رفع السعر التأشيري للدولار.. (المركزي).. مُكره أخاك لا بطل
الناظر لسوق النقد الأجنبي والضوابط الصادرة بشأنه، يلحظ بوضوح تحركات بنك السودان المركزي العديدة خلال الآونة الأخيرة، وما ذاك إلا لانفلات السوق الموازي وتصاعد أسعار صرف الدولار لمستويات قياسية لم يسبق له مثيل.
ولعل آخر ما صدر عن البنك المركزي (خزينة النقد الرئيسية في البلاد) هو تعديل السعر التأشيري لصرف الدولار مقابل الجنيه فبدلاً عن (18) جنيهاً كسعر تأشيري بات السعر الجديد (31.50) جنيهاً مقابل الدولار، بينما النطاق الأعلى (30) جنيهاً، والأدنى (28.50) جنيهاً.
فماذا يعني رفع السعر التأشيري، وهل تعتبر الخطوة اعترافا ضمنياً بملاحقة المركزي للسوق الموازي مكرهاً، بلا حول منه ولا قوة، أم أن الإجراء من شأنه كبح جماح الموازي الذي لا يخضع أحياناً لأي منطق اقتصادي؟
مبررات
مبررات البنك المركزي التي أصدرها المحافظ على استحياء لم تحو كثير تفاصيل القرار، ولم تزد المبررات عن قوله بأن البنك المركزي بصدد مراجعة سعر الصرف التأشيري لمنح عوائد مجزية للمصدرين، مؤكداً سعي المركزي لجذب المزيد من السيولة داخل الجهاز المصرفي والعمل على تنشيط نقاط البيع والخدمات المصرفية الالكترونية.
لكن خبراء ومختصون يرون أن القرار لم يكن سوى خطوة لتجسير الفجوة بين السعر الرسمي والسعر الموازي الذي تصاعد لما يفوق الأربعين جنيهاً مرشحة للاستمرار في التصاعد وتدعم ذلك الوقائع الماثلة على الأرض.
قرارات (مركزية)
خلال لقائه أمس الأول (الأحد) بمديري عموم المصارف قال محافظ البنك المركزي، حازم عبد القادر إن البنك سيقوم بمراجعة ضوابط الاستيراد لترشيد استخدام النقد الأجنبي، وذلك بإلغاء الاستيراد بدون تحويل قيمة وتقييد استخدامات الحسابات الحرة والموارد الذاتية بمنع الاستيراد عبرها مع السماح بتغذية الحسابات الحرة من المصادر المختلفة حسب ما هو متبع.
مشيراً لضرورة التعاون والتنسيق بين البنك المركزي والمصارف التجارية لحسن استغلال موارد النقد الأجنبي من حصائل صادرات البلاد وتوجيهها لمقابلة واردات الاحتياجات الأساسية من السلع الضرورية ومدخلات الإنتاج الزراعي والصناعي.
وشدد المحافظ على ضرورة قطع الطريق أمام تسرب موارد النقد الأجنبي لتغذية نشاط السوق الموازي مؤكداً في رسالة تطمينية بأن الحسابات بالنقد الأجنبي وودائع العملاء بالنقد الأجنبي بالمصارف ستظل بالبنوك من دون تغول عليها.
مشيراً إلى أن البنك المركزي سيربط عمليات الاستيراد بموافقته المسبقة، منوهاً إلى أن بنك السودان المركزي سيقوم بمراجعة مستندات الاستيراد بالمصارف التجارية.
وطالب مديري عموم المصارف بضرورة التأكد من موثوقية العميل وأهليته للتصدير لضمان عودة حصائل الصادر حتى لا تفقد البلاد ملايين الدولارات، ضارباً المثل بتجربة الشركات المحظورة.
تجسير الفجوة
يقول نائب رئيس اللجنة الاقتصادية بالبرلمان د. بابكر محمد توم، لـ(الصيحة) بأهمية وجود سعر تأشيري يتسق مع حركة السوق حتى ولو كان السوق الموازي. مشيراً إلى أن تصاعد أسعار الصرف مؤخراً حتم على المركزي التحرك برفع السعر التأشيري بغية تقليل الفجوة بين (18) جنيهاً للرسمي وأكثر من (40) جنيهاً للموازي.
منوهاً للفروقات الشاسعة بين الرقمين وكلاهما يمثل صرف سعر لعملة واحدة. عازياً قرار المركزي برفع السعر التأشيري لاتساع الفارق بين السوق الموازي والسعر الرسمي.
ورغم قول بابكر أن الصحيح هو أن يكون السوق الموازي تابعاً للسعر الرسمي، نجده أقر بأن سياسة البنك المركزي خلال الفترة الماضية لم تؤدِ غرضها في تقليل الفارق بين السوق الموازي والسعر الرسمي، ولذا تراه طالب بتفعيل الحوافز التي حوتها مناشير التعامل مع النقد الأجنبي لتحجيم السوق الموازي.
جذب موارد
يرى الخبير المصرفي، د. عادل عبد المنعم، أن قرار المركزي برفع السعر التأشيري قصد منه جذب موارد القطاع الخاص والعملاء نسبة للبون الشاسع بين فرقي السعر الرسمي والموازي. وقال لـ(الصيحة) إنه لا مناص أمام البنك المركزي من تجسير الفجوة بين فرقي السعر لإحداث شيء من الاستقرار الاقتصادي. منوهاً إلى أن احتفاظ المركزي بسعر (18) جنيهاً للدولار سيبدو إجراء طارد لكل متعامل ولن يجد من يقبل بهذا السعر في وقت يعرض فيه السوق الموازي أكثر من ضعف السعر. وعليه طالب عبد المنعم بتطبيق السياسات التي تحفز جذب العملاء وإكسابهم الثقة في التعامل مع النظام المصرفي.
عدم استقرار
بالنظر لمأزق العملة والدولار، فهو ليس جديداً، لكن ما حدث هو تصاعد لمعطيات، يشير مختصون إلى أنها موضوعية ومن صنع الحكومة أو بعلمها في أيسر الأحوال، بينما تقول الحكومة ومواطنون إن أسباب تصاعد العملة (نفسية) ليس إلا.
الثابت أن عدم استقرار سعر الصرف ظل على مدى سنوات من أكبر التحديات التي تواجه الاقتصاد السوداني منذ انفصال الجنوب، لتصبح القضية الأساسية استقرار سعر صرف الجنيه مقابل العملات الأجنبية وليس خفضها. فأي تذبذب في أسعار العملات الأجنبية بجانب أسعار البضائع الموجودة في الأسواق، يؤثر سلباً وإيجاباً على المستهلك، خاصة وأن البلاد تشهد منذ العام 2002م تضخماً وارتفاعاً مستمراً في الأسعار.
الثبات
زادت التكهنات خلال الأسابيع المنصرمة باتجاه البنك المركزي لتعويم الجنيه ولو بصورة جزئية. غير أن خبراء قللوا من جدوى الخطوة خاصة أن تحرير سعر الدولار لا يعمل على انخفاض سعره وإنما يحدث الانخفاض في حال زيادة الصادرات وتقليل الواردات، وبالتالي التأثير إيجاباً على معادلة سعر الدولار.
قائلين بأن سعر الدولار من الناحية العلمية يجب أن يكون مستقراً وليس منخفضاً أو مرتفعاً بجانب استقرار الأسعار وهذه الحقيقة التي تقوم عليها السياسات الاقتصادية التي تتضرر من ارتفاع الدولار لتأثيراته البائنة على الأسواق الداخلية، كما تتأثر بانخفاض سعره نتيجة الإضرار بالصادرات.
وبالتالي تحتاج الحكومة وطاقمها الاقتصادي لمن يذكرها – وهي بطبيعة الحال سيدة العارفين – أن السياسات الاقتصادية الصحيحة والمثالية هي استقرار سعر الصرف، أي الاقتصاد المستقر وأن ضمان استقرار سعر الصرف يؤمن استقرار الأسعار للمصدرين والمستوردين.
الخرطوم: جمعة عبد الله
صحيفة الصيحة
من اكبر الاخطاء الاعتماد على المسكنات التى تطيل من عمر الازمة وتعمقها بشكل يستحيل معه السيطرة عليها ومعالجتها علاج جذرى
فالتدخل الجراحى الذى تهابه الحكومة قد فات اوانه وهى الان تدفن راسها فى الرمال
فتجفيف السوق من السيولة والمحاربة العشوائية لتجار العملة لن تلجم جموح الدولار
واحتكار الذهب والغاء دور المصدر الوطنى وقصر الصادر على بنك السودان هذه القرارات لا بد من التحوط لمعالجة الاثار السلبية التي تنجم عنها فعندما تكون حصيلة الصادر مثلا خمسة مليار دولار والحوجة للاستيراد الضرورى عشرة مليار دولار فكيف تستقيم المعادلة عندها
ان هذه المحاولات البائسة عبارة عن فرفرة مذبوح ليس الا وقد ازفت الازفة