رفضت جامعة الدول العربية عضويتها .. دولة جنوب السودان.. الاحتماء بالحضن العربي
يبدو أن دولة جنوب السودان تعيش صراعاً سياسياً استعصى عليها، فحينما توجهت نحو أفريقيا لم تثمر العلاقة إيجاباً كما أن المجتمع الدولي رفضها واعتبرها دولة فاشلة.. كل تلك المعطيات جعلت الدولة الوليدة تبدأ في مد يدها نحو الدول العربية من أجل الدعم والاحترام.. ولكن حتى هذا التوجه تشوبه بعض العقبات والخلافات الداخلية، ففي الوقت الذي يشير فيه طلب الانضمام إلى العضوية الدائمة إلا أن وزير خارجية دولة الجنوب يقول إنه طلب لعضوية مراقب وليست دائمة.
فحينما عُرضت مذكرة دولة جنوب السودان على مجلس جامعة الدول العربية، في اجتماعه على مستوى وزراء الخارجية العرب في دورته (149) التي عُقدت الأربعاء الماضي، بمقر الأمانة العامة للجامعة في العاصمة المصرية القاهرة للنظر في المذكرة، وإبدء الرأي حولها، إلا أن الاجتماع رفض طلب دولة جنوب السودان الانضمام للجامعة العربية، دون توضيح أسباب الرفض إلا من بعض التسريبات، وزاد على ذلك نفي وزير الخارجية دينق ألور تقديم دولة جنوب السودان لطلب عضوية دائمة في الجامعة العربية، قائلاً في تصريحات صحافية إن الجنوب طالب بانضمامه كعضو مراقب في الجامعة، وليس عضواً دائماً.
حديث سابق
أعلنت الجامعة العربية، بعد انفصال جنوب السودان عن السودان في العام 2011م وتكوينه لدولته الجديدة، أنه من حق الدولة الوليدة الانضام إليها، في حالة استيفاء الدولة الوليدة للشروط المطلوبة للانضمام، والتي في مقدمتها الالتزام بميثاق الجامعة العربية الذي ينص على ضرورة إقرار دساتير دول الجامعة للغة العربية لغة رسمية لها، إلا أن رئيس دولة جنوب السودان “سلفاكير ميارديت” قال في حوار تلفزيوني في العام 2016م، إن العرب يعتقدون أن دولة جنوب السودان ليس لديها رغبة في أن تكون دولة عربية لأنها انفصلت عن السودان، وأضاف حينها، أن بلاده لم تفكر في الانضمام للجامعة، وقال متسائلاً ” لكن لو فكرنا في الالتحاق بالجامعة العربية هل يقبلوننا، وزاد أشك في ذلك، ونحن لا نرغب، إلا أن دولة جنوب السودان تقدمت بطلب الانضمام والذي وجد الرفض من قبل الجامعة العربية في الاجتماع الذي عُقد على مستوى وزراء خارجية العرب في القاهرة الأربعاء الماضي.
رفض وتبرير
بحسب ما أوردته الزميلة (اليوم التالي) عن مصادر دبلوماسية مطلعة بالجامعة العربية، أن الجامعة رفضت في اجتماع وزراء الخارجية العرب والذي عُقد بمقر الجامعة بالقاهرة يوم الأربعاء الماضي، طلب انضمام دولة جنوب السودان إلى عضوية الجامعة، وقالت المصادر التي رفضت الإفصاح عن نفسها بحسب (اليوم التالي) إن الأمين العام للجامعة العربية أحمد أبو الغيط عرض المذكرة التي تقدمت بها حكومة جنوب السودان على المجلس، مضيفاً أن المجلس لم يتفاعل مع الأمر، وأنه رفض الطلب.
وفي اتجاه ذي صلة، نفى وزير خارجية دولة جنوب السودان في حديث للزميلة (التيار) أن تكون دولة جنوب السودان قد تقدمت بطلب للانضمام للجامعة العربية كعضو دائم، مشيراً إلى أنهم تقدموا بطلب للانضمام كمراقب فقط، فيما قال الناطق الرسمي باسم خارجية جنوب السودان (ميوين ماكول) إن خطوة الرفض لم تكن متوقعة، وإن بلاده ترغب في بناء علاقات ثنائية مع البلدان العربية لتعزيز الانفتاح على كافة دول العالم.
قرار مؤسف
ينظر كل شخص إلى طلب انضمام دولة جنوب السودان للجامعة العربية بنظرته الخاصة، خاصة فيما يعني السودان من هذا القرار، فالبعض يراه إيجابياً والبعض الآخر يراه سالباً، وكل جهة تقدم دفوعاتها لما ترى، وفي ذلك رأى المحلل السياسي البروفيسور عبد اللطيف البوني أن رفض انضمام دولة جنوب السودان للجامعة العربية من قبل وزراء الدول الأعضاء يعد أمراً مؤسفاً، وقال البوني خلال حديثه لـ(الصيحة) إن العربية ثقافة ولسان، وليس عنصراً كما يظن بعض العرب، وزاد البوني بأن لغة التخاطب في دولة الجنوب هي اللغة العربية (عربي جوبا)، مشيراً إلى أن اللغة السواحلية تهدد الجنوب من تلقاء دول جواره الأفريقي، وأضاف البوني بأن تلك الخطوة كانت فرصة إذا تم اقتناصها لتمدد الدول العربية وثقافاتها في دولة جنوب السودان.
ووصف البوني عدم إيلاء وزراء الخارجية العرب الاهتمام اللازم بطلب دولة الجنوب يعد امراً مؤسفاً، واصفاً ذلك بالفرصة الضائعة على العرب، وتمنى البوني أن يتبنى السودان أمر انضمام جنوب السودان بالإضافة لدولة تشاد للجامعة العربية لما فيه من المصالح للسودان وللدول العربية، وشدد البوني على أن الثقافة العربية منتشرة في دولة الجنوب، وأن انضمام الجنوب من شأنه أن يعزز من اللغة والثقافة العربية في المنطقة.
قرار منطقي
تعليقاً على رفض الجامعة العربية لطلب دولة جنوب السودان الانضمام إلى عضويتها، رأى العضو البرلماني، القيادي في منبر السلام العادل، العميد ساتي محمد سوركتي، أن رفض الجامعة طلب دولة جنوب السودان قرار طبيعي ومنطقي، وأرجع ساتي ذلك خلال حديثه لـ(الصيحة) إلى فكرة الجامعة العربية التي قامت عليها ودستورها القائم على الروابط التاريخية والثقافية والفكرية، مشيراً إلى أن ذلك غير موجود في دولة جنوب السودان، وزاد بأن هنالك اختلافات بين ثقافة جنوب السودان والثقافة العربية، وأضاف ساتي مسترجعاً، أن تاريخ إلحاق دولة جنوب السودان بالسودان جاء متأخراً، وأن الستين والثمانين عاماً لم تلغِ حقائق الاختلافات الكبيرة والبائنة، وعن موقف السودان من طلب دولة الجنوب، رأى ساتي أن السودان ينبغي ألا يوافق على هذا الطلب، وأضاف بأن وجود دولة جنوب السودان في الجامعة العربية لن يكون إضافة للسودان، وأنه سيكون خصماً، بإعادة الأهداف المعادية للسودان وللمنطقة العربية، وشدد ساتي على أن رفض طلب دولة جنوب السودان قرار صحيح، لجهة أن دولة جنوب السودان غير جاهزة للتفاعل الإيجابي مع المحيط العربي، وتمنى ساتي أن يكون السودان قد لعب دوراً بين القيادات العربية ضد طلب دولة جنوب السودان وأقنعهم بضرورة رفض انضمام دولة الجنوب للجامعة العربية.
الخرطوم: محمد أبوزيد كروم
صحيفة الصحافة
لماذا ؟
أليس الحضن الإسرائيلي دافئا ؟