الطيب مصطفى

تحرير سعر العملة واجب المرحلة

لم اقتنع البتة بالمسوغات التي ساقها الأخ علي محمود رئيس اللجنة الاقتصادية بالبرلمان وهو يرد على المصرفي المخضرم صلاح أبو النجا في معرض رده على دعوة الأخير إلى تحرير سعر العملة.

ما تجادل فيه أبوالنجا وعلي محمود حدث خلال الندوة التي أقامها منبر السلام العادل خلال الأسبوع الماضي ولعل أكبر ما دعم حجة أبوالنجا لتحرير سعر الصرف أن الجنيه المصري لم يثبت بل وينخفض سعره إلا بعد أن حُرر سعر الصرف تماماً .

العجب العجاب أن الخبير الاقتصادي د.الناير الذي شارك في الندوة اعتبر ما حدث مؤخراً تحريراً جزئياً الأمر الذي يدعو إلى التساؤل : لماذا لا يُصار إلى التحرير الكامل؟!

بالله عليكم ما الذي يدفع الناس إلى تهريب الذهب الذي كشف وزير الصناعة موسى كرامة أن انتاجه خلال العام الماضي بلغ (250) طناً وليس كما أعلنت وزارة المعادن أنه (100) طن فقط؟

المُدهش والمُثير أن موسى كرامة تجرأ ليقول إن معظم تلك الكمية هُرِّبت عبر مطار الخرطوم، فبالله عليكم هل من دليل على أن الفساد بلغ العظم بل نخره نخراً؟!

لو كان سعر العملة محرراً لصب كل ذلك المورد الهائل في خزانة الدولة ولما حدث عجز في الموازنة فالذهب وحده بدون أي مورد آخر كان كافياً لكبح جماح الدولار ولإنهاء الأزمة التي جعلت الدولار يتصاعد بتلك الصورة المجنونة التي زادت الأسعار بذلك النحو الغريب.

التحرير كما شرحه أبوالنجا يعني أن يكون هناك سعر واحد وليس سعراً لدولار القمح وسعراً لدولار الذهب وسعراً لدولار الدواء وإذا كانت الحكومة ترغب في دعم السلع فينبغي أن يكون الدعم بالجنيه السوداني من وزارة المالية وليس عن طريق الأسعار المتعددة التي يحددها بنك السودان وينبغي أن يُحدد السعر عن طريق السوق وفقاً للعرض والطلب وليس عن طريق بنك السودان.

الحجة الوحيدة التي ساقها على محمود أنه إذا حررنا السعر فإن ديون البنوك والمؤسسات الدولية على السودان ستكون ثقيلة بسعر (35) جنيهاً مثلاً للدولار فسألته : ماذا كنت ستقول قبل عام مثلاً عندما كان السعر الموازي للدولار (10) وكان السعر الموازي ضعف ذلك المبلغ تقريباً وماذا ستقول إذا وصل السعر الموازي – كما تنبأ عبدالرحيم حمدي – إلى (50) جنيها للدولار أو أكثر من ذلك؟

العكس هو الصحيح ذلك أن التحرير سيخفض السعر الموازي إلى المدى الذي يريده بنك السودان وفقاً لمصلحة الاقتصاد السوداني.

المعضلة الوحيدة تتمثل في وجود وديعة أو مبلغ دولاري كبير (cushion) أو مخدة يستلقي عليها الجنيه لمواجهة الإنفلات الذي ربما يعقب التحرير وبما أن هناك بشائر بإيداع ودائع ضخمة بالعملة الحرة من بعض دول الخليج كما أفاد محافظ بنك السودان فإن من شأن ذلك أن يقدم المخدة المطلوبة ريثما يستعدل الدولار ويثبت سعره في مدى زمني لن يزيد عن شهر على الأكثر كما دلّت تجارب بعض الدول التي حرّرت سعر العملة.

ليس الذهب وحده بحجمه الذي تحدث عنه موسى كرامة هو الذي سيدخل الخزانة العامة في حالة التحرير بل يمكن أن يُحفظ جزء منه بدلاً من أن يباع ليكون ضماناً لتمويل مشروعات التنمية إنما سيتوقف المغتربون عن السوق الموازي سيما إذا أضيف إلى السعر المحرر ولفترة محدودة أي حافز إضافي مثل إعفاء السيارة من الجمارك أو غير ذلك.

المصدرون لن يلجؤوا في حالة تحرير السعر إلى التهرب من إيداع أموالهم من خلال الاحتفاظ بجزء من العملة الأجنبية (تحت التربيزة) لبيعها بالسوق الموازي لأنه لن يكون هناك سعر موازِ.

أبوالنجا أكد أن سياسة تحرير سعر الصرف جُرّبت من قبل في السودان ونجحت نجاحاً منقطع النظير ولولا عدم الاستقرار السياسي لاستمرت إلى يوم الناس هذا.

الأخ علي محمود عندما احتدم الجدل اقترح أن تقام ورشة يدعى لها الخبراء أمثال د. صابر محمد حسن ود.حسن أحمد طه وحمدي وأبوالنجا وغيرهم لمناقشة الأمر ومن ثم تلبي التوصية التي تخرج بها الورشة.

أني لأدعو الأخ علي محمود لعقد الورشة التي اقترحها وبصورة فورية فهو الأحق بتلك المبادرة.

الطيب مصطفى
صحيفة الصيحة

‫2 تعليقات

  1. غريبه ما كتبت العنوان ما بين ابوالنجا ومحمود انت صحفي متخصص في المجال السياسي ولا الاقتصادي ولا انت بتاع كلو زي المصريين سبع صنايع والبخت ضايع