البسكويت) وغيرها.
الوزن باللتر
في السياق، انحرفت الكاميرا قليلاً نحو أحد المحلات التجارية لبيع الزيوت، وبالسؤال حول الأوزان أخبرنا التاجر (عبد الله أحمد) أنها تختلف من عبوة إلى أخرى وهي تقاس بـ(اللتر) وتختلف في الأسعار، واتفق مع الحديث الذي ذكره التاجر (عبد القادر) فيما يتعلق بوجود خلل في الميزان التجاري، وأضاف دائماً تكون العبوات ناقصة قليلاً من الوزن المتفق عليه، وأضاف أن مسألة التدقيق والتأكد من الوزن عملية مرهقة وسوف تعطل البيع والشراء، وأشار إلى أن الميزان التجاري يواجه مشاكل كبيرة جداً لا يمكن معالجتها بين يوم وليلة في ظل وجود الجشع والطمع والغش، وأن الاختلال طال كل شيء بما في ذلك صناديق الفاكهة والخضر التي يكمل التجار وزنها بالكراتين والورق في ظل تلف بعضها.
سياسة مصانع
ومن داخل متجر بمنطقة الاستاد أجرينا مقارنة بين أوزان السلع المصنعة والتي يتم وزنها داخل المحلات، ووقع الاختيار على عينة (كيس) لبن مجفف وزنه (2) كيلو بسعر (55) جنيهاً، وعندما وزن التاجر نفس العبوة بالميزان الموجود في محله كان السعر (20) جنيهاً، وبسؤاله حول الفرق قال إنه لا يدري، وهذه سياسة مصانع، وأكد وجود أعطال في الميزان وأن بعض التجار يتلاعبون في الوزن من الأوقية الى الكيلو، مشيرا إلى أن متابعة هذا العمل من جهات الاختصاص سوف يستغرق وقتاً طويلاً، وقال: هناك نقص في أوزن السكر لدى تجار التموين، وعدم صرف الخبز وعدم وجود ماكينة صرف داخل المخابز، فحالياً هناك تفاوت كبير في أسعار الألبان المجففة باختلاف المصانع والشركات مع ارتفاع الأسعار، هذا غير التلاعب المستتر الذي لا يُرى بالعين ولا يمكن ضبطه .
الرغيفة ناقصة
من تلك المحلات توجهنا نحو عدد من المخابز الواقعة بمنطقة الحاج يوسف على إثر اتصال هاتفي من أحد المواطنين يشكو من انخفاض في وزن (الرغيف)، وبالطواف على بعض المخابز اكتشفنا تفاوتاً في الأحجام مقابل توحيد السعر المتفق عليه واحد جنيه للعيشة الواحدة، البعض منه خفيف الوزن ولا يكاد يكفي (لقمة)، وكشفت الجولة وفرة في الخبز مع انخفاض الوزن، ويقول أحد المواطنين ـ فضل حجب اسمه ـ إن حجم الخبز لم يطرأ عليه تغيير بالرغم من زيادة سعره، ومن أمام مخبز الوادي امتعض (إبراهيم سليمان) من التلاعب في الأوزان، وحدثنا قائلاً: أصبحت الأوزان قليلة في كل شيء وأن حجم (الرغيفة) أضحى أسوأ مما كان عليه في السابق.
معالجات سطحية
فيما أبدت السيدة (حليمة الطاهر) استياءها من الوضع وقالت: (الرغيفة ما كبرت ولا شي)، ولفتت إلى نقص وزن الكيك المغلف الذي تسوقه المصانع، ودعت لأهمية التحلي بالأخلاق في التجارة والابتعاد عن الاحتيال، وطالبت بمعالجة المشاكل من جذورها وليس من سطحها مع الوضع في الاعتبار أن فاتورة الخبز أصبحت من الفواتير الكبيرة جداً، وأشادت بالدور الذي تلعبه الدولة في حماية المستهلك من خلال الحملات التي أقرتها مؤخراً والتي من شأنها أن تضبط الأسواق والنفوس، وطالبت بضرورة مراجعة الموازين الموجودة في الدكاكين وغيرها من المحلات التجارية لتخفيف العبء على كاهل المواطن الذي يجهل حقيقة وزن ما يقوم بشرائه من التجار .
تحايل قديم
أوزان الخبز الذي يشتريه المواطن اليوم بسعر جنيه لم تتجاوز الـ(40) جراماً، بالرغم من أن الوزن المعلن عنه والذي أقرته الحكومة هو (70) جراماً، كما ذكر (أ ـ ب ) صاحب مخبز الذي قال: (مسألة أن العيشة بجنيه قديمة جداً)، وأن صناعة الخبز تشهد تلاعبا وتحايلاً منذ خمس سنوات ماضية، مؤكداً أن جوال الدقيق بسعره القديم والجديد يقطع (900) عيشة فقط، وأن الوضع لم يتغير والأحجام لم تزد فقط هناك من يعمل على زيادة كمية الخميرة المخلوطة بالثلج لضمان الانتفاخ المؤقت للرغيفة حتى يظهر بأنه كبير الحجم، ولكنه في الحقيقة لم يتعدّ الأربعين جراماً، مشيراً إلى عدم خضوع الأوزان للرقابة من أي جهة كانت، وأضاف أن الحملات القائمة الآن من قبل حماية المستهلك اهتمت بالأسعار وتجاهلت الجودة والأوزان.
أكبر مدمر
ويؤكد عدد من الخبراء أن السودان يأتي في المرتبة الأولى من ضمن الدول التي تعاني من الغش التجاري في الأوزان الذي غزا الأسواق كافة، وأن المستهلك بات في رحمة التاجر، وبحسب إفادة دكتور (بابكر سالم أحمد) الخبير في مجال الموازين، أن عدم مراجعة الميزان التجاري الموجود بالمحلات والتأكد من سلامته أوجد التحايل الذي تشهده السلع في المصانع والدكاكين، ولفت إلى أن أصحاب المصانع لا يعتمدون أدوات معينة لوزن العبوات والسلع، الأمر الذي يحتاج لمراجعة فورية لتصحيح الاختلال الذي أصاب الاقتصاد الوطني والذي سببه الميزان التجاري.
من جانبه اعتبر الخبير الاقتصادي (أحمد مالك ) أن واحدة من أوجه الفساد هو التلاعب في الكيل والميزان، وتأسف لقيام الاقتصاد السوداني على أسس جاهلية ولا يشهد أوزاناً معتبرة.
أسواق فوضوية
وأشار إلى أن عدم الاهتمام بالكيل خلق عجزاً واضحاً في تمليك المستهلك قوت يومه، وأن هناك أمماً دمرها الله لأنها لا تحترم الكيل ولا تراعي العدالة، ويرى أن نقص الأوزان يقود إلى الجوع الأمر الذي يؤدي إلى عدم الأمن الغذائي والذي يأتي بالسرقة والجرائم والانفلات في المجتمع، وأضاف أن الفساد الحقيقي هو فساد الشعب الذي لا يهتم بقضية الأمانة، ولا توجد جهة تراقبه، بالتالي خسرت الدولة الميزان الذي أصبح ظاهرة متفشية، وقد طالت الألبان المغشوشة التي أصبح يضاف إليها الأرز المسحون والمضادات الحيوية لزيادة وزنها، والغاز الذي تشهد أسطواناته نقصاً حاداً في الوزن ولا يكفي خمسة عشر يوماً، والجازولين وغيرها الكثير، وأكد افتقار الحكومة لأدوات الرقابة والتحكم في السوق الذي أصبح عبارة عن (سوق فوضوي ) وغير منظم.
غش في الوقود
وما زال الحديث لـ(مالك) الذي لفت إلى وجود تلاعب في العداد المخصص لوزن الوقود بالطلمبات، حيث إن (9%) من المكينات معطلة ولا تظهر الوزن الحقيقي للسلعة، وأشار إلى طلمبات بعينها لم يسمها تقع في محلية الخرطوم تستخدم وقوداً رديئاً ورائحته كريهة ومنتهي الصلاحية، ولا يلتزم العاملون فيها بالعداد، وأفاد خلال حديثه لـ(الصيحة) أن أكبر مشكلة تواجه الاقتصاد وساهمت في تدميره التلاعب في موازين العملة، حيث أن الحكومة تلاعبت بالعملة وقامت بصناعة أموال بدون إنتاج، الأمر الذي أدى إلى انخفاض سعرها في أسواق العملة العالمية ولم تكتف بذلك بل أخذت أموالاً بدون وجه حق وقامت بأعطائها لناس لا عمل لهم مثل البرلمانيين والدستوريين والوزراء البالغ عددهم ثلاثة آلاف وجميعهم بلا شغل ويأخذون أموالاً في (الفاضي) حسب ما ذكر.
إيجاد المؤسسية
وطالب (مالك) بمراجعة الميزان التجاري المفتقد للمؤسسية، إلى جانب إعادة الهيكلة وإعادة الأدوار لوزارة التجارة كما كان في السابق لتصبح وزارة للتموين مع تعيين مهنيين ومختصين وليس سياسيين، بالإضافة إلى جعل هيئة المواصفات مستقلة بذاتها دون أن تتبع لأي جهة حتى ولو كانت رئاسة الجمهورية، وأن تتوفر لها الأموال اللازمة دون الاعتماد على وزارة المالية وغيرها، ولابد أن تفعل مؤسسات الرقابة وأن يرجع التعاون من جديد وأن تكون السلع الاستهلاكية في يد الحكومة وإخراج الشركات التي تتحكم في السلع من الساحة، وإعادة الهيكلة بالنسبة للإدارة الاقتصادية كافة، مع عدم تدخل رئاسة الجمهورية وأن تتولى وزارة المالية مسؤولية المال العام وأن يكون المال في بنك السودان. واتفق الخبير الاقتصادي (إبراهيم الصادق) مع ما ذكره (مالك) مؤكداً وجود فوضى عارمة في الميزان وطالب بإعادة النظر في سياساته، مع تفعيل الموازين والقضاء والتفتيش ليلعب دوره أكثر مما هو عليه.
ضبطيات بالكوم
مباحث حماية المستهلك ولاية الخرطوم واحدة من الجهات المنوط بها حماية المستهلك، ومحاربة الغش التجاري ومراقبة الأوزان توجهت إليهم باستفسار حول دورهم حيال الظاهرة، حيث أكد العميد (نزار عبد الرحمن) رئيس دائرة حماية المستهلك خطورة الظاهرة ودورها في انهيار الاقتصاد وأفاد (الصيحة) أن الإدارة قامت بضبط كمية من المخالفات في أوزان السلع خلال الأيام الماضية، وتم ضبط كمية من السكر والزيت ناقص الوزن وتمت محاكمة المتلاعبين في الأوزان وفقًا للقانون، وأضاف أن الإدارة تمكنت من ضبط محلات تعبئة عشوائية ومخالفة للمواصفات والجودة واتخذت ضدها الإجراءات اللازمة كما تم اتخاذ الإجراءات تجاه المخابز المخالفة للأوزان مؤكداً استمرار الحملات التفتيشية لإزالة التشوهات كافة.
تأخر الرد
وحتى تكتمل الصورة خاطبت الصحيفة الهيئة القومية للمواصفات والمقاييس الجهة المنوط بها تحديد الأوزن ومواصفات السلع، لمعرفة الدور الذي يقومون به في هذا الجانب غير أن مسؤولي الإعلام طلبوا بترك رقم الهاتف إلى حين الاتصال علينا والرد على الاستفهامات المرفقة بالخطاب وحتى اليوم لا (خبر ولا جواب).. ولكن اتضح من خلال الإفادات السابقة أن الأوزان ما زالت تشكل مشكلة وخميرة عكننة تؤرق المستهلك ويجب محاربتها والقضاء عليها عن طريق المراجعة والمتابعة وتفعيل القوانين والقضاء.
تحقيق: إنتصار فضل الله
صحية الصيحة
يجب و سوف و لكن و لابد و ….. الخ ملخص المقال لا يوجد حل الا باسقاط الطبقه الفاسده و هذا مستحيل على هذا الشعب الفاسد نفسه اما عودة الاستعمار او هجره جماعيه شامله لكل من يريد المحافظه على نفسه السليمه من هذا البلد و ترك الفاسديدن في فسادهم و يسخطهم الله او يرجمهم لوحدهم