الحكومة تمسك (جوالاته).. استيراد القمح.. جعجعة أم طحين!
في خطوة مفاجئة، عاودت الحكومة يوم (الثلاثاء)، استيراد القمح عقب إسناد المسألة للقطاع الخاص منذ فترة بسيطة، لم تتجاوز الشهرين إلا بأيام قليلة. واستنت الحكومة منذ مطلع العام الجاري، سياسية تقضي بخروجها من أسواق القمح، وإيكال أمر استيراده للقطاع الخاص بالكلية. وكانت وزارة المالية أعلنت في موازنة العام 2018م تحرير استيراد القمح وإفساح المجال للقطاع الخاص لاستيراده، قبل أن تتراجع عن القرار. فما دواعي هذا التراجع؟ وما أثره على سوق الدقيق؟ وهل يستفيد المواطن شيئاً من الخطوة؟
لا فرق
الناظر إلى القرار الأخير لن يرى فروقاً تذكر بين استيراد الحكومة أو القطاع الخاص للقمح. وإن وجد فرق فقد كان في السابق إبان دعم الحكومة للسلعة، لكنها رفعت يدها كلياً عن دعم القمح بموجب موازنة 2018م. وهنا يلزم التذكير بأن لا تعني تحريراً للقمح فهو محرر مسبقاً، لكنها مسألة ذات أبعاد أخرى نبينها في فقرات لاحقة طي هذا المكتوب. ولكن من أسئلة تنفذ إلى جوهر المسألة خاصة بكيفية طحن الحكومة للقمح المستورد، وهل ستستعين بمطاحن القطاع الخاص؟ وهل الأخير سيتقبل الأمر؟ ولا تقوم هذه التساؤلات على فرضيات فهناك حادثة رفض مطاحن القطاع الخاص طحن القمح التركي الذي استوردته الحكومة إبان عهد وزير المالية السابق بدر الدين محمود.
الحفاظ على الدولار
يقول مختصون وخبراء إن المغزي من إقدام الحكومة علي تولي الاستيراد هو رغبتها في التحكم في موارد النقد الأجنبي، وما هو معلوم بالضرورة أنه ما من مأزق تعانيه الحكومة راهناً يوازي مأزق النقد الأجنبي وتصاعد أسعار الصرف مقابل الجنيه، فاهتدت الأخيرة لما تراه حلاً يحكم قبضتها على سوق النقد الأجنبي. وما يدعم مصدقية هذا القول هو تأكيد رئيس اللجنة الاقتصادية بالبرلمان علي محمود المنطوي في قوله (استيراد القمح والمشتقات البترولية يحوز 70% من موارد النقد الأجنبي).
تراجع
قال رئيس لجنة الشؤون الاقتصادية بالبرلمان وزير المالية الأسبق علي محمود، في تصريحات صحفية أمس، إن الحكومة أبلغت لجنته عزمها تولي استيراد القمح، واستيراد كميات كبيرة من المواد البترولية. منوهاً إلى أن استيراد القمح والبترول يمثلان نسبة “70%” من الطلب على النقد الأجنبي، وأكد أن استيراد القمح والبترول بواسطة الحكومة يسهم في خفض ارتفاع العملات الأجنبية مقابل الجنيه. وقال “هذا الأمر أفضل من إعطاء الموردين عملة محلية للاستيراد لجهة أنهم يعتمدون على السوق الموازي لتحويل الجنيه لعملات أجنبية بغية الاستيراد”. وأوضح، في الندوة التي عقدتها لجنته بالبرلمان بحضور وزارة المالية والبنك والمركزي وخبراء لمعالجة أزمة سعر الصرف، أن جزء من الأزمة يتعلق باستيراد جزء كبير من القمح وترك الباقي للقطاع الخاص واستيراد المواد البترولية والبحث عن قروض سلعية وودائع نقدية، إضافة لقرار احتكار تصدير وشراء الذهب للبنك المركزي والذي من شأنه توفير فوائض من النقد الأجنبي وتخفيض الطلب عليه.
أرقام
على وجه التقريب بلغ حجم الاستثمارات في صناعة الدقيق بالبلاد نحو “2” مليار دولار بطاقة تصميمية تجاوزت “7.3” مليون طناً في السنة في الوقت الذي لا يتجاوز فيه الاستهلاك المحلى الـ 2 مليون طن خلال العام، فيما بلغ إنتاج البلاد من القمح العام الماضي 779 ألف مما ساعد على خفض فاتورة الاستيراد التى تراجعت من 2.34 مليون طن في العام 2013م إلى 1.96 مليون طن العام الماضي بقيمة متراجعة من 6 مليارات دولار كأعلى قيمة لاستيراد القمح والدقيق إلى 736 مليون دولار العام الماضي. ويرتفع استيراد الدقيق سنوياً بزيادة الاستهلاك من 27 ألف طن 2013 إلى 609 ألف طن عام 2016م. وتراجع استيراد القمح من 2.3 مليون طن عام 2013م إلى 1.34 مليون طن عام 2016م، وبالرغم من تغير الأرقام وأسعار السوق العالمي فإن المؤشرات تشير إلى أن السودان يستورد قمحاً بواقع 247 يورو للطن بينما استيراد الدقيق يتم بواقع 360 يورو للطن.
تغييرات
الناظر لسوق الدقيق بالسودان يلحظ أنه حدثت فيه متغيرات كبيرة خلال العامين الأخيرين، ولعل أبرز هذه التغيرات إقدام الحكومة على فك احتكار سلعة الدقيق التي تستوردها بعض المطاحن وفتح باب الاستيراد لكل الشركات.
ومن ضمن التغيرات التي طرأت على سوق الدقيق بالبلاد، تغير السعر الرسمي لجوال الدقيق الذي كان في بادئ الأمر 125 جنيهاً إلا أنه قفز إلى 135 ثم 155 جنيهاً ثم 180، وتلك هي الأسعار المدعومة قبل أن ترفع الحكومة منذ مطلع العام الحالي يدها كلياً عن استيراد ودعم الدقيق وترك المجال للقطاع للاستيراد بسعر السوق مما رفع سعر الجوال إلى 450 جنيهاً، فباتت المخابز تبيع قطعة الخبز الواحدة بجنيه. وأوقفت الحكومة خواتيم العام المنصرم استيراد الدقيق بعد إجازة مجلس الوزراء لتوصية وزارة الصناعة المبنية على وجود فارق كبير في السعر بين الدقيق المستورد والمنتج محلياً، وطالبت بتوجيه هذا الفارق لدعم الإنتاج المحلي.
وترى وزارة الصناعة أن الاستيراد يجعل المطاحن الوطنية تعمل بطاقات متدنية لا تتجاوز نسبتها الـ 29% من طاقتها التصميمية. ولفتت إلى أن ذلك يرتب ارتفاع تكاليف الدقيق المستورد ووجود فاقد اقتصادي من القيمة المضافة مع فقدان منتجات جانبية مثل العلف والردة وزيادة حجم البطالة.
تساؤلات
يذهب الخبير الاقتصادي، بروفيسر ميرغني ابنعوف في اتجاه عدم وجود جديد في خطوة الحكومة بتوليها استيراد القمح، وقال لـ “الصيحة” إن القمح طالما كانت تسعيرته محررة فعلى الحكومة أن تبين كيف ستستورد القمح، وكم يكلفها الطن وبكم ستبيعه للمواطنين، لافتاً إلى أن الحكومة لا تطبق ما تقوله سياساتها”، قبل أن يشير إلى أن قوت المواطن لا يخضع للتجارة بقدر ما هي مسألة تنظيم لسوق الاستيراد وتمكين المواطن من الحصول على دقيق الخبز بأفضل الأسعار العالمية.
وعزا مختصون تراجع الاستيراد لضوابط إجرائية متمثلة في إكمال عمليات استيراد القمح والدقيق عبر العطاءات والعروض المباشرة وفق أسعار العطاءات بجانب توحيد نافذة الاستيراد عبر المخزون الاستراتيجي ومن تم التخصيص للمطاحن بما يختص بالقمح والدقيق وفق معدل طحن يومي محدد ووفق الاستهلاك اليومي، وتعهد المطاحن بالكميات المحددة، وتخصيص الكمية المطحونة للخبز وليس لأغراض أخرى، إضافة لعمليات الأختام لمعرفة مصادر التسريب.
الصيحة.
خبط عشواء لماذا يستورد القمح ولا ينتج محليا
المشكلة ليست فى من هو الذى يستورد القمح الحكومة ام القطاع الخاص المشكلة تكمن فى توفير العملة الصعبة التى يتم الاستيراد بها
ففى حالة شح العملات الصعبة الحكومة ستلجأ ايضا للسوق الاسود كما هو حال القطاع الخاص ان وفرت له الحكومة الدولار سيفتح اعتماداته المستندية ويورد المبلغ بالعملة المحلية وتمنحه الحكومة العملة الصعبة مقابل عملته المحلية لتتم عملية الاستيراد
فمن اين للحكومة بالعملة الصعبة؟ وهذا يؤكد أن الحكومة تمارس اللف والدوران على المواطن وتدفن راسها فى الرمال لعجزها عن مواجهة المشكلة الحقيقة.
فالفأس وقع فى الرأس وهروب الحكومة عن مصارحة الشعب بحقيقة الوضع المذرى الذى قادتنا اليه سياساتها الخرقاء والعرجاء هو مزيد من صب الزيت على النار ليس الا.
مصيبة كبرى ان تأتى التطمينات من غير ذوى الاختصاص مثل وزير الثقافة والاعلام الذى لايميز بين كوع وبوع الاقتصاد، يحدثنا عن بشريات ودائع وقروض ونحن بدورنا نساله هل هذه الودائع اكبر من الاموال التى تم اهدارها من عائد صادر البترول قبل الانفصال؟ ام انها اكبر من عائد صادر الذهب؟ مما يعنى ان تطميناتك هذى لا تخرج عن كونها تخدير للشارع كى لا يثور عليك اليوم، فالودائع التى تنتظرها هى عبارة عن بندق فى بحر فسادكم الجامح وستتلقفها افواه تماسيحكم طالما هى ودائع استهلاكية لانكم لا تعيرون الانتاج ادنى اهتمام وتظرتكم التى تحت اقدامكم هى التى رمت السودان فى هذه الهوة السحيقة