منوعات

صحيفة بريطانية : سودانيات يبحثن عن سر الجمال في حبوب قاتلة

انتشار ظاهرة إقبال النساء والفتيات على شراء حبوب السمنة ومستحضرات تبييض البشرة رغم تأكيدات الأطباء على خطورتها باعتبار أنها صنعت في لمعالجة الحيوانات.

رغم انتشار مفهوم الرشاقة في صفوف الفتيات السودانيات -إذ أصبحن يحافظن على نحافتهن- إلا أن ظاهرة تسمين البنات استعدادا للزواج ما زالت منتشرة في ريف السودان كما في المدينة رغبة في البحث عن الزوج الذي عادة ما يحب المرأة السمينة.

ولجأت بعض السودانيات إلى الحبوب التي تسمن وتبيض البشرة والمتوفرة في السوق السوداء دون شروط صحية، علما وأن القانون السوداني يمنع ترويج مثل هذه الحبوب دون وصفة طبية وفي غير الصيدليات.

وأمرت محكمة سودانية مؤخرا بتغريم فتاة مبلغ ألف جنيه بعد أن ضُبطت وبحوزتها حبوب تسمين تتناولها دون وصفة طبية، وفي حالة عدم دفع الغرامة تأمر المحكمة بسجنها لمدة شهر.

وتنتشر في السودان ظاهرة إقبال النساء والفتيات على شراء حبوب السمنة ومستحضرات تبييض البشرة، رغم تأكيدات الأطباء المتكررة على خطورة هذه الحبوب التي صنعت في الأساس لمعالجة أمراض تصيب الحيوانات.

وتسمي الفتيات حبوب السمنة بمسميات مختلفة مثل “جاري الشحن” و”أبونجمة” و”أبوصفقة” و”المسجور” و”الجيران اتخلعوا” و”الثورة بالنص”، في حين يطلق عليها الأطباء “جاري السم” نظرا إلى تسببها في عدة أمراض من ضمنها الفشل الكلوي وتعطل الجهاز التنفسي إلى جانب نفخ الجسم. ويتم بيع هذه الحبوب بطرق غير قانونية عبر بعض العطارات وعدد من المحلات التجارية بالعاصمة.

واعترفت الفتاة التي تم القبض عليها وبحوزتها أشرطة حبوب تسمين بأنها تتناول هذه الحبوب بهدف امتلاء جسمها لتزداد جمالا، وتمت إدانتها من قبل المحكمة -تحت المادة “15” من قانون الصيدلة والسموم- بتناول حبوب تسمين دون وصفة طبية.

ويفضل الرجال في السودان المرأة البدينة ذات اللون الفاتح معتبرينها المرأة المثالية الصالحة للزواج، لذلك تحاول الفتيات أن يصبحن جميلات في عيون الرجال باستعمال حبوب لا تخضع للمواصفات الطبية وتتسبب في وفاة العديد منهن.

وتباع هذه الحبوب بشكل غير قانوني في نفس المتاجر التي تبيع مساحيق وكريمات التبييض، وغيرها من أدوات التجميل، حيث تقدم في أكياس صغيرة أو في علب مخصصة للحلوى، تقبل عليها الفتيات دون تقدير الخطر الذي يتهددهن بسبب هذه الأدوية.

حبوب تسميها الفتيات “جاري الشحن” و”الثورة بالنص”، ويسميها الأطباء “جاري السم”

وغالبا ما يجري تجاهل الاسم الطبي لتلك العقاقير، لتُسمى بأسماء جذابة تشير إلى آثارها المتوقعة، وتعد بسيقان متناسقة أو أرداف أكبر. ومن ضمن الأسماء “الأرداف”، و”شكوك أمي”.

وتمتد مكونات تلك العقاقير من محفزات الشهية القياسية إلى أدوية للحساسية تتضمن هرمون الستيرويد والكورتيزون، بما يسببانه من آثار جانبية محتملة.

ومن الصعب تحديد العدد الحقيقي للاتي يتعاطين هذه الحبوب من السودانيات، حيث أن الكثيرات يرفضن الاعتراف بذلك، كما أن تلك الحبوب توزع في القرى الريفية كما الحلوى، وينتهي الأمر ببعض مستهلكات هذه الحبوب إلى أمراض القلب والكبد والكلى.

وقالت امتثال أحمد (طالبة بجامعة الخرطوم) لبي بي سي “توزع تلك العقاقير في القرية مثل الحلوى الرخيصة”، مضيفة “تخشى الفتيات أن يسألهن الصيادلة والأطباء عن الأقراص التي يشترينها من متاجر التجميل، بسبب الخوف من الوصمة الاجتماعية”. وتضيف “أنا أخاف دوما من استخدامها لأني رأيت أفرادا من عائلتي أصيبوا بالمرض، وأصدقاء مقربين مني أصبحوا معتمدين على فواتح الشهية بسبب تلك العقاقير”.

وتابعت “عمتي على وشك الإصابة بفشل كلوي، وذلك بسبب محاولاتها تكبير حجم أردافها”.

وتقول “كل شخص في العائلة يعلم سبب مرضها، ولكنها لم تعترف بذلك، واضطرت إلى وقف تناول العقاقير بأمر من الطبيب”.

ويصنف الصيادلة هذه الحبوب في فئة العقاقير الخطيرة لما تحتويه من هرمون الكورتيزون، الذي يؤدي وجوده بتركيز عال في الجسم إلى توقف إفرازه بشكل طبيعي.

وحين الإقلاع عن تناوله من الممكن أن يؤدي عدم إفراز الجسم لهذا الهرمون إلى توقف عمل الأعضاء، وهذا ما يحدث خاصة للعرائس حديثي الزواج اللواتي يتعاطين هذا الدواء بكثافة لمدة شهر قبل الزفاف، ويتوقفن عن ذلك بمجرد إتمام الزواج، وأحيانا يمُتن بسبب التوقف المفاجئ للقلب أو أعضاء أخرى.

وتنتشر معظم حالات الوفيات بين العرائس اللاتي يخضعن تقليديا لشوط يمتد لنحو شهر من التجميل قبل يوم الزفاف، ثم يتوقفن فجأة عن تناول العقاقير المكسبة للوزن وعن استعمال كريمات تبييض البشرة.

وتقول آمال التي امتنعت عن ذكر اسمها كاملا إنها تشتري بعض الحبوب ليمتلئ جسدها النحيف وقد بدأت تستعملها أول مرة بعد أن أهدتها إياها إحدى صديقاتها، ثم صارت تذهب إلى المحل الذي يبيع هذه الحبوب التي لا تعرف اسمها كما تؤكد آمال قائلة “رغم سعره المرتفع إلا أنه أزاح عني هما كبيرا فقد كنت نحيفة جدا حتى أنني صرت مثار سخرية كل من حولي في الحي والجامعة”.

وربما تلقي الشرطة القبض على التجار غير القانونيين، وتغلق طرق التهريب، لكن الأرباح تظل تغري الصيادلة المخالفين. ولا تزال حبوب كسب الوزن تنتشر في السوق السوداء بالسودان، لكنها تعتبر الشر الأقل شأنا من الحبوب المخدرة.

المصدر: صحيفة العرب بريطانيا